إسرائيل تجمع أوراق الحرب على لبنان وتُعدّ لإقناع أميركا

لم يعد همّ لبنان منحصراً بعدو واحد يتربص به (المدن)
لم يعد همّ لبنان منحصراً بعدو واحد يتربص به (المدن)


أكثر ما ينطبق على وضع لبنان في هذه الأيام، مقولة "المصائب لا تأتي فرادى". فالمصائب تتزاحم على لبنان وتتوزع على المجالات كلها: كورونا، انهيار مالي واقتصادي، انفجار مرفأ بيروت، عزلة عربية ودولية، صراعات داخلية واستعصاء الوصول إلى تسويات، وتدمير ممنهج للمؤسسات والسلطات، وأخيراً الجراد ثم القرار السعودي بوقف استيراد المنتوجات الزراعية من لبنان.

لم يعد همّ لبنان منحصراً بعدو يتربص به، ولا بسياسة دولية قادرة على استخدامه ساحة. فالدولة تفسخت بعدما أضحت ساحة تجاذب وصراع بين القوى السياسية المختلفة. إنها سياسة خبيثة تدمر كل شيء. ولربما يفوق خبثها تربص الأعداء وخبثهم. وهم يفعلون كل شيء، ليس لضرب لبنان، بل للاستثمار في العبثية الدابة فيه، وقد تدمره كلياً وتنهيه، كما انتهى مرفأ بيروت.

توتر بين إيران وإسرائيل

وفي موازاة الجنون اللبناني، ثمة جنون من نوع آخر في المنطقة بين إسرائيل وإيران. وهو قابل للانفجار في أي لحظة، لكنه ملجوم بإرادة الطرفين: عدم الذهاب إلى حرب أو مواجهة. وهناك أيضاً قرارات دولية كبرى تمنع الصدام، إضافة إلى حماسة أميركية للاتفاق مع إيران، وصولاً إلى الدور الروسي الذي يركز على سحب فتائل التصعيد بين طهران وتل أبيب.

لا ينفصل التصعيد الإسرائيلي ضد إيران، عن تربص وتصعيد مستمرين ضد لبنان، ولو أن أميركا تريد التهدئة مع طهران والوصول إلى تسوية في لبنان.

والغليان في المنطقة وصل إلى حد توجيه إيران ضربة صاروخية لإسرائيل، وفي منطقة قريبة من مفاعل ديمونا. والمفاعل كان هدده أمين عام حزب الله حسن نصر الله سابقاً. الخطوة متقدمة وجريئة، وتحسب لها إسرائيل حساباً كبيراً.

وفي هذا السياق لا يمكن إغفال الموقف الأميركي. ففي معرض تخفيفه من شأن ما حصل واعتباره أمراً غير مقصود، مُرِّر موقف لافت: واشنطن على علم بعمليات نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان. وهذا الموضوع سيكون حاضراً بين المسؤولين الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين في الولايات المتحدة الأميركية، خلال اللقاءات التي تعقد الأسبوع المقبل، ويشارك فيها رئيس الأركان الإسرائيلي ومسؤولون آخرون.


معاني الصاروخ الإيراني

في الموضوع اللبناني، تعمل إسرائيل على تجميع الأوراق ورقة ورقة، ليتكون لديها ملف أمني واستخباري وعسكري، وصولاً ربما إلى جعله ملفاً حربياً. وهذا لتعيد إسرائيل إحياء شروطها اللبنانية على الإدارة الأميركية الجديدة، من خلال إثارة مسألة الصواريخ الدقيقة وعمليات نقل الأسلحة لحزب الله. لكن الرسالة الإيرانية تتخطى مسألة "مناطق تخزين الصواريخ" قرب الحدود. فالمسافة التي قطعها الصاروخ الذي سقط في النقب بعيدة المدى. وهذا يعني أن المسألة لا تتعلق بالتمركز في الجنوب السوري أو اللبناني. بل إن إيران قادرة على استهداف إسرائيل من مناطق بعيدة جداً. وليست في حاجة إلى نشاط عسكري في لبنان ضمن نطاق القرار 1701.

وتوجيه الضربة من سوريا، وادعاء طهران أن الصاروخ من نوع أرض أرض، يعنيان أن الرسالة موجهة إلى اسرائيل. ولا بد أن يكون لذلك تداعيات على العلاقة مع روسيا. لم تذهب طهران إلى خطوة تعتبر ضربة مباشرة لإسرائيل، لكن إشكاليات تفسيرها متعددة، ولا يمكن التقليل من شأنها. وهذا يشير إلى ذكاء إيراني في توجيه الضربات، وفي قول طهران لجمهورها ومحورها إنها قادرة على الردّ رداً قوياً ساعة تشاء.

في مثل هذه الحالة لا بد من مراقبة ورصد ردّ الفعل الروسي. فموسكو ترتبط باتفاقيات أمنية واستراتيجية مع إسرائيل. وروسيا تعتبر أن من أهم أولوياتها الحفاظ على الأمن الإسرائيلي وعدم المس به.

تعليقات: