كتاب مفتوح إلى وزير المالية غازي وزني

وزير المالية غازي وزني
وزير المالية غازي وزني


معالي الوزير غازي وزني،

وأنت تقرأ هذه السطور أعطِ أوامرك بالتجهيزات اللوجستية لتتوجه إلى الدوائر العقارية في بعبدا. تحديدًا إلى المحتسبية.. حيث يدفع المواطنون للدولة التي أنتم تمثلونها الأموال والرسوم..

معاليك.

في الطابق الأول المترهل الذي يرسم العفن على جدرانه خرائط وتتدلى من سقفه “شرطان” الكهرباء، تواجه المواطن حين يصل عبارة “السيستام مقطوع”…هي عبارة جديدة ضُمَّت إلى قاموس الخذلان الذي تُجرّعه الدولة في لبنان للمواطنين…

الزمان: تموز 2021.

المكان: محتسبية بعبدا.

المناسبة: المواطن ع.ك يريد دفع الرسوم لاستكمال معاملة تسجيل بيته قبل أن تنتهي فترة عقد البيع الممسوح ويخسر عقاره.

وصل المواطن الستيني ع.ك، طالعته وجوه الموظفين المكفهرة:

-إضراب لشو جيت؟

-بدي ادفع المصاري.

-السيستام مقطوع روح وارجع بغير نهار.

-الله يخليكن، صرت جاية 13 مرة.. خايف ينسرقوا مني المصاري.

-الله معك يا عم..

والأمثلة تكثر والشرح يطول…

هنا..

ليست معادلة مواطن “يشحذ” من الدولة حقه بالدواء والغذاء والكهرباء، بل معادلة مواطن ما زال “تحت سقف القانون”، ما زال مؤمنًا بدفع ما يترتب عليه رغم أنه لا يأخذ شيئًا من حقوقه..هي معادلة مواطن حتى ليدفع عليه أن يتوسل ويترجى…

معالي الوزير…

هلمَّ بكَ بعد مغادرتك مبنى المحتسبية وتوجه إلى مبنى العقارية…هناك ستطالعك طوابير المهندسين والمحامين ومعقّبي المعاملات والمواطنين العاديين..

“طوابير” هي التوصيف الحقيقي والدقيق..يصطفون على الدرج وفي الممرات ويتكدسون قرب بعضهم البعض..

والسبب؟ “إجراءات الوقاية من الكورونا”!!!!!!

وبعد ساعات من الإنتظار ليأتي دورهم ينطق الموظفون بالكلمة السحرية : “السيستام مقطوع”….

طبعًا ناهيك عن بدعة لا أوراق للإيصالات، لا حبر للأختام، لا طوابع و”يا مواطن دبّر راسك”…

معاليك…

عذرًا قبل أن تتوجه إلى بعبدا تأكد من بيانات روابط موظفي الإدارات العامة: هل هناك إضراب؟؟؟

نعم…

فمنذ أشهر وموظفو الدولة”يضربون” ضدّ الدولة… إضرابهم طبعًا محق ومشروع ومنطقي في ظل تدني القيمة الشرائية لرواتبهم وعدم توافقها مع الغلاء الفاحش ولكن في هذا الإضراب من الضحية؟

المواطن ثم المواطن ثم المواطن….

نعم..الإضراب كوجه من العصيان المدني هو مما كفلته الشرائع ولكنه حين لا يصيب إلا المواطن فهو يتعدى المطالبة بالحقوق ليصبح ضربًا من العقوق…

وعليه يا معالي الوزير..

أما من آلية أو إجراءات تحمي المواطن من الموظف الرسمي الذي هو مواطن أيضًا؟

ما يجري في الدوائر العقارية وبعبدا مجرد مثال هو أمرٌ خطير…واستمرار التعاطي اللامسؤول مع ملفات تسجيل العقارات وقطع الإرساليات واحتساب الواردات وضرائب الأملاك المبنية ينذر بكارثة إجتماعية خطيرة ستُضاف إلى الكوارث الضاربة لبنان من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه..

* نادين خزعل (كاتبة واعلامية)

المصدر: znn-lb.com

تعليقات: