«المنار» تطفئ شمعتها الثلاثين: رحلة محفوفة بالصعوبات ومكلّلة بالانتصارات

منار صباغ
منار صباغ


تنشط في استديوات «المنار» في حارة حريك (ضاحية بيروت الجنوبية) «خلية نحل»، فيما تشهد زحمة إعلاميين منشغلين بالتحضير للاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس «قناة المقاومة». تحلّ المناسبة المهمّة هذا العام وسط تغييرات في المشهدَين الإعلامي والسياسي، داخلياً وخارجياً.

تطفئ «المنار» شمعة جديدة ضمن احتفالية عبارة عن برمجة خاصة تنطلق اليوم الاثنين وتستمرّ لغاية 13 حزيران (يونيو) الحالي. تتنوّع البرامج بين الوثائقيات الخاصة والمقابلات التي تكرّم الموظفين والعاملين في المحطة اللبنانية. في هذا السياق، يتحدّث مدير عام «المنار» إبراهيم فرحات لـ «الأخبار» مطوّلاً عن التحضيرات التي بدأت قبل أسابيع.

«كانت رحلة القناة على مدار ثلاثين عاماً، طويلة ومليئة بالتحديات والصعوبات، ولكن بالإنجازات أيضاً. في عام 1991 تأسّست «المنار» نتيجة لحاجة شريحة من اللبنانيين من أصحاب الفكر الإسلامي وقتها للتعبير عن أنفسهم إعلامياً، ثم استحالت مشروعاً إعلامياً يحمل رسائل واضحة»، يقول فرحات. ويتابع: «بدأت «المنار» كشاشة أرضية متواضعة، وفي عام 1993 وُضِع حجر الأساس للمحطة التي برزت على المستوى المحلي، فكانت «المنار» قناة المقاومة. وفي عام 1996 واكبت هذه المؤسسة أوّل حدث سياسي بارز وهو تفاهم نيسان مع العدو الإسرائيلي لحماية المدنيين. وفي 2000، كان التحرير فيما انطلقت «المنار» فضائياً... وفي 2006، عايشت حرب تموز حيث طال العدوان الصهيوني استديواتها في ضاحية بيروت الجنوبية من أجل إسكاتها». أمام هذا التحدّي، كسبت «المنار» الرهان وبقيت تبثّ مباشرة على الهواء، ولم تحتجِب إلا لدقيقتين فقط. ثم رفعت شعار الانتصار، وواكبت مرحلة إعادة الإعمار بعدما وضعت الحرب أوزارها.

لم تتوقف الرحلة هنا، بل برزت تحديات جديدة مع تأزّم الأوضاع السياسية على الساحة المحلية، قبل أن تنطلق شرارة «الربيع العربي» عام 2010، و«نصبح أمام مشهد ثانٍ، وتبدأ الحرب على سوريا». تابعت «المنار» مجريات هذه الحرب بشكل مكثّف عبر شبكة مراسلين نقلوا المشهد. كما واكبت المحطة حرب اليمن والبحرين والعراق، من دون أن تغيب طبعاً عن القضية الفلسطينية التي تشكّل دائماً وأبداً بوصلة «المنار». وهو ما تجلّى في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزّة.

في هذا الإطار، يلفت فرحات إلى أنّ «المنار» مرّت أيضاً خلال العقود الثلاثة الماضية بمراحل تقنيّة معقدة وصعبة. فإلى جانب تعرّضها للقصف الإسرائيلي عام 2006، حُجبت قبل ذلك بعامين من أستراليا وفرنسا والولايات المتحدّة. وفي 2015، حُجبت عن قمرَيْ «عربسات» و«نايل سات»، لأسباب سياسية بالطبع.

لكن ماذا عن الشعار الذي تحمله «المنار» في عيدها الثلاثين؟ في ظلّ الحاصل على الساحتَين الداخلية والخارجية، يبرز إلى الواجهة هذه السنة شعار «وضوح، مسؤولية، مصداقية».

أما عن التحديات الراهنة، فيختصرها فرحات بأمرين بارزين، هما: نوعية المحتوى المقدّم إلى الجمهور، وإنجاز منتج جذّاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويؤكّد أنّ «هذه النقطة أساسية، لأنّ «المنار» تنتج 80 في المئة ممّا تبثّه على شاشتها. كل ذلك وفقاً لمعاييرها، وطبيعة المنتج الذي يتلاءم مع سياستها».

هنا، يشير فرحات إلى أهمية الموقع الإلكتروني الذي خاض، ولا يزال، امتحانات تقنية وأخرى تتعلق بمعايير السوشال ميديا: «في عام 2010، وقبيل تأسيس الموقع الإلكتروني، كان تركيز المنظومة الحديثة المتعلقة بالسوشال ميديا. أما اليوم فموقع «المنار» يأتي في المراتب الأولى ويتابعه الملايين حول العالم. ورغم المضايقات بسبب سياسات الشبكات الاجتماعية، بقي الموقع يواكب الحدث بلغة واعية ومسؤولة».

ضمن البرمجة الخاصة بعيد «المنار» الثلاثين، سيكون الجمهور على موعد مع وثائقي تكريمي للعاملين فيها، سواءً الذين استشهدوا خلال تأدية واجبهم المهني، أو أولئك الذين رحلوا لأسباب صحية. ومن بينهم الشهيد حمزة الحاج حسن (1982 ـــ 2014) وزميلاه التقني حليم علاو والمصوّر محمد منتش الذين سقطوا بنيران الجماعات الإرهابية أثناء تغطيتهم استعادة الجيش السوري لبلدة معلولا في جبال القلمون السوري. بالإضافة إلى الإعلامي علي المسمار (1968 ــ 2021) الذي خسر قبل أشهر معركته مع السرطان. ويشير فرحات إلى أنّ القناة ستكرّم بعض موظّفيها الذين يقفون خلف الكاميرا من خلال إطلالات من أمامها والتعرّف إلى طبيعة عملهم.

تنطلق البرمجة اليوم الاثنين عبر فواصل مرتبطة بالذكرى الثلاثين، وأخرى مرتبطة بالوثائقيات التي عُرضت على الشاشة منذ تأسيسها وبالبرامج التي ستبثّها بهذه المناسبة.

غداً الثلاثاء، سيكون يوماً مفتوحاً من الجنوب، حيث ينقل مباشرة على الهواء البرنامج الصباحي «نهار جديد» ويستضيف محللين وصحافيين وسياسيين. وينتهي النهار المفتوح بعد الظهر (16:00)، قبل أن تبثّ كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. اللافت أنّ هذه الكلمة ستكون بحضور الموظفين والعاملين في «المنار»، ويستعرض فيها نصر الله رحلة القناة.

مساء الخميس، تطل منار صباغ بندوة (ساعتين ونصف الساعة) تستقبل فيها ضيوفاً من شتى المجالات، ليُعرض في اليوم التالي وثائقي خاص عن الوثائقيات التي عرضتها المحطّة منذ الولادة. كما سيتم إطلاق لوغو وشعار جديدين. وعلى خطٍّ موازٍ، سيكون روّاد السوشال ميديا مدعوين للتعليق والتفاعل مع الحدث، عبر هاشتاغ #نبض_الناس_منار.

تقدّم منار صباغ ندوة خاصة بالمناسبة
تقدّم منار صباغ ندوة خاصة بالمناسبة


تعليقات: