الخناق يشتدّ واللبنانيّون في العتمة.. لعنة نفاد المازوت تفجّر الاحتجاجات في المناطق

قطع طريق الأوزاعي
قطع طريق الأوزاعي


لم يعد بإمكاننا إحصاء الأزمات التي تضربنا، حيث باتت اليوم اللائحة بالجملة، على وقع أسوأ انهيار اقتصادي في تاريخ البلد، وسط انعدام للحلول بفعل عمق الأزمة السياسية. اللبنانيون يغرقون في العتمة نتيجة عدم قدرة أصحاب المولّدات على إيجاد المازوت ومجاراة تقلّبات الدولار وسط تخبّط في أزمة محروقات خانقة تزيد موجة الحرّ من حدّتها.

وعقب أزمة البنزين وطوابيرها التي شلّت المواصلات وقطعت الطرقات وأوصلت البلاد إلى فوضى أمنية واجتماعية متنقلة بين محطات الوقود، ها هي اليوم أزمة انقطاع مادة المازوت تلقي بثقلها على المواطنين و يبدو أنّها ستكون أكثر دويّاً وسط الحديث عن كارثة صحيّة محتملة.

إلى ذلك، عمد شبّان محتجّون من بلدتي ميفدون وشوكين إلى إقفال الطريق العام الذي يصل النبطية بمنطقة صور عند مفترق درب القمر، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة وتوقف مولدات الاشتراكات عن منازلهم بحجة نفاد مادة المازوت في ظل تقنين قاس للتيّار الكهربائي، وأقفلوا الطريق بسياراتهم، الأمر الذي تسبّب بزحمة سير خانقة، وردّدوا هتافات تندّد بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة وفقدان مادتي البنزين والمازوت.

وحضر إلى المكان النائب هاني قبيسي واستمع إلى مطالب المحتجّين وخاطبهم قائلاً: "أنا أضم صوتي لأصواتكم وصرختي لصرختكم، ونحن نعيش المعاناة مع أهلنا، ولكن للأسف نحن أمام دولة غبية وطائفية، غير مهتمة بشؤون مواطنيها ولا تسعى لإيجاد الحلول السريعة لما يعانونه، نحن اليوم ضد قطع الطرق لأنه عمل يضر بأهلنا جميعاً، ومن يسرق أموال البنك المركزي ويهدد برفع الدعم عن المازوت وغيره لا شأن له بما يحصل على الأرض، لذا علينا أن نصبر قليلاً لنتجاوز هذه الأزمة ونحاول مساعدة أهلنا ونبتعد عن الفوضى التي بشرونا بها في عام 2006".

كما قطع عدد من المحتجّين طريق الأوزاعي بالاتجاهين وكذلك الطريق عند مدخل برج حمود.

ووقع إشكال بين عدد من الشبّان في برج حمود وشركة "كورال"، احتجاجاً على ما أسموه "احتكار مادتي البنزين والمازوت".

وفي الشأن عينه، تجمّع أهالي الجديدة وسد البوشرية في ساحة الجديدة، وقطعوا الطريق احتجاجاً على انقطاع الكهرباء وأزمة المولدات.

أفاد مراسل "النهار" عن قطع أتوستراد بيروت - طرابلس في الميناء مقابل الفرّي عل خطيّن.

وتكرّر المشهد في دوحة عرمون.

وما إنّ انتشرت المعلومات المتضاربة حول رفع الدعم عن المحروقات، حتى راح المواطنون يتهافتون على محطات الوقود، بعد أن شهدنا صباح اليوم، سقوط قتيلين من منطقة باب التبانة في طرابلس، هما حسين جابر وعلاء الأحمد نتيجة إشكال مسلح وتبادل لإطلاق النار في منطقة البداوي على خلفية بيع وشراء مادة البنزين في السوق السوداء، ما ينذر بالأسوأ.

وفي هذا الشأن، أكّد جورج البراكس، عضو نقابة أصحاب المحطات، في حديث لـ"النهار" أنّ "الطوابير عادت إلى وتيرتها السابقة بسبب المعلومات المتضاربة عن رفع الدعم"، نافياً هذه المعلومات التي شدّد على أن "لا أساس لها من الصحة، لأن هكذا قرارات تستوجب دراسات مسبقة، ومهلاً زمنية تماماً كما حصل مع تخفيض الدعم عن المحروقات في وقت سابق".

يُذكر أنّ السوق تشهد نقصاً حادّاً في كميات المازوت، في وقت أعلنت المديرية العامة للنفط أنها ستوزّع المادة اليوم على المستشفيات التي أضحت مهدّدة بالإقفال.

ولاحقاً أوضح المكتب الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر أنّ الاجتماع الذي سيعقد غداً الثلثاء بينها وبين الوزيرين ريمون غجر وراوول نعمة وحاكم مصرف لبنان سيكون للبحث في البطاقة التمويلية، وليس لرفع الدعم عن المحروقات.

تعاني الأفران بدورها من أزمة شحّ المازوت، المادّة الضرورية لتشغيل المولّدات خلال ساعات التقنين. ورغم أنّ وزارة الطاقة قد أمّنت لها البطاقات التي تخوّلها الحصول على المازوت لصناعة #الخبز، إلّا أنّ خطوط الإنتاج في الأفران متعدّدة وتحتاج إلى كمّيات أكثر من المادّة.

أوضح أحد المديرين في "أفران الأمراء"، أنّهم بحاجة شهرياً إلى ما يفوق الـ30 ألف ليتر من المازوت. "لكننا نؤمّن نحو 17 ألف ليتر فقط بسبب الأزمة". لذلك تلجأ أفران الأمراء إلى السوق السوداء لتأمين حاجاتها من المازوت. فصحيح أنّ مخزون أفران الأمراء لم يصل إلى مستويات خطيرة وحَرجة، لكنّ الإدارة خفَضت الإنتاج بنسبة تراوحت ما بين الـ15 في المئة والـ20 في المئة.

أما أفران الـ"مولان دور"، فأوضح مديرها ورئيس نقابة أصحاب صناعة الخبز أنطوان سيف، أنّهم "بحاجة إلى 350 ألف طنّ متري من المازوت خلال الشهر الواحد، ولا نتمكّن سوى من تأمين نحو 20 ألفاً إلى 25 ألف طنّ متري لا تكفي إلّا لـ48 ساعة، وذلك بعد نفاد احتياطنا من المازوت بحجم 250 ألف طن"، لذلك انخفض إنتاج الخبز بنسبة 50 في المئة.



تعليقات: