انفجار مرفأ بيروت.. ماذا كشفت الميادين في الجزء الأول من «رواية الحقيقة»؟


«رواية الحقيقة» وثائقي يعرض حقائق تتعلّق بانفجار مرفأ بيروت، بالاعتماد على وثائق ومستندات، يشرح ويفصّل ويرتّب وينظّم جميع المعلومات التي وردت في قضية مرفأ بيروت، من أجل عرضها للرأي العام.

منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت، وبعد محاولة اللبنانيين تلقُّف الصدمة، خرجت روايات وشهادات ملتبِسة ومشوّشة، تحاول الإجابة عن السؤال الذي لم يجد حلاً بعدُ: مَن فجّر مرفأ بيروت؟ وإذا كان الإهمال، فأين المهملون؟

بدأ التحقيق في انفجار المرفأ، واتخذت القضية بُعدَين: إقليمياً ودولياً، دفعا بعض الأطراف اللبنانية إلى التشكيك في نزاهة الآليات القضائية، والتخوّف من تسييسها من أجل تحويل هذه القضية الإنسانية إلى فرصة للمناوشات والتصفيات السياسية، الأمر الذي يحرم أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين، فضلاً عن الرأي العام اللبناني، من معرفة ما حدث عصر الرابع من آب/أغسطس 2020.

أمام ذلك، يصبح إظهار الحقيقة وإطلاع المتابعين عليها ضرورةً لا تقتضيها مبادئ المهنة فحسب، بل الواجب الأخلاقي، الذي يدفع إلى التورّع عن استغلال دماء الشهداء في المساجلات السياسية والأجندات الـمُعَدّة.

ارتأت "الميادين" أن تعرض وثائقياً يحكي "4 آب"، ويتناول التفاصيل والخفايا المحيطة بانفجار مرفأ بيروت، في قالب تِقْني وموضوعي يعتمد على روايات المختصين وشهاداتهم.

أنجزت شيراز حايك سابقاً سلسلة وثائقية بعنوان ال"العنبر 12" من 3 أجزاء، عرضته شبكة الميادين، وتنجز اليوم وثائقياً بعنوان "رواية الحقيقة - انفجار مرفأ بيروت"، يشرح بإسهاب ماذا يوجد في مرفأ بيروت، وما هو المرفأ وأهميته، وكيف وصلت الباخرة التي تحتوي على نيترات الأمونيوم إلى بيروت؟ من أين أبحرت؟ وكيف استقرت في لبنان؟ ويشرح كيف أبحرت 2750 طناً من "نيترات الأمونيوم" من مرفأ "باتومي" في جورجيا إلى مرفأ بيروت عام 2013، وتسبّبت بانفجار كارثي عام 2020! فماذا حدث؟

يجيب الوثائقي عن عدة أسئلة،أهمها: ما هي شركة "سافارو"، وهل فعلاً هي شركة وهمية، كما قيل في بعض التقارير الإعلامية؟ من هم أصحاب شِحْنة الأمونيوم، ومن هم مستوردوها، وكيف كانت وجهتها؟ هل كانت وجهتها الفعلية بيروت، أم وصلت إليها عبر "الترانزيت"؟ وكيف تم التعاطي معها من الناحيتين، الإدارية والأمنية؟ السفينة "روسوس" كانت موجودة في مرفأ بيروت، وبدأ مالكوها ابتزازَ شركة "أغرو بلاند" للشحن، ومطالبتهم بتسديد مبلغ مقداره 180 ألف دولار أميركي للإبحار من بيروت، لماذا؟

لكن "رواية الحقيقة" يكشف أنه تبيّن، عام 2014، أنّ السفينة "روسوس" تعاني عيوباً كثيرة، وقد يتفاقم وضعها نحو الأسوأ، الأمر الذي استدعى من جهاز الرقابة على السفن رفعَ توصيات تشمل مقترحاً، مفاده ضرورة مغادرة السفينة مرفأ بيروت! لكن عوائق كثيرة حالت دون إبحار السفينة "روسوس" من مرفأ بيروت، كان أبرزها العوائق المالية.

في الـ 21 من تشرين الأول/أكتوبر 2014، حضر الكاتب القضائي زياد شعبان إلى المرفأ، وعاين الرصيف الرقم 9، حيث ترسو الباخرة "روسوس"، والتقى رئيسَ الميناء الذي أفاده بخطورة المواد المحمَّلة في الباخرة، وأنه تجب تهوئة العنبر وإخلاء محيط الباخرة، والعمل على نقل المواد إلى مكان خاص للتخزين، فنُقلت إلى العنبر الرقم 12 في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2014، داخل حرم مرفأ بيروت،وسط تحذيرات بشأن خطورة بقاء النيترات في المرفأ.

الوثائقي "لا يستهدف أحداً، وإنّما يروي الحكاية كما هي، ويرتّب وينظّم جميع المعلومات التي وردت في قضية مرفأ بيروت، من أجل عرضها للرأي العام، لتكون في خدمته وفي خدمة أهالي الضحايا والجرحى وكل من يريد الحقيقة"، بحسب منتجة الوثائقي شيراز حايك، التي أكّدت أن الوثائقي يكشف معلومات "جديدة ومثبَّتة، بالإضافة إلى بثّ مَشاهد جديدة وحصرية".

"ما عُرض في هذا الوثائقي مُغاير للروايات السابقة"

بعد عرض الوثائقي، رأت المحامية بشرى الخليل للميادين أن "ما عُرض مهم جداً، ومُغاير للروايات السابقة بشأن باخرة نيترات الأمونيوم".

وتساءلت الخليل "لماذا التزمت اليونيفيل الصمتَ بعد دخول الباخرة المياهَ الإقليمية اللبنانية، ولم تغادر؟"، ولماذا لم يتم الاستماع الى الرئيس تمام سلام بينما الباخرة دخلت لبنان في أثناء توليه رئاسة الحكومة؟".

بينما قال الصحافي والكاتب السياسي بيار أبي صعب للميادين إن "وثائقي رواية الحقيقة قدَّم معطيات مجردة بعيداً عن سردية الاتهامات والاستغلال"، وإنه يشكّل "تحدياً لمن يريد تزوير الحقيقة وتركيب سيناريوهات لاتهامات سياسية".

واعتبر أن "هناك إهمالاً من قادة الدولة والجيش واليونيفيل الذين كانو يعلمون بشأن الباخرة منذ اللحظة الأولى". ورأى أنه "كان في وسع القضاء اتخاذ مجموعة من الإجراءات بشأن الباخرة، لكنه لم يُقْدِم عليها".

وقال أبي صعب إن "هناك محققاً عدلياً لا ينتبه إلى أنه يلعب بمصير بلد بسبب استنسابية تحقيقاته وعلاقته بالسفارات"، وإن "هناك استنسابية غريبة في التحقيقات في البحث عن المتهَمين".

"لو أن الجيش اللبناني واليونيفيل قاما بدوريهما لما وقع انفجار مرفا بيروت"، هذا ما أكّده الباحث في الشؤون العسكرية العميد شارل أبي نادر للميادين، معتبراً أنه "لو قام القضاء اللبناني بدوره لما وقع الانفجار في مرفأ بيروت، ولو قامت الأجهزة المعنية بواجباتها كذلك لما وقع انفجار المرفا".

وأكد أبي نادر، الذي استبعد فرضية العمل التخريبي، أنّ "لا مبرر مقنع لعدم إعلان التقرير الفني بشأن باخرة نيتيرات الأمونيوم".

تعليقات: