المساكن الجاهزة في القرى الحدودية تبحث عمّن يسكنها

مساكن الجاهزة تبحث عمّن يسكنها
مساكن الجاهزة تبحث عمّن يسكنها


بنت جبيل ـ

عند مدخل مدينة بنت جبيل، عُلّقت لافتة تشير إلى انتقال السوق القديم إلى منطقة «البركة». ففي المكان القديم، لم يعد هناك ما يمتّ إلى السوق بصلة بعد الحرب الأخيرة في عام 2006، وبات البحث عن بديل مؤقّت يحول دون فقدان مئات التجّار رزقهم ويقي عائلاتهم التشرّد. غير أنّ ذلك لم يسعف الكثيرين من التجّار الذين تمنّعوا عن ارتياد السوق المؤقّت والبعيد عن الشارع العام، حيث مقصد الزبائن والممر الرئيسي للقرى والبلدات المجاورة، باستثناء من ضاقت بهم السبل الذين عملوا على فتح 20 محلّاً تجارياً، فيما بقي 230 محلّاً فارغاً.

علاء فرج، أحد هؤلاء الذين ضاقت بهم السبل، وجد نفسه مجبراً على استئجار محلّين من المجلس البلدي بكلفة 200 دولار شهرياً في ذلك السوق، طمعاً بالتجهيزات وخوفاً من العوز، وما عدا ذلك «لا شيء، فهنا لا يزورنا إلا الزبائن الذين اعتادوا علينا، وخصوصاً أنّ المكان مخفي عن المارّة». وإن كان فرج ينزعج من تناقص زبائنه، إّلا أنّ محمد قازان لا يجد مفرّاً من البقاء في هذا السوق بعدما تهدّم محلّه في السوق القديم بشكل كامل، ويعلّق قازان على هذا الأمر بالقول «عصفور باليد ولا عشرة عالشجرة، فنحن هنا لأنّه لا بديل آخر، بانتظار باقي التعويضات لإعادة بناء محالنا للعودة إليها». لكن قرار محمّد لم يكن عامّاً بالنسبة للباقين، إذ فضّلوا استئجار محال في مناطق مجاورة أو في الشارع العام، ما أثّر سلباً على السوق المؤقّت. وأمام هذا الواقع، اتّخذت بلديّة بنت جبيل قراراً يقضي بتأجير المحال المتبقّية «لكلّ من يرغب ولو كان من خارج بنت جبيل».

من السوق المؤقّت إلى داخل المدينة وجوارها، كلّ المعالم تغيّرت، وباتت الميزة الغالبة عليها مشاهد المنازل الجاهزة التي توزّعت بينها وبين عيترون والطيبة ومركبا وكفرا ومروحين، إضافة إلى 40 وحدة سكنية أخرى في تبنين وعيتا الجبل وحداثا وحاريص. وكما في السوق القديم، لا تزال معظم هذه المساكن شبه فارغة، تشبه مستعمرات صغيرة خالية من الحياة، مع فارق أنّ التجهيزات والبنى التحتيّة لم تكن كاملة، ففي بلدة مركبا، تعاني البيوت الجاهزة عدداً من المشكلات. وفي هذا الإطار، تلفت رقيّة زراقط إلى «أنّ المنزل لا يناسب العائلة المؤلّفة من 12 فرداً، فالغرف صغيرة جدّاً والمطبخ لا يتّسع لأكثر من شخص، والحمام لا يصلح للاستحمام، لأنّ المياه تتسرّب إلى باقي الغرف، كما أنّ أرض المنزل الحجرية التي وضع فوقها قماش خاص يصعب استخدام المياه لتنظيفها، لأن الماء يتسرّب إلى القماش، ما يصعب علينا إزالته». وبعيداً من الوضع غير اللائق لتلك المنازل، يواجه غالبيّة سكّانها صعوبة التنقّل لشراء الحاجيات، بسبب بعدها عن الأسواق وعن الشوارع الرئيسيّة للبلدة. في هذه البلدة، رُكّب ثلاثون منزلاً، إلّا أن قاطنيها لم يتخطّى 6 عائلات، فيما بقيت المنازل الأخرى فارغة. أمّا في بلدة عيترون، فلا أحد تجرّأ على المكوث في «المستعمرة» الجاهزة المؤلّفة من 48 مسكناً، بسبب بعدها عن وسط البلدة مئات الأمتار، وقد استخدم بعضها البدو الذين سرعان ما تركوها «بسبب صعوبة العيش فيها». ولذلك يجري العمل لتستخدمها الأندية الكشفية. كذلك الحال في بلدة الطيبة، حيث لم تُجهّز مساكنها بشكل كامل وهي شبه مهملة، لأن الأهالي لا يرغبون في الإقامة داخلها، وخصوصاً أنّ جميعها شيّدت في العراء.

تعليقات: