هيلين أول مسؤولة شرطة بلدية في لبنان.. راتبي تآكل لكنّي أعشق وظيفتي

مسؤولة الشرطة هيلين فارس بين زملائها
مسؤولة الشرطة هيلين فارس بين زملائها


على الطريق تقف بين السيّارات لتنظيم السير، من مكان إلى آخر تنتقل في "أنفة" لكبح المخالفات، وخلال أزمة كورونا ساهمت بشكل كبير في مساعدة أبناء بلدتها على صُعدٍ عدّة. هي هيلين جورج فارس أوّل مسؤولة #شرطة بلدية تمكّنت من إثبات نفسها خلال سنوات قليلة.


طريق النجاح

لم تهوَ هيلين الدراسة، بالرّغم من أنّها مثقّفة وتتحدّث لغاتٍ عدّة، وفق ما قالت لـ"النهار"، بل طمحت للانضمام إلى صفوف قوى الأمن الداخلي، ولم يحُل دون ذلك سوى وزنها الزائد؛ وذلك قبل أن تطرق باب البلديّة حيث تمكّنت من دخوله.

في البداية لم تكن خطواتها سهلة على الطريق التي اختارتها، فواجهت رفض الأهل ونظرات النّاس وردود أفعالهم، وتركت للوقت أن يُثبّت أقدامها حيث وقفت بقوّة، بل تدرّجت من عنصر في سلك الشرطة إلى عنه. تقول هيلين: "سنة 2016 تمّ تثبيتي في البلدية، وبعدها بعامين تمّ تعييني مسؤولة الشرطة بعدما ارتأى رئيس البلدية ذلك نظراً لعملي".


مواجهة الصعوبات

لا يقتصر عمل هيلين على تنظيم السير بل تتابع مخالفات البناء وتساعد الصليب الأحمر، لاسيما مع تسلّل كورونا إلى لبنان. وعن أكثر الصعوبات التي تواجهها، أجابت: "لا يخلو الأمر من إشكالات مع المارّة ومِن تسطير محاضر ضبط، إلا أنّني ألجأ بداية إلى الكلمة الطيّبة والحوار، فهذه طبيعتي، وقد سبق لي أن خضعت لتدريبات في كيفيّة التعاطي مع الأشخاص خلال عملي السابق كمنقذة بحريّة. من هنا أعتبر أن المعاملة الحسنة والتضحية هما أهمّ شيء في العمل، ومن المهمّ كذلك أن يحبّ الإنسان ما يقوم به، لا سيّما في ظلّ الظروف الصعبة وانهيار العملة المحليّة، فلا شيء يجبرني على العمل بعد تآكل قيمة راتبي سوى عشقي لهذه الوظيفة ".

وحول تقبّل عناصر الشرطة الذّكور أن تكون امرأة مسؤولة عنهم، علّقت: "نعم، فأنا متعاونة معهم إلى أبعد الحدود، ولا أتعامل معهم كمسؤولة، بل اعتبر كلّ واحد منهم كوالدي".


خطة لتطوير عمل البلديات

لتطوير عمل الشرطة البلدية في لبنان، وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع وزارة الداخلية خطّة عمل بالتشاور مع البلديات.

مسؤولة البرامج في مشروع تعزيز الأمن المجتمعي والوصول إلى العدالة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كريستال سماحة تقول لـ"النهار" إن "شرطة البلدية موجودة لخدمة الناس وللاستجابة لاحتياجاتهم اليومية؛ هذه هي رسالتها، وهذا هو هدفها. أمّا أسلوبها، فيجب أن يقوم على بناء علاقة ثقة مع المواطن".


أهداف متعدّدة

واستناداً إلى هذه الأسس، تتركّز الجهود وفق سماحة "على تطوير عمل الشرطة البلدية التي تؤدّي اليوم، وأكثر من أيّ وقت مضى، دوراً أساسياً بالاستجابة لاحتياجات الأفراد اليومية، لا سيما في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ فيها البلاد. بناءً على هذا، تعمل اليوم أكثر من 200 بلدية في لبنان، عبر تنفيذ وتطبيق توصيات الإطار الاستراتيجي الذي تمّ وضعه من قبل وزارة الداخلية والبلديات، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبالتشاور مع البلديات، على تحويل الشرطة البلدية في لبنان إلى شرطة مجتمعيّة قادرة على تلبية احتياجات الناس وخدمتهم بشكلٍ أفضل".

وعن الإطار الاستراتيجي شرحت سماحة: "يتضمّن خمس أدوات هي: نظام نموذجيّ، مدوّنة لقواعد السلوك، هندام موحّد ذو طابع مدنيّ، دورات تدريبيّة مخصّصة للشرطة البلديّة، وأخيراً تشجيع توظيف الإناث. هذا، وقد تمّ العمل على كلٍّ من هذه الأدوات لتمكين عناصر الشرطة البلدية من التواصل بشكلٍ أفضل مع أبناء مجتمعاتهم، وعلى القيام بمهمّاتهم بمهنية".

قدرات المرأة لا حدود لها، وقد تمكّنت من إثبات نفسها في كلّ مجال خاضته، منتزعة مرّة تلو الأخرى "التابو" الذي وضعه لها المجتمع على بعض الوظائف والمهن، وما هيلين إلا شاهدةٌ خاضت التجربة بنجاح، وتقول: "أنصح الفتيات بأن يعملن في المجال الذي يرغبن فيه لأنّهم سيُبدعن بالتأكيد".





تعليقات: