مزارعو القمح نادمون

قمح البقاع نحو الكساد؟
قمح البقاع نحو الكساد؟


مزارعو القمح في البقاع نادمون. فبعدما كانوا قد رفضوا عرض السماسرة شراء محصولهم قبل أوان حصاده، رابطين قبولهم برفع السعر المعروض لاسترداد كلفتهـم مـن دون أن يقعوا في الخسارة، تأكّدوا اليوم أنّ وزارة الاقتصاد لن تستلم منهم المحصول، كما أنها تمنع تصديره إلى الخارج

البقاع ــ

ما نشرته «الأخبار» سابقاً عن أن ما يفوق 20 في المئة من الأراضي المزروعة قمحاً في سهل البقاع تُشترى قبل أوان حصادها، من تجار عراقيّين وأردنيّين، تنجلي صورته اليوم: ففي موسم الحصاد يُعمل على تهريب القمح والتبن بـ«طرق خاصّة» إلى الخارج، فيما ترفض وزارة الاقتصاد تسلّم المحصول.

المسألة تقلق المزارعين من الكساد، حيث لا قدرة لهم على تكديس الإنتاج وتخزينه في ظلّ انتظارهم الموسم لدفع الديون المتوجبة عليهم جراء التكاليف الباهظة لهذه الزراعة، وخصوصاً بعدما شهد الشتاء الماضي شحاً في المطر، ما رفع من عدد ساعات الري في ظل ارتفاع أسعار المازوت والأدوية والسماد.

والمشكلة تتفاقم، ومعها تعلو صرخات المزارعين في سهل البقاع. فوزارة الاقتصاد تعتمد على القمح المستورد وتدعمه، تاركة المزارع أمام معضلة البحث عن مخارج لأزمته، حيث يُقدّر محصول القمح في البقاع بـ70 ألف طن من المساحة المزروعة، التي يقدّرها المزارعون بـ125 ألف دونم.

وفي هذا الصدد، يعرب المزارع سامي القرعوني عن ندمه لأنّه لم يبع محصوله إلى العراقيين ليستريح من أعباء الديون عليه. ويبرّر عدم قبوله البيع بأنّه لم يتوقع تخلّي الدولة عن الإنتاج اللبناني لأهم مادة أساسية في الحياة. ويقول: «حتى اللحظة لم تبادر وزارة الاقتصاد إلى جدولة الكميّات المزروعة، كما أنّها لم تحدّد حتى الآن السعر، وهذا يوضح أنّها لن تستلم منّا القمح». ويشير إلى أنّ الإنتاج هذا العام متدن لأنّ الدولة لم تقم بما هو واجب عليها برش المبيدات بواسطة طائرات الجيش، ما أكثر من الحشرات التي تأتي على السنبلة.

من جهته، يؤكّد المزارع عبد الحليم المجذوب أنّ زراعة القمح ليست مربحة كما باقي المزروعات، بل تُعتمد كونها تريح الأرض من سماد الدرنيّات. ويشرح أن كلفة الدونم الواحد أصبحت حتى اللحظة 200 دولار، و«من واجب الدولة أن تحمي هذه الزراعة، وأن ترشد المزارعين وتؤمن لهم البذار المؤصل». ويؤكّد أنّ ما حفّزه على تكثيف زراعته هذا العام هو اعتقاده أنّه «بعدما رأينا أزمة القمح في العالم وأزمة الطحين في لبنان، لن تستسلم الدولة للمستورد وتترك الأرض بوراً». ويشير إلى أنّه لا يمكن أن يبيع القمح في السوق الحرّة ما دامت المطاحن تجد ربحها الوافر في الطحين المدعوم.

إلى ذلك، يرى رئيس نقابة مزارعي وفلاحي البقاع، إبراهيم الترشيشي، أنّ المشكلة هي في أداء وزير الاقتصاد سامي حداد وسياسته الاقتصادية الخاطئة التي تهدف إلى تهجير المزارع من أرضه لتودّي به إلى حزام البؤس حول المدن. ويقول: «الوزير لم يقل إن الوزارة ستستلم القمح من المزارعين، ولم تعطِ أيضاً تسعيرة، كما لم تحضر لجان الإحصاء والاستلام... ومن الطبيعي أن المطاحن لن تشتري من المزارعين، لأنها تشتري من الدولة (القمح) المدعوم. وهذا ما يوقع المزارعين في خسارة وتشرّد بسبب الكساد الذي سيحلّ بهم، وخصوصاً أنّه ممنوع تصدير الحبوب والأعلاف. فالبضاع ستتكدّس وستتدنّى أسعارها»، مشيراً إلى أنّ هذا التوجه الاقتصادي يقضي بالتخاذل وترك المزارعين يستسلمون للرياح تحت شعار «الوزير»: إغراق السوق بالإنتاج حتى ترخص الأسعار.

تعليقات: