عدنان سمور: تفكيك شيفرة مشروع الهيمنة الأميركي على المنطقة الجزء(1)


كثيرا ما يخطر في البال ما الذي يميز اسلوب وتكتيكات واستراتيجيات محور المقاومة؟ حتى تمكن هذا المحور من التأسيس للإنتصار على مشروع هيمنة عالمي عمره مئات السنين ويمتلك خبرات وثروات وأسلحة وتقنيات تفوق التصور.

وبهذه القدرات استطاع محور الهيمنة الغربي ان ينتصر على كل من واجهه أو شكل عائقا في وجه مشروع هيمنته على الشعوب وثرواتها منذ ما يزيد على المئتي عام بينما تبدو اليوم على هذا المحور إمارات الضعف والتراجع وتكرار الأخطاء وفقد السيطرة على البلاد والعباد خاصة في منطقة محور المقاومة في غرب آسيا،ونجده كلما حاول إستعادة المبادرة لفرض هيبته وهيمنته وإرعاب الشعوب لإخضاعها لسياساته وإملاءآته يفشل ويتراجع وينكسر.

وللإجابة على هذا السؤال لا بد من الدخول إلى غرفة عمليات محور المقاومة في منطقة غرب آسيا والتي يديرها ويرسم استراتيجياتها منذ 32 عاما أحد تلامذة الإمام الخميني النجباء السيد علي الخامنئي الذي إكتشف باكرا أنه يتعذر الإنتصار على مشروع الهيمنة الغربي بقيادة اميركا دون فهم طبيعته وآليات عمله التي يستخدمها وبدون فهم طبيعة الادوات التي يوظفها في داخل الدول التي يستهدف إخضاعها والهيمنة عليها؟وما هي برامج عمل هذه الأدوات؟

ولفهم كل تفاصيل هذا المشروع وما هي مكوناته أنشأ السيد الخامنئي وحدة خاصة مؤلفة من مجموعة من الخبراء والمختصين الذين عملوا لمدة عشر سنوات متواصلة حتى تمكنوا من الفهم الدقيق لخطط ومشاريع الولايات المتحدة الأميركة للهيمنة وتفكيك شيفرة هذا المشروع الذي يستهدف حزب الله لبنان نظرا لأهمية ومركزية تجربة حزب الله داخل محور المقاومة وتمكن هذا الفريق من تفكيك كامل شيفرات مشروع الهيمنة هذا بعناية وتدبر فائقين وشكلت خلاصة ابحاثهم ودراساتهم المعمقة تقريرا ضخما يحتاج إلى مدة50ساعة لشرحه واستعراض المعلومات والمعطيات التي تضمنها وقد قام هذا الفريق بمطابقة هذه الخطة المعتمدة من قبل الأميركيين على اساليبها المعتمدة في52بلد إسلامي وكانت الهند من جملة هذه الدول وبذلك إتضح المشروع الاميركي وبانت منطلقاته ومَن هم منظروه وما هي شبكة علاقاته التي يعتمد عليها وما هي اليات عمله التي يعتمدها وما هي هيكلياته الإدارية الحاكمة وما هي مصادر تمويله.

-ويمتلك الفريق الذي عمل على تفكيك شيفرة مشروع الهيمنة الأميركي في المنطقة اليوم ما يزيد على25.000وثيقة تتعلق بمشروع الهيمنة الغربي على العالم الإسلامي الثوري.

وقد تبين لفريق البحث المكلف بإستيعاب وفهم ماهية ومكونات مشروع الهيمنة الاميركي أن العوامل التي دفعت اميركا لوضع برنامج هذا المشروع هي التالي:

1-تقدم مشروع المقاومة في لبنان ومراكمة الإنجازات والإنتصارات في مقابل تراكم الحروب الصهيونية الفاشلة على لبنان وتحول حالة المقاومة في لبنان إلى نموذج يحتذى لنهضة شعوب المنطقة الأمر الذي أحيا مجددا مشروع المقاومة الفلسطينية من خلال تحرر غزة ونشوء جبهة مقاومة متماسكة فيها إضافة للإنتفاضة التي استطاع أن يبتكرها ويبدعها الشعب الفلسطيني الأعزل والمظلوم بشكل ادهش الصهاينة والعالم.

2-استمرار عمليات المقاومة في أفغانستان على أثر إحتلالها من قبل الولايات المتحدة الأميركية ردا على هجمات11أيلول

2-تفاجؤ القوات الأميركية الغازية للعراق بنشوء مقاومة عراقية جادة ومدعومة من الجمهورية الإسلامية بدأت تهدد أطماع الأميركيين في ثروات العراق وأخطر ما في هذه المقاومة أنها ترتكز إلى جذور تاريخية أصيلة وقد أيقظها الغزو الأميركي كما كتب بول برايمر رئيس الإدارة الأميركية في العراق في التقرير الذي أرسله إلى إدارته وتوقع فيه أن تتضخم هذه المقاومة بمرور الوقت وتشكل خطرا حقيقيا على الوجود الأميركي في العراق.

خطة هيمنة اميركية متسرعة

أمام هذه العوامل الضاغطة والتي توحي بتشكل محور مقاومة متواصل وممتد من أيران على شواطىء المحيط الهندي إلى فلسطين ولبنان وسوريا على شواطىء المتوسط،سارعت الولايات الأميركية بتكليف منظمة أميركية أساسية تدعىRandقامت بوضع تقرير مؤلف من530صفحة عنوانه(العالم الإسلامي بعد11أيلول-تغيير المسار)

سنشرح في مقال خاص لا حقا أهم توصيات هذا الكتاب نظرا لأهميتها في إيضاح مشروع الهيمنة الذي هو موضوع بحثنا

كما إجتمع 53من كبار الخبراء الأمنيين الأميركيين ووضعوا وثيقة إستغرق العمل في وضعها مدة ثلاثة أشهر وصدرت في شهر تشرين الأول عام2003عنوانها تغيير الأفكار وقد إعتقد الأميركيون بداية أن هذه الوثيقة سرية وتبين لهم لاحقا أنهم مخطؤون.

ركزت هذه الوثيقة على تغيير الأذهان تمهيدا لتغيير السلوك والإخضاع لاحقا وذلك من خلال وضع مناهج التدريس للدول المستهدفة وخاصة برامج التدريس الدينية

ووصل الفريق الإيراني العامل على كشف شيفرة مشروع الهيمنة الأميركي إلى إستنتاج أن الإدارة الأميركية التي ينظر إليها المجتمع الدولي وكأنها كاملة الأوصاف في التخطيط الإستراتيجي لم يكن لديها الوقت الكافي لإبداع سياسات جديدة ومبتكرة في محاربة ومواجهة محور المقاومة لذلك إضطرت إلى استخدام اساليبها السابقة التي لا تراعي تغيرات العصر وطبيعة ومميزات المجتمعات التي تستهدفها فأنتجت خطط قديمة مصاغة بأسلوب جديد وكانت هذه الخطط ضعيفة إكتشفت اميركا عيوبها وضعفها بالتجربة على أرض الواقع.

وفيما يلي نقدم ملخصا لهذا المشروع الذي يهدف لإخضاع شعوب المنطقة والهيمنة عليها.

مجلس الأمن القومي الأميركي

-يمثل هذا المجلس أعلى سلطة نظامية تقريرية في أميركا وهو يمثل المستوى الإستراتيجي الأول المسؤول عن وضع السياسات العامة لمشروع كبح محور المقاومة،ويجتمع مرتين في الأسبوع،ومدة كل إجتماع ثلاث ساعات،تبلغ حصة الشرق الأوسط من هذا الإجتماع45دقيقة.

-يوجد في أميركا16جهاز مخابرات يعتبر جهاز الC.J.A أصغرها،ويشكل مسؤولو هذه الأجهزة مجتمعين أعضاء في مجلس الأمن القومي،يضاف إليهم رئيس أركان الجيش الأميركي.

-يصدر مجلس الأمن القومي الأميركي كل أربع سنوات(أي كل فترة رئاسية)وثيقة إستراتيجية للأمن الأميركي تتضمن تشخيصا لأهم المخاطر التي تواجه الأمن الأميركي ومقترحات مشاريع لإحتواء أو القضاء على هذه المخاطر.والملفت في هذه الوثيقة أن تركيزها فيما يرتبط بالعالم الإسلامي يتمحور حول كبح محور المقاومة ولا يهتم هذا التقرير لكل ما يجري في العالم الإسلامي خارج محور المقاومة وهذا ما يدل على خطورة المشروع الذي يمثله محور المقاومة على الأمن الإستراتيجي الأمريكي.

-تذكر الوثيقة الإستراتيجية الصادرة عن مجلس الأمن القومي الأميركي انه يوجد تحديين أساسيين في العالم هما محور المقاومة الإسلامية وهو الأخطر ومحور النمو الإقتصادي الصيني الذي يعتبر أقل خطرا من المحور الأول.

-تتحول هذه الوثيقة الصادرة عن مجلس الأمن القومي الأميركي إلى الإدارات الأدنى ليتم تحويلها إلى خطط وبرامج عمل قابلة للتطبيق برعاية وإشراف وإدارة وزارة الخارجية الأميركية.

وزارة الخارجية الأميركية

تمثل المستوى الإستراتيجي الثاني في إدارة مشروع كبح محور المقاومة،وتتولى بشكل أساسي إدارة حرب الإرادات مع أعداء أميركا وتضم أربع معاونيات مهمتها مختصة في المساعدة على كبح جهود محور المقاومة.

-تستعين وزارة الخارجية الأميركية بمنظمات أميركية كما تستعين بالإتحاد الأوروبي لتوجيه 60 منظمة دولية لمحاربة حزب الله كما توظف منظمات مصرية وأردنية وسعودية لتتعاون أيضا مع هذه المنظمات الدولية الستين.

منظمات المجتمع المدني الدولية

تتألف من مئة منظمة دوليةN.G.Oعلى مستوى العالم،وتمثل هذه المنظمات المستوى الثالث العملياتي(1)في مشروع كبح محور المقاومة.

منظمات المجتمع المدنيN.G.O

تتألف هذه المنظمات من كافة الأدوات والأفراد والمنظمان العاملة في البلد المستهدف والمتعاونة مع المنظمات ال164سابقة الذكر وتشكل المستوى الرابع العملياتي(2) في الهيكل الإداري لمشروع كبح محور المقاومة،وتستخدم الولايات المتحدة الأميركية منظمات المجتمع المدني في الدول المستهدفة كواجهات لتمرير سياساتها مستخدمة شعارات إنسانية تصاغ بأسلوب يجذب الجمهور ويكون ظاهرها بريء ويوهم المجتمع المستهدف ويستدرجه للوقوع في الأهداف التي رسمت في الغرف السوداء وفي المراكز الأمنية المعقدة التي يصعب رؤية بصماتها في المشاريع التي يظهر أن منظمات المجتمع المدني هي التي تديرها وتمولها بكل حرص وشفافية وإخلاص من أجل خدمة الناس الذين غالبا ما يكونوا بحاجة إلى المساعدة.

-من الشعارات التي تستخدمها منظمات المجتمع المدني في لبنان مثلا(للأمل للحياة للبنان)

-في الحلقة القادمة إن شاء الله سنتحدث عن اهم برامج وسياسات واساليب عمل منظمات المجتمع المدني وتوصيات الخبراء الإستراتيجيين المشرفين على مشروع كبح محور المقاومة

عدنان إبراهيم سمور

باحث عن الحقيقة

19/08/2021

تعليقات: