عدنان سمور: قراءة سريعة ولكن بتدبر لما يجري في منطقتنا

الكاتب المهندس عدنان إبراهيم سمور
الكاتب المهندس عدنان إبراهيم سمور


أن حقيقة ما يجري في لبنان بشعبه المتعدد الإنتماآت والمشارب والميول والأهواء منذ نشأته الأولى والذي ارتضت كل الفئات المكونة له في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه وتاريخ المنطقة أن تدخل في كباش وتحد ويستعين كل فريق من اللبنانيين بسند خارجي يضع كل أماله عليه وعلى خياراته ولو وصل الأمر إلى حد إنهيار أسس الوطن والمواطنة فوق رؤوس الجميع ، وهذا الكباش أدى فيما مضى وسيؤدي في المستقبل الى تقديم خسائر فادحة قبل أن يرضى جزء أو كل مكونات الشعب اللبناني بحلول وسط تحفض ما بقي من فتات هذا الوطن وتؤمن حد أدنى من الإستقرار والعدالة والإنحياز الى المصلحة العامة والإنتماء الى مصلحة البلد ومستقبل أجياله.

لذلك فإن المستقبل مفتوح بتقديري المتواضع على سيناريوهات لا تعد ولا تحصى نظرا لكثرة اللاعبين في المنطقة ونظرا لتشعب العوامل المؤثرة في صناعة الأحداث في منطقة غرب آسيا ولا شك أن هناك تغيرات كثيرة حصلت في كيانات ودول هذه المنطقة نتيجة المواجهات والحروب المتلاحقة في أكثر من مكان خاصة خلال العقدين الأخيرين على إمتداد دول المنطقة والمؤكد أن هناك تراجع واضح ومقروء بسهولة في القدرة التأثيرية لمحور اميركا وحلفائها في المنطقة وعلى رأسهم الكيان الصهيوني ومشيخات النفط الخليجي في ممالك الرمال. كما أن هناك نهوض واضح لمحور كانت تمثل الجمهورية الإسلامية بداية محوره وقطبه المركزي قبل عودة روسيا بعد نهوضها من كبوة انهيار الإتحاد السوفياتي لتلعب دورا مباشرا في تحدي مشروع الهيمنة أحادية القطب في منطقة غرب آسيا عندما قررت نزول قواتها في سوريا لحماية نظام الممانعة فيها، وهكذا تظافرت في سوريا جهودها مع جهود الجمهورية الإسلامية التي كانت قد راكمت انجازات كبرى بالتعاون مع انظمة وشعوب المنطقة الطامحة للتخلص من هيمنة المشروع الأميركي الغربي الذي كان عشية إنتصار الثورة الإسلامية وظهور دلائل على إقتراب موعد أفول نجم الإتحاد السوفياتي المتآكل يومها يوشك أن يطبق على كل مقدرات وانظمة وشعوب المنطقة التي كانت مشبعة باليأس من الهزائم المتلاحقة وتبديد الثروات والطاقات والأحلام والتي كانت ملت من محاولات النهوض الفاشلة والمتعثرة والعاجزة، وهنا حصل أبصر النور مشروع أوراسي طامح تحدث عنه ونظر له كبير استراتيجيي روسيا ومستشار الرئيس پوتن الكسندر دوغين ونشأ مشروع نهضة إسلامية أطلقه الإمام الخميني وعمل جاهدا على تبنيه لمشروع الوحدة الإسلامية كمقدمة لحصول النهضة الكبرى للأمة لتأمين حضور يليق بثروتها البشرية وبحضورها الوازن على امتداد العالم كما ونوعا وإمكانات وجغرافيا وتاريخ وهكذا حصل التلاقح بين المشروعين الأوراسي والإسلامي الذي بدأ ينتج ويبلور مشروعا بدأنا نتلمس إرهاصاته المبشرة بولادة نظام متعدد الأقطاب لا شك أنه سيشكل خطوة متقدمة لمصلحة الإنسان المستضعف ،ولا شك أن الحلول التي سيتم الوصول إليها ستكون متناسبة مع أحجام القوى المتواجهة ومع قدرة تأثير كل منها في صناعة الأحداث وإحداث التغيير وحماية الإنجازات المتحققة. ولا شك أن هناك فروقات واضحة بين دوافع وأهداف ومستوى النبل في اساليب العمل والمواجهة لدى الأطراف المتصارعة وستكون الخلاصة متناسبة مع ما ينفع الإنسان والإنسانية حسب القاعدة القرآنية التي تقول "وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".

من هنا نستنتج أن اعتماد البصيرة النافذة والصبر الإستراتيجي الواعي لكيفية تحقيق الأهداف الكبرى وتجنب الأفخاخ والفتن والبلاآت التي جهد الأعداء لحصولها بغية تركيعنا وإفقادنا القدرة على تمييز الإتجاه الصحيح في مشروع المواجهة وفي اختيار الأساليب التي تخدم قضايانا واهدافنا بعيدة المدى والتي تتمثل بخلاصنا من هيمنتهم وتحكمهم بمساراتنا ومصيرنا وبدون هذان العاملان أي الصبر والتدبر الواعي سنكون معرضين لخسارة تاريخ حافل من التضحيات والجهود التي قدمها مفكرونا وقادتنا الكبار ومجاهدونا ومجتمع المقاومة العزيز الأبي. ونحن اليوم مدعوون ان نمتثل لمقولة علي ابن أبي طالب عليه السلام "تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك تد في الأرض قدمك إرم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك واعلم ان النصر من عندالله سبحانه وتعالى"

* عدنان إبراهيم سمور

باحث عن الحقيقة

17/03/2021

تعليقات: