الفنادق والشاليهات والمطاعم في لبنان مفوّلة خصوصًا في الويك آند.. ولكن!


حركة لافتة في المطاعم والفنادق في لبنان على رغم الأزمة التي تعصف بالبلاد، والسيّاح "منا وفينا" أي معظمهم من اللبنانيين مغتربين ومقيمين. السؤال الأغرب الذي يتردد على لسان البعض، كيف للمطاعم أن تكون "مفوّلة" والفنادق تشهد حجوزات لا بأس بها، فيما البلد وناسه يعانون من ضائقة مالية غير مسبوقة ؟

كأنّ البعض يهوى جلد الذات، فيتجاهل أنّ مشهد ارتياد المطاعم والشاليهات والفنادق، لا يعني أنّ الشعب في حال من البحبوحة، لكن هذا لا يلغي أنّ فئة من اللبنانيين لا زالت تمتلك قدرة شرائية، ولو كانت نسبتها قليلة لا تتجاوز الـ 10% وهو عدد كاف لإحداث حركة سياحية، إذ أنّ هؤلاء لم يعد بإمكانهم تمضية إجازاتهم خارج بلدهم بفعل حجز دولاراتهم في المصارف، فتراهم يستبدلون السياحة الخارجية بالداخلية، ويشكّلون مع المغتربين حركة سياحيّة ناشطة، لبنان بأمس الحاجة إليها، خصوصًا أنّه يتلقى الضربات من أهل الساسة عاشقي النكد والتعطيل بوتيرة يومية، وبذلك تبدو مشهدية الناس في المطاعم والمسابح والأوتيلات والحانات مؤشّرًا على أنّ الحياة مستمرة في وطن الـ 10452 كلم مربع، متحدّية نهج سَوق اللبنانيين إلى جهنم.

رئيس إتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر يتحدث لـ "لبنان 24" عن حركة سياحيّة لبنانية قوية بالفعل، وتشهد المناطق النائية خارج بيروت إقبالًا كبيرًا مثل دوما ،جزين، الأرز ،البترون ،جبيل، فقرا ،وفاريا وغيرها من المناطق "هناك حوالي مليون ونصف مليون لبناني بين المغتربين القادمين من الدول الخليجية والأفريقية، وبين اللبنانيين الذين كانوا يسافرون للسياحة، هؤلاء استبدلوا السياحة الخارجية بسياحة ضمن لبنان".

نسبة الإشغال أعلى خارج بيروت

أضاف الأشقر"الوضع أفضل من السنة الماضية بطبيعة الحال، بعد فتح البلد والسماح للمطاعم باستقبال الزبائن، ففي مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت كورونا في عزّ انتشارها، وكان القادمون إلى مطار بيروت يخضعون لحجر صحي، وكانت هناك قيود على عدد القادمين، وإجراءات أخرى اتُخذت ليس فقط في لبنان بل في العالم أجمع، وقد حصل إقفال في البلد في عزّ موسم الصيف بين شهري تموز وآب. أمّا اليوم مع انحسار الجائحة اختلف الواقع، بحيث سُمح لأعداد أكبر من الوافدين من المغتربين العاملين في دول الخليج العربي بالعودة، وعدد العاملين هناك يقارب الـ 450 ألف لبناني، وهناك حوالي 250 ألف مغترب في أفريقيا، هؤلاء ظلوا على اتصال دائم ببلدهم، وباتوا يتردّدون على لبنان أكثر، ويدخلون معهم العملة الخضراء. يضاف إلى هؤلاء ما يقارب الـ 700 ألف لبناني من الطبقة المتوسطة، كانوا يقومون بجولات سياحيّة في قبرص تركيا واليونان ضمن مجموعات سياحية وفق ما تظهره الأرقام، بسبب الأزمة المالية لم يعد بإمكان هذه الفئة تمضية إجازاتها خارج لبنان، فأضحى هؤلاء أسرى القفص الذهبي الذي يدعى لبنان، يرفّهون عن أنفسهم بالسياحة داخل بلدهم".

أعرق فنادق بيروت مقفلة جرّاء تفجير المرفأ

ولكن لا يمكن تقييم مستوى الإشغال الفندقي، بمعزل عن الأخذ بالإعتبار عدد الغرف المتاحة مقارنة بتلك المقفلة، وهي أقل بكثير عما كانت عليه قبل انفجار المرفأ، يلفت الأشقر "هناك عدد كبير من فنادق العاصمة لا زال مقفلًا جرّاء انفجار مرفأ بيروت، مثل "فينيسيا" "فور سيزنز" "لوغراي" "مونرو" "رمادا" و"هيلتون" ، بحيث لم تدفع شركات التأمين لهم، ولم يتمكّنوا بالتالي من إتمام عملية الترميم. لذلك هناك حوالي ألفي غرفة مقفلة، على سبيل

المثال فنيسيا وحده يضم 500 غرفة، بالتالي الفنادق الأخرى التي تضاهيها في المستوى تستفيد من إقفال هذه الفنادق، ليرتفع مستوى أشغالها من 20% إلى 40%، خصوصًا بالنسبة للفنادق المصنّفة) 5-(star plus مثل Kempinski . أمّا في المناطق فلا توجد فنادق تضم أعدادًا كبيرة من الغرف، فنادق البترون مجتمعة على سبيل المثال لا تضم أكثر من 300 غرفة. كما أنّ الإشغال الفندقي يتقلّص في بحر الأسبوع بين 5 و 10%، ويرتفع في الويك آند إلى حدود 80%، وبعض الأوتيلات مفوّلة في المناطق".

ماذا عن الوافدين الأجانب هل تقتصر السياحة على لبنانيين؟

يجيب الأشقر "غالبية الوافدين الأجانب هم رجال أعمال، فقط يمكن الحديث عن سياح عراقيين بالدرجة الأولى، بعدهم الأردنيون والمصريون بأعداد أقل بكثير".

على رغم الحركة السياحيّة، لا يمكن الحديث عن موسم سياحي واعد، بظل انخفاض عدد السياح الأجانب، فانهيار العملة الذي جعل من لبنان وجهة سياحيّة متدنيّة الكلفة لن يكون وحده العامل الحاسم في جذب السياح الأجانب، فهناك عوامل أخرى مؤثّرة في تحديد الوجهة السياحية ترتبط بالوضعين السياسي والأمني، والصورة عن لبنان في الخارج ليست على ما يرام، يلفت الأشقر، والأخبار المتناقلة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، تتأرجح بين من يصنّف هذا بالإرهابي وبين من يهتف بعبارات مسيئة للمملكة العربية السعودية، وبين من يتحدّث عن مخاوف أمنية وتظاهرات، كلّها انعكست سلبًا وأفقدت لبنان السيّاح، لا سيّما السائح الخليجي الذي يمثّل العمود الفقري للسياحة والإستثمار في لبنان، هؤلاء انكفأوا نتيجة الصراعات السياسية، وهناك عدد من الدول نبّهت رعاياها بعدم المجيء إلى لبنان.

تعليقات: