بعد العاملات المنزليّات، اللبنانيّون يواجهون أزمة النواطير.. لا أمن ولا أمان

عاملة أجنبيّة
عاملة أجنبيّة


أرخت الأزمات التي تعصف بلبنان بظلالها، ليس فقط على اللبنانيين، بل على كلّ من يسكن هذا البلد، فلم تترك أحدًا من دون أن تؤثّر على وضعه الاقتصاديّ والاجتماعيّ، لاسيّما الطبقة التي في الأساس كانت فقيرة، فكيف بعد أن هبطت قيمة الليرة إلى مستويات لم يشهد لها مثيل... من المتضرّرين من الأزمة نواطير المباني المضطرّين إلى إرسال الأموال إلى أهلهم في الخارج، وبالدولار، ما يعني أنّهم يواجهون ما واجهته العاملات المنزليّات من صعوبات، دفعت بمعظمهنّ إلى المغادرة... فما هي أبعاد ترك #النواطير عملهم؟ وما المخاطر التي تنتظر اللبنانيين إذا فقدوا العين الساهرة على أمن مبانيهم؟

حال نواطير المباني ليست واحدة، فمنهم من يحمل الجنسيّة السوريّة، الذي يجد نفسه مجبرًا على البقاء في لبنان، كونه يخشى العودة إلى بلده، والمصير الذي قد يواجهه من بطش النظام، معظم هؤلاء غير مجبر على إرسال الأموال إلى سوريا، كون عائلته تسكن معه في لبنان، أمّا الذين يحملون جنسيّات أخرى كالعراقيّة، المصريّة، السودانيّة، البنغلادشيّة، الأثيوبيّة، وغيرها فمعظمهم لم يعد الراتب يكفيه للاستمرار في العمل، لذلك فضّل العودة إلى بلده.


فقدان الأمن والأمان

أكثر ما يُقلق منى سعيد كما قالت لـ"النهار"، "تراجع الأمن الاجتماعيّ، وعدم وجود ناطور في المبنى الذي أقطنه في طرابلس، ما يجعلني وعائلتي نشعر بعدم الأمان، إذ لا سيطرة على من يدخل المبنى، وإن كان فعلًا يقصد شخصًا، أم من أجل المراقبة كخطوة أولى، للقيام بسرقة أو "تشليح" أو حتّى ارتكاب جريمة. من هنا ضرورة وجود شخص يراقب بشكل دائم الداخل والخارج، لكي نتخلّص من القلق الذي نعيشه"، مضيفة "بعدما غادر الناطور الذي كان يحمل الجنسيّة البنغلادشيّة، أصبحت مضطرّة أن أقضي أموري وأمور عائلتي، فإن احتجت ليلًا على سبيل المثال، إلى دواء، أحاول جمع قواي وطرد الخوف والقلق، هذا إن اسعفتني شجاعتي لأتوجّه لشرائه، إذ أخشى من أن أتعرّض إلى موقف لا تُحمد عقباه".

كما أنّه من العادات التي أُعيد إحياؤها بعدما أصبحت المباني من دون نواطير "الحبل والسلّة"، قالت سيرين شارحة "لم أعد أؤمّن أن أفتح الباب حتى لـ"الدليفري"، أطلب منه الاتّصال بي عند وصوله أسفل المبنى لأستلم الأغراض منه عبر السلّة وإيصال المال له".


خوف وقلق

في الوقت الذي بدأت نسبة السرقات ترتفع نتيجة الفقر والعوز، أصبح عدد كبير من اللبنانيين من دون نواطير تحمي ممتلكاتهم وأمنهم، حيث لا يكاد يمرّ يوم من دون توقيف سارق، لا بل وصلت وقاحة اللصوص إلى محاولة الدخول إلى المنازل وسكّانها نائمون فيها، عن ذلك علّقت ريان زغلول التي تسكن في الطريق الجديدة في حديث لـ"النهار" "منذ أشهر عدّة، غادر الناطور الذي يحمل الجنسيّة السودانيّة بعد رفض لجنة المبنى الذي نقطنه رفع راتبه المحدّد 350 ألف ليرة، فقبل الأزمة كان راضيًا به، كونه يعمل خلال النهار في محلّ لبيع المياه، وفي الليل كان يجمع النفايات من المبنى، ومرّة واحدة في الأسبوع كان ينظّف السلالم، أي أنّه كان يعتبر نفسه يوفّر بدل إيجار منزل، ولكن بعدما ارتفع سعر الصرف وتمّ توقيفه من العمل، أصبح من المستحيل أن يبقى في لبنان براتب يعادل 21 دولارًا اليوم، غادر لنبقى في الليل من دون حارس يحول دون تسلّل اللصوص، سواء إلى موقف المبنى لسرقة الدراجات أو حتّى إلى الشقق"، لافتة إلى أنّه "طلبت اللجنة من أصحاب الشقق أن يرموا النفايات الخاصّة بهم، وأن ينظّف كلّ واحد منهم الدرج أمام منزله، إلى حين تحسّن الوضع، أضيف إلينا عمل جديد وهمّ إضافيّ وقلق لا حدود له".


حاجة مُلحّة

كذلك يواجه عدنان المصري، الذي يسكن في قصقص المشكلة نفسها، وبحسب ما قاله لـ"النهار" "عندما كان لدينا ناطور مبنى كنت أخشى على دراجتي النارية من السّرقة، لا بل سُرقت في إحدى المرات، كما جرت محاولة سرقتها قبل فترة فكيف الآن"؟ وأضاف "ليس باستطاعة السكان رفع الراتب الشهريّ للناطور الذي كان يحمل الجنسيّة المصريّة، إذ بالكاد يمكنهم تأمين قوت يومهم، رحل ليصبح المبنى أشبه بالمحلّ المخلّع الأبواب، لا أمن ولا أمان" مشدّدًا "على الرغم من أنّ أمور #التنظيف مهمّة لكن من الممكن أن يقوم بها السكان، لكن من يراقب حركة الدخول والخروج، الناطور حاجة ملحّة حرمنا منها أهل السلطة".


تسويات منعًا من الانفلات

ومع ذلك هناك عدد كبير من لجان المباني التي توصّل أعضاؤها إلى حلول مرضية مع النواطير، كي لا يُشرَّع المبنى أمام الغرباء من دون رقيب، منهم من سمح لهم بالعمل خارجًا خلال النهار على أن يلتزم غرفته عند الغروب، ومنهم من زاد راتبه إلى حدّ يمكّنه من البقاء، كما هو الحال في مشروع سكنيّ في المنصوريّة مؤلف من 9 مبانٍ، حيث كان راتب الناطور كما قالت إحدى سكّانه لـ"النهار" مليون و800 ألف ليرة، إضافة الى 10 آلاف يحصل عليها من كلّ شقّة بدل جمعه النفايات، أي ما يعادل الـ900 ألفًا شهريًّا، عدا عن الإكراميات التي يحصل عليها عند تلبية طلبات السكان".

الكلمات الدالة

تعليقات: