غالونات المياه المعبّأة.. ماذا عن جودتها في زمن الانهيار؟


مع الارتفاع الهائل بأسعار السلع بشكل عام، لا سيما الغذائية منها، التي فاق ارتفاعها التصوّر، لا تزال أسعار #غالونات المياه، في محالّ #تعبئة المياه، في خانة الاستطاعة وملائمة لموازنة المستهلك، في الوقت الذي يرفع أصحاب هذه المحالّ الصّوت بالشكوى وتأكيد عدم قدرتهم على تأمين استمرارية قطاعهم.

ويسأل سائل: "لماذا يتوجّب أن يكون سعرها مرتفعاً؟ فهي بالنتيجة مياه، ولدينا فائض منها في بلادنا".

لكن سؤالاً أساسياً يلحُّ في هذا الإطار هو: "إلى أيّ مدى تستدعي أسعار المياه المعبَّأة الرخيصة الشكّ بجودتها؟".

في أحد محالّ تعبئة المياه،يبلغ سعر غالون المياه 3000 ليرة، و"على غلاء النفقات التي أصبحت على الدولار، لا نسجّل أيّة أرباح، ولم أدفع إيجار المحلّ منذ شهرين، لكنني أجني فقط أتعاب عمّالي"، يقول صاحب المحلّ، مضيفاً: "لا يمكنني رفع الأسعار، وعلينا أن نتحمّل كما يتحمّل الناس، وأحياناً أبيع دون تقاضي ثمن الماء". ويؤكّد صاحب المحل أنّه بسعر 3000 ليرة، غالون المياه لا يردّ ثمنه ولا ثمن نقله.

ويشير صاحب محلّ آخر لتعبئة المياه إلى أنّ من الصعب تحديد سعر غالون المياه مع تقلّبات سعر الصرف، ويُضيف: "صحيح أنّ ما نبيعه هو الماء الذي لا يكلّفنا شيئاً، إلّا أنّ تكاليف النقل وصيانة المعدّات وتكلفة الغالونات، وجميعها بالدولار،كذلك النقل،تطيّر عمل الشهر كلّه بتصليح بسيط لأيّ عطل يُصيب الشاحنة".

حالياً، يبلغ سعر غالون المياه لدى هذا التاجر سعة الـ20 ليتراً 3000 ليرة، لكنّه ينوي زيادة 1000 ليرة ابتداءً من الأسبوع المقبل ليُصبح الغالون بـ4000 ليرة، وذلك بالاتفاق مع بعض زملائه في القطاع.

ومع الغلاء كلّه، من الصعب تغطية النفقات كلّها وتسجيل أرباح بحسب صاحب هذا المحل، الذي يقول: "نحافظ على موظفينا فقط"، ويرى أنّه يمكن أن يؤثّر غلاء أسعار التعقيم وغيرها من المستلزمات في جودة المياه؛ والأمر عائد في كل الأحوال إلى ضمير البائع.

ويشرح قائلاً: "بهدف التوفير، هناك محالّ لتعبئة المياه، يُغيّر أصحابها فلتر المياه كلّ شهر بدلاً من كلّ 15 يوماً؛ وذلك يؤثر في نوعيّة المياه حتماً، فضلاً عن أنّ ثمن غالون المياه الفارغ اليوم هو 6 دولارات ونصف، بينما كان بـ 12 ألف ليرة في السابق، ويجب تغييره كلّ سنتين ونصف، بينما الآن يكلّف حوالى 96 ألف ليرة. أمّا الغالون ذو الاستخدام الواحد، فهناك مَن يستخدمه حوالى 5 مرات لتوفير ثمنه، إذ إن ثمنه حوالى 5000 ليرة".

ويلفت المعلّم إلى أنّه "حتى الآن أنا قادر على المحافظة على نوعية المياه لديّ لكن لا أدري إذا كنت سأستطيع الاستمرار على هذا النحو".

ويفيد بأنّ المواطنين غير قادرين على شراء غالون جديد كلّ مرة، بل أصبح الناس يأتون بغالوناتهم المستعمَلة لإعادة تعبئتها، ويفضّلون تعبئة المياه أحياناً كثيرة من النبع مباشرةً.

وفي محلّ آخر لتعبئة المياه في إحدى المناطق الشعبية، يبلغ ثمن غالون المياه الكبير 2000 ليرة والصغير 1000 ليرة، لكن صاحب المحلّ يراهن على انخفاض سعر الدولار، ولا يريد زيادة أسعاره للمحافظة على الزبائن، بالرغم من أنّ جميع تكاليف ونفقات التكرير والتعقيم وغيرها بالدولار، ويقول: "المياه معقَّمة كما يجب، ووزارة الصّحة تأتي وتكشف على المحلّ بشكل دائم، وأكّدت لنا أنّ ما نقوم به من إجراءات سلامة للمياه هي جيدة جداً".


إلى أي مدى تستدعي أسعار المياه المعبَّأة الرخيصة الشكّ بجودتها؟

تشرح الدكتورة ريم حمزة الخبيرة في السلامة الغذائيّة في الجامعة الأميركية في بيروت، أنه "من المؤكَّد أنّ هناك موضع شكّ بجودة هذه المياه؛ فهناك فحوصات مخبريّة دورية يجب القيام بها كلّ شهر أو شهرين،وهذه الفحوصات مكلِفة وجميعها بالدولار؛ فجميع المستلزمات المخبريّة مستورَدة".

ولا يكفي أن يكون لدى محالّ تعبئة المياه المعدّات اللازمة فقط، وفق حمزة، إنّما "هناك تكلفة تكرير المياه كذلك، وما هو مهمّ أيضاً هو أن تكون هذه المعدّات مُصانة، وتراعي المعايير الصحية؛ لذلك يستدعي الأمر الشكّ، إذ أصبحت كلّ هذه النفقات مكلِفة، خصوصاً وفق سعر الصرف المرتفع".

إلى جانب نظافة المياه، هناك غالونات المياه التي يجب أن تُنظَّف وتُعقَّم قبل تعبئتها بالمياه، وهناك تكلفة أيضاً في هذا الإطار. وهناك عدة أنواع من البلاستيك المسموح استخدامه، وهناك عمر محدَّد لغالونات المياه يقدّر بما يقرب من سنتين ونصف السنة، بحسب حمزة.

تعليقات: