زحمة المعاينة الميكانيكية الجنونية: التوقّف عن الدفع هو الحل!

الازدحام هو مصدر أساسي لانتشار فيروس كورونا (مصطفى جمال الدين)
الازدحام هو مصدر أساسي لانتشار فيروس كورونا (مصطفى جمال الدين)


قد يقضي المواطن نهاراً كاملاً بانتظار دوره، حتى يستطيع إجراء المعاينة لسيارته. قد يخسر يوم عمل من دون حتى التأكد أن دوره سيحين قبل نهاية الدوام في مركز المعاينة. ازدحام جنوني في كل المراكز.. وفي زمن كورونا تحديداً.

هكذا باتت طوابير السيارات والزحمة الخانقة أمام مراكز المعاينة الميكانيكية، تقليداً سنوياً إلزامياً. وإن اعتاد اللبنانيون ذلك وغضّوا الطرف عنه لسهولته، مقابل ما يدور من أحداث قاتمة، إلاّ أنّ ارتفاع حدة الانتظار المترافق مع خطر الاصابة بفيروس كورونا، لم يعد بالأمر السهل. ناهيك بالوضع غير القانوني لشركة "فال" المشغّلة للقطاع.

هذا الواقع يطرح التساؤلات حول جدوى الاستمرار في إجراء المعاينة ودفع الرسوم، خصوصاً وأن البلاد تتّجه نحو الأسوأ اقتصادياً ونقدياً، ولا تحترم السلطتان التشريعية والتنفيذية قراراتهما.


عرقلة الإعفاءات

يحاول اللبنانيون إيجاد سبل لتوفير المال وعدم انزلاقهم نحو المزيد من الفقر. وجاء مشروع القانون المقدّم من الحكومة في شهر تموز من العام 2020، والمتعلّق بإعفائهم من رسوم السير السنوية والغرامات المرتبطة بها، للعام 2020 أو العام 2021، كنسمة هواء عليل. إلاّ أن مجلس النواب لم يصادق على المشروع، وبقيت السيارات والآليات ملزمة بدفع الرسوم وغراماتها، ما زاد الآثار السلبية للانتظار امام مراكز المعاينة.

"الحكومة لم تدافع عن مشروعها"، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل، بسام طليس، في حديث لـ"المدن". ويلفت النظر إلى "وجود قطبة مخفية خلف عدم إقرار المشروع وإدخاله حيّز التنفيذ. فالمشروع ضروري وهو مقدّم بناءً على اقتراح هيئة إدارة السير إلى وزير الداخلية". وتساءَل طليس عن "الجهات التي تقبض ثمن بقاء الوضع على ما هو عليه، ومَن لا يقبض". لكن في جميع الأحوال، يحتمل المواطنون وزر الصراعات السياسية حول ملف المعاينة، فيصطفّون طوابير تجذب كورونا. وهو حال كل مراكز المعاينة.


دفع بلا معاينة

الخطر الأكبر يتجلّى بالجانب الصحّي، ويليه إلزام صاحب السيارة الراسبة في اختبارات المعاينة، بإصلاح الأعطال وإعادة الاختبارات، والإصلاح حالياً "يكلّف المواطن أكثر من ثمن السيارة".

ولتفادي العذاب الجسدي والمادي، وحرصاً على تأمين مصلحة الشركة المشغّلة بشكل غير قانوني، يقترح طليس "دفع المواطن رسوم المعاينة والميكانيك، من دون التوجّه لإجراء لمعاينة، وبذلك، تضمن الدولة حصة الشركة من الأموال، وتحافظ على استمرارية عمل الموظفين، إلى حين إيجاد حلّ مناسب للقطاع. فليس مقبولاً استمرار الاكتظاظ على هذا النحو".

تجدر الإشارة إلى أن شركة فال المشغّلة للقطاع تديره بصورة خارجة عن القانون، بعد انتهاء عقدها ومدّة التمديد القانوني. وهي منذ العام 2016 باقية في مراكز المعاينة جرّاء الصراع بين تيّاري المستقبل والعوني حول التلزيم وإدارة القطاع. وإذا كان مِن الممكن سابقاً تجاهل الصراع السياسي وآثاره على هدر المال العام، وتضييع وقت اللبنانيين، إلاّ أن الأزمة الاقتصادية والصحية، قد تدفع الناس إلى وضع الدولة أمام أمر واقع، وهو عدم إجرائهم للمعاينة ودفع الرسوم والمستحقات، ضمن خطوة أولى نحو العصيان المدني الصامت والاضطراري.. على الأقل.

تعليقات: