أي مستقبل لأسعار المحروقات؟

صهريج في محطة
صهريج في محطة


تُتهم أسعار ال#محروقات مراراً بأنها سبب الأزمة الحالية، بسبب كلفة ال#دعم الكبيرة التي بات على المودعين تحملها نتيحة المس بالاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان. وعلى خارطة الأسعار العالمية، يتبيّن أنّ سعر البنزين في لبنان هو من بين أقل ثلاثة أسعار دولياً، وتسبقنا فنزويلا مع تعرفة تبلغ 0.02 دولار لليتر الواحد، وإيران مع سعر 0.06 لليتر الواحد. أمّا لبنان فيبلغ فيه سعر ليتر البنزين 3580 ليرة، أي 0.2 دولار لليتر (بناءً على سعر صرف 17900 ليرة للدولار). فما صحة تحميل هذا المستوى المتدني وزر الأزمة؟ وما مستقبل دعم المحروقات؟

يدعم لبنان حالياً استيراد البنزين بناء لسعر صرف 3900 ليرة لبنانية بدلاً من 1514 ليرة للدولار الواحد، ورغم تخفيض الدعم وارتفاع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 26400 ليرة في أسبوعين، لا تزال الأزمة مستمرة، ولا تزال الأسعار منخفضة مقارنة بالأسعار العالمية. وأكّد رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض لـ"النهار" أنّ "سبب استمرار الأزمة هو مماطلة مصرف لبنان في فتح الاعتمادات".

وشرح الباحث الاقتصادي محمد شمس الدين أنّ "أسعار البنزين والمازوت في لبنان من الأدنى في العالم نتيجة سياسة الدعم، فلا يزيد سعر صفيحة البنزين عن الـ4 دولارات في حين أنّها في سوريا 4.6 دولارات، وفي الكويت بحدود الـ7 دولارات، أمّا في السعودية فالسعر 12.5 دولاراً، وفي الأردن 28 دولاراً، والبنزين في قبرص بـ30 دولاراً".

عزّزت هذه الأسعار المنخفضة التهريب بالتزامن مع ترشيد المركزي فتح الاعتمادات، حتى باتت المحروقات سلعة نادرة تباع في السوق السوداء، وإذا كان الحل هو رفع الدعم، بحسب خبراء استطلعت "النهار" آراءهم، فالواقع معاكس تماماً في ظلّ غياب نقل عام مشترك يمكنه أنّ يحل مكان السيارات الخصوصية، ووسط تدني القدرة الشرائية التي تسمح تحمل الأسعار المرتفعة.

واعتبر مدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ناصر ياسين أنّ "الدعم الحالي عبر مصرف لبنان لشراء المحروقات لا يمكن أنّ يستمر بهذه الطريقة، لأنّه يستنزف موجودات مصرف لبنان، لكن يمكننا أنّ نتوجّه نحو رفع تدريجي للدعم إلى حين رفعه كلياً، وهذا أمر منطقي حتى تعتاد الناس على الأسعار الجديدة، لأنّ صفيحة البنزين بعد رفع الدعم ستكون بحدود الـ12 دولاراً، أيّ بحدود 220 ألف ليرة. لذلك فإنّ الأنسب هو الرفع التدريجي للدعم، وبالتوازي يجب أنّ يكون هناك دعم لقطاع النقل العام".

بحسب معطيات مواقع عالمية تعرض أسعار المحروقات في الدّول، سعر ليتر البنزين في أنغولا 0.248 دولار، وفي الجزائر 0.342 دولار، أمّا في الكويت فالسعر 0.349 دولار وهي الدول الثلاث التي تلي لبنان من حيث انخفاض سعر البنزين. لذلك يرى شمس الدين أنّ "هذا الدعم يؤدّي إلى تخزين المادة، لأنّ الأفراد يعتقدون أنّ أسعارها سترتفع في الأشهر المقبلة، إضافة إلى وجود التهريب إلى سوريا".

وشدّد شمس الدين على أنّه "لتوفير هذه المحروقات في الأسواق يُفترض رفع الدعم عنها. وفي ظلّ ارتفاع أسعار البنزين عالمياً وارتفاع سعر صرف الدولار محلياً، قد يصل سعر صفحية البنزين إلى 200 ألف أو 220 ألف ليرة لبنان، وهذا يؤدّي إلى توقف كلّ الأعمال".

لذلك ينبغي أنّ يكون هناك استراتيجيات بديلة لأنّ أسعار المحروقات مرتبطة بشكل وثيق بقطاع النقل، وأوضخ ياسين أنّ "رفع الدعم يحب أنّ يحصل تدريجياً، وبالتوازي على الدولة دعم قطاعات النقل عبر تنظيمها".

بحسب فيّاض فكرة رفع الدعم عن البنزين أسهل من رفع الدعم عن المازوت، لأنّ "الأخير أساس تشغيل قطاع الكهرباء، فدعمه يتطلب دعم المازوت، ويؤثر على كلّ القطاعات الحساسة مثل الأفران والمستشفيات وغيرهما". ولفت إلى أنّه "بالنسبة للبنزين على الدولة أنّ تحدّد عدد الصفائح التي ستعطى كدعم لكل عائلة يمكنها الاستفادة". لذلك قال شمس الدين: "لا بد من وقف الدعم، ولكن يتوجب إعطاء بنزين مدعوم للسيارات العمومية حتى لا تزيد التعرفة بمعدل كبير، ويكون الدعم بمعدّل صفيحة في اليوم، وللسيارات الخاصة يكون الدعم بمعدّل 3 إلى 4 صفائح في الشهر، وهذا يخفّض الدعم من 120 مليون صفيحة بنزين سنوياً إلى هامش 20 مليون دولار أو 25 مليوناً، والمواطن الذي يود الحصول على كمية أكبر يدفع ثمنها بحسب السعر في السوق".

وشرح رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني أنّ "سياسة دعم المحروقات سيئة جداً، ويجب الرجوع عنها سريعاً، لأنّها أدّت إلى انقطاع الكهرباء في لبنان". وقال لـ"النهار" إنّ "المطلوب رفع الدعم نهائياً عن المحروقات، ومشكلة ارتفاع الأسعار عن المحروقات تعالج عبر إنشاء مجلس نقد يؤدّي إلى انخفاض سعر صرف الدولار".

واعتبر فيّاض أنّ "المماطلة في فتح الاعتمادات هي سبب الأزمة، فلا يمكن أنّ يستمر القطاع بناء على أذونات المركزي، الذي يحدّد لنا متى يمكننا أنّ نستورد، وهذا يؤدّي إلى توقف الاستمرارية والوضوح بالخطط الاستيرادية".

آخر ما تمّ التوصّل إليه، هو تخفيض الدعم من 1514 ليرة إلى 3900 ليرة للدولار الواحد، لكن البحث الآن هو في فتح الاعتمادات للشركات المستوردة للنفط، وفي وضع البطاقة التمويلية قيد التنفيذ، فهل يسبق رفع الدعم عن الوقود حصول المواطنين على البطاقة؟

تعليقات: