حصار أمني وتشبيح حزبي يرافقان ذكرى 4 آب


أحيا اللبنانيون ذكرى تفجيرهم في مرفأ بيروت، فكانوا على الموعد يوم 4 آب. حضروا بعشرات الآلاف، من بيروت والشمال والجنوب والبقاع، على الرغم من كل التشويش السياسي والأمني في البلاد. فتأتي الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ لتكوّن محطة شعبية جديدة، يتم فيها التأكيد على عدة عناوين، ومنها:

أولاً، دعم المحقق العدلي في الملف، القاضي طارق البيطار.

ثانياً، التمسّك بالعدالة وكشف الحقيقة وإحقاق العدالة.

ثالثاً، كل المسؤولين المدعى عليهم مشتبه فيهم إلى أن يثبتوا العكس من خلال المثول أمام القضاء.

وإضافة إلى عنوان جديد، لا بدّ من الإشارة إليه وهو أنّ كل أحزاب السلطة الحالية، وبغض النظر عن موقفها من ملف المرفأ ومن العهد المسيطر، هي أحزاب تشبيح وبلطجة.

العنصر الأمني

لم يكن مفاجئاً السياق الذي رسمته القوى الأمنية لمواكبة ذكرى 4 آب. يعرف القيّمون وأصحاب القرار السياسي لهذه الأجهزة حجم الغضب والاحتقان الذي ولّده انفجار المرفأ في نفوس اللبنانيين. كما أنهم يعرفون تماماً أنّ العرقلة المستمرة للتحقيقات وتمييع طلبات المحقق العدلي لاستجواب مسؤولين سياسيين وأمنيين يساهمان أيضاً في مضاعفة هذا الاحتقان وهذا الغضب. فعملت القوى الأمنية والعسكرية على إقفال مختلف مداخل ساحة الشهداء، إضافة إلى منطقة الكرنتينا، وأجبرت المشاركين في الذكرى على سلوك طرقات محدّدة.

حواجز وفبركة

وأقام الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي سلسلة من الحواجز على طول المدخل الشمالي لبيروت، من الكرنتيا إلى ضبيه والزوق. حيث علمت العناصر الأمنية على تفتيش المتوجّهين إلى وسط بيروت تفتيشاً شخصياً، كما قامت بمصادرة بعض الأقنعة المخصصة لمواجهة الغاز المسيل للدموع. كما أشار ناشطون آخرون إلى أنّ بعض العناصر "التقطت صوراً شخصية لركاب الباصات، وتم فرز عسكريات لتفتيش النساء". أما الأهم على المستوى الأمني، فكان الخبر الذي نشره حساب الجيش اللبناني على "تويتر" وأشار فيه إلى أنه تم ضبط أسلحة وقنابل يدوية بحوزة عدد من الأشخاص المتوجهين إلى بيروت. وهو ادّعاء تبيّن زيفه في وقت لاحق، إذ أنّ الصورة المنشورة مع الخبر تعود إلى تاريخ 23 تشرين الثاني 2014. مع العلم أنّ الصورة التي نشرها الحساب الرسمي تظهر "جيليه" عسكرية تحمل شعار حركة أمل، وأعاد القيّمون على الحساب واقتطعوا هذا الجزء من الصورة في وقت لاحق.

القوات اللبنانية.. شبيحة

وتصدّر اليوم حزب القوات اللبنانية مشهد التشبيح والاعتداء على الناس المشاركين في ذكرى 4 آب. فاعتدى عدد من أنصار القوات على أحد الناشطين بالقرب من تمثال المغترب، لاعتراضه على رفع الأعلام الحزبية وترداد الشعارات الحزبية. فاقترب منهم وطلب رفع العلم اللبناني لكون المناسبة هي مناسبة وطنية جامعة، وهو ما لم يحلو لبعضهم فتم الاعتداء عليه بشكل مبرح. وفي وقت لاحق، انسحبت مجموعات من القواتيين إلى داخل منطقتي الجميزة ومار مخايل، حيث عملوا على رصد الجموع المتوجّهة إلى المرفأ. وخلال مرور مسيرة تضمّ أنصار من الحزب الشيوعي اللبناني، حاول عدد من القواتيين قطع الطريق أمامها، فحصل اشتباك بالأيدي تطوّر إلى رمي متبادل للحجارة واعتداءات متبادلة. كما تمّت محاصرة بعض شبان الحزب الشيوعي بالقرب من مخفر الجميزة، لتتدخل القوى الأمنية وتطلق النار في الهواء وتعمل على إخراج الناس من الشارع. ونجم عن العراك ما يزيد عن 16 جريحاً، بينهم 6 شيوعيين ومدنيين آخرين إضافة لعدد من أنصار "الحكيم". وما لا يمكن فهمه في أداء مناصري القوات، التوتر الذين فرضوه في محيط المرفأ نتيجة عراضاتهم واعتداءاتهم المتكررة.

الأمن العام

وبعد انطلاق المسيرة التي دعت إليها نقابتا المحامين والمهندسين وعدد من أهالي الضحايا من قصر العدل إلى المرفأ، وعند وصول الحشد إلى تقاطع المتحف عملت قوّة من الأمن العام على إقفال الشارع الممتد من التقاطع باتجاه السوديكو حيث يوجد مركزان للأمن العام. ومنعت العناصر المسيرة من سلوك هذا الشارع، نظراً لوجود مركزين للأمن العام فيه، ونظراً لكون المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مدّعى عليه في الملف وقد مُنح الغطاء السياسي اللازم لعدم المثول أمام القاضي طارق البيطار.

وقبل السادسة مساءً، انطلقت محاولات اقتحام سور مجلس النواب، فعمد عدد من الشبان على تسلّق السور وقد سارعت القوى الأمنية إلى إلقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. على أن يكون المجلس عنوان التحرّكات بعد إتمام ذكرى الانفجار عند نقطتي المرفأ وشارل حلو.

تعليقات: