البلديات تقبض مستحقاتها بتأخير سنتين .. وبالتقسيط غير المريح


والصندوق البلدي المستقل يوزع العائلات وفق آلية (غير عادلة)..

هي تجبي، وهو الذي يقرر الدفع، هي تعمل على مدار السنة وتنفق، وهو يحدد الحصص المستحقة ويدفع بالتقسيط أربع مرات في السنة... (هي) البلديات، و(هو) الصندوق البلدي المستقل، وقد تتلخص الحكاية بينهما بطرفين، الأول يُحصّل الأموال والثاني يتحكم بدفع مستحقات البلديات.

ما هي عائدات البلديات وكيف توزع? وهل تحصل البلديات على مستحقاتها كاملة ومن دون تأخير?

تعتمد البلديات في عائداتها على ثلاثة مصادر:

- الضرائب والرسوم التي تجبيها بشكل مباشر، من رسوم على المنازل والمحال والمؤسسات الموجودة ضمن نطاقها الجغرافي بالاضافة الى رسوم البناء، الترميم والاستثمار.

- الرسوم غير المباشرة والتي تجبى على الاستيراد وضريبة الأملاك المبنية، أرباح المهن التجارية والصناعية، رسوم المحروقات، أقساط التأمين، رسوم الانتقال، رسوم التسجيل العقاري، رسوم تسجيل السيارات (هذه الرسوم يتم تحصيلها لحساب جميع البلديات وتودع في حساب الصندوق البلدي المستقل).

- الرسم البلدي والبالغة قيمته 10% يفرض على استهلاك الكهرباء والهاتف. وتجبى هذه النسبة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الهاتف وتسددها للبلديات. وتجدر الاشارة هنا الى أن مؤسسة كهرباء لبنان لا تسدد هذه المبالغ للبلديات نظراً لوجود مبالغ مالية مترتبة على البلديات لصالح المؤسسة لقاء إنارة الشوارع العامة.

والجدير ذكره أن المرسوم الاشتراعي رقم (50) الصادر بتاريخ 5/8/1967 والمتعلق بتنظيم الدفاع المدني، يشير الى اقتطاع نسبة من حصة البلديات وتخصيصها للدفاع المدني.

يشير المرسوم رقم 4082 الذي يُعنى بتنظيم وزارة الداخلية والبلديات الى مصلحة الصندوق البلدي المستقل على الشكل التالي:

المادة 40: تتولى مصلحة الصندوق البلدي المستقل الإشراف على تنفيذ أحكام قانون البلديات والمراسيم التنظيمية المتعلقة بتحديد أصول وقواعد توزيع أموال الصندوق البلدي المستقل.

المادة 41: تتألف مصلحة الصندوق البلدي المستقل من:

- دائرة الحسابات والتوزيع.

- دائرة المشاريع المشتركة.

المادة 42: تتولى دائرة الحسابات:

- مسك حسابات أموال الصندوق المنصوص عنها في المادتين 2 و3 من المرسوم رقم 1917 تاريخ 6 نيسان 1979 ومتابعتها مع محتسب الخزينة المركزي في وزارة المالية والمحتسب المركزي في ادارة الجمارك ومع مصرف لبنان ومع غيرها.

- إعداد مشاريع المراسيم وملاحقة توزيع الحصص على اتحادات البلديات وعلى البلديات ومراقبة إنفاقها بما يتفق وأحكام النصوص المحددة في الفصلين الأول والثاني من المرسوم رقم 117 تاريخ 6 نيسان .1979

المادة 43: تتولى دائرة المشاريع المشتركة:

- الإشراف على تنفيذ المشاريع المشتركة التي يتقرر تنفيذها من أموال الصندوق ومتابعتها.

عائدات الصندوق

البلدي وتوزيعها

حدد المرسوم رقم 1917 الصادر بتاريخ 6/4/1979 أصول وقواعد توزيع أموال الصندوق البلدي، بحيث يتم توزيع الأموال الموجودة فيه بنسبة 25% على اتحادات البلديات و75% على البلديات.

أما كيفية تحديد حصة البلديات، فيتم تحديد القسم الأول من هذه الحصة، (70%)، على أساس 60% منها وفقاً لعدد السكان المقيدين في سجلات الأحوال الشخصية العائدة لكل منها، و40% على أساس الحاصل الفعلي لرسومها المباشرة خلال السنتين السابقتين. أما القسم الثاني من الحصة (30%) تخصص لمشاريع التنمية في البلديات، مع الاشارة الى أن هذا القسم لا يتم اعتماده ويكتفى بتوزيع القسم الأول كاملاً.

في تاريخ 28/12/2007 صدر المرسوم رقم 425 القاضي بتوزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل على البلديات عن العام 2005، والبالغة قيمتها 220 مليار ليرة، أي بتأخير سنتين. وقد بلغت عائدات الصندوق البلدي المستقل عن خمس سنوات (1997 - 2001) 890 مليار ليرة، وزعت على الشكل التالي:

- عائدات العام 1997: 190 مليار ليرة.

- عائدات العامين 1998 و1999: 400 مليار ليرة.

- عائدات العام 2000: 100 مليار ليرة.

- عائدات العام 2001: 200 مليار ليرة.

- عائدات العام 2003: 250 مليار ليرة.

- عائدات العام 2004: 200 مليار ليرة.

وبالعودة الى العائدات الموزعة هذا العام عن العام 2005 والبالغة قيمتها 220 مليار ليرة، فقد جرى اقتطاع نسبة 75% من العائدات أي 16.5 مليار ليرة من أجل توزيعها على اتحادات البلديات الموجودة وعددها 38 اتحاداً. كذلك اقتطع نسبة 5% من المبلغ المتبقي لتخصيصه للدفاع المدني، وقد بلغت حصته نحو 10.2 مليار ليرة.

أما المبلغ المتبقي للبلديات والبالغ 193 ملياراً و325 مليون ليرة، فقد حدد المرسوم الحالي، بخلاف مراسيم التوزيع السابقة، نسب التوزيع، بحيث يوزع 76% على البلديات على أساس السكان المسجلين في سجلات الأحوال الشخصية لكل بلدية. و24% على البلديات على أساس ما تحصّله فعلياً من رسوم مباشرة خلال السنتين السابقتين لسنة التوزيع.

بعض البلديات تجد في آلية التوزيع هذه إجحافاً بحقها لما تنطوي عليه من غياب للعدالة في التوزيع، لأن اعتماد عدد السكان المسجلين كأساس للتوزيع يضر ببعض البلديات التي يزيد عدد المقيمين في نطاقها الجغرافي عن عدد المسجلين بفارق كبير. وهذا ما يوقعها في حالة عجز كبير عن تلبية المتطلبات الكبيرة للسكان في نطاقها البلدي. وفي الوقت نفسه، يشكل اعتماد الجباية أساساً لتوزيع العائدات أمراً مضراً بالبلديات الصغيرة والبلديات المتكونة حديثاً كون هذه لا تقوم بالجباية المطلوبة إما لضعف جهازها البشري والاداري أو لرغبتها في مراعاة الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس وعدم تحميلهم أعباء الجباية.

لكن كم هو عدد البلديات التي يفترض أن تستفيد من توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل?

بحسب المرسوم الرقم 425 الآنف الذكر والذي يحدد العائدات المطلوب توزيعها، فإن عدد البلديات المستفيدة يبلغ حالياً 943 بلدية. بينما كانت في حزيران 2006 تبلغ 937 بلدية.

وفقاً لهذا المرسوم فإن حصة بلدية بيروت هي الأكبر وتبلغ ما نسبته 18.4% من التوزيعات، في المقابل نالت بلدية (الرجمة) في قضاء عاليه الحصة الأدنى والتي بلغت 9.2 ملايين ليرة.

لا يقترن صدور مرسوم توزيع الأموال للبلديات بالدفع مباشرة، إذ أن المبالغ المعلنة لكل بلدية يتم تقسيمها على أرفع دفعات خلال العام، أي بالتقسيط المريح. فضلاً عن ان المستحقات التي تدفع الآن تعود بتاريخ استحقاقها الى العام .2005 أضف الى ذلك فإن المادة (64) من القانون الذي يحمل رقم (326)، الصادر بتاريخ 28/6/2001 (قانون موازنة العام 2001)، تنص على اقتطاع نسبة 40% من حصة البلديات المستفيدة أو التي سبق واستفادت من خدمات الصندوق البلدي المستقل، وفقاً لنسبة استفادتها من هذه الخدمات التي تشمل: نفقات النظافة، جمع النفايات ومعالجتها وطمرها وبالاضافة الى تنظيف وصيانة المجاري والأقنية. وكثيراً ما فاقت المبالغ المترتبة على بعض البلديات لقاء هذه الخدمات الحصة المتأتية لها من عائدات الصندوق البلدي المستقل.

إن الصندوق البلدي المستقل الذي يفترض به أن يشكل الخزنة التي تودع فيها عائدات البلديات لتقوم الأخيرة باستغلالها واستثمارها هو في واقع الحال ليس كذلك في ظل المبالغ المقتطعة منه من جهة، وعملية تقسيط مستحقات البلديات من جهة أخرى.

رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري قال: لم نقبض مستحقاتنا العائدة للعام 2006 و2007 ونحن في منتصف العام 2008، أي أن هناك تأخيراً بمعدل سنتين وأكثر. فضلاً عن ذلك مداخيلنا من الصندوق البلدي المستقل تتقلص في كل مرة تدريجياً ولا نعرف السبب.

البزري قال إن جزءاً من مستحقاتنا لدى الصندوق البلدي تذهب لتمويل مشاريع لا علاقة لها بالبلديات لا في شكل مباشر ولا غير مباشر. وأضاف: جزء من مستحقاتنا تستخدم تحت ذريعة دعم المدارس إذ أن هناك بنداً في قانون البلديات يقول إن البلديات عليها مساعدة المدارس الرسمية. والمشكلة، كما يقول البزري، أنه يتم استخدام أموالنا في هذا الأمر من دون استشارتنا، كذلك عجز شركة كهرباء لبنان تتم تغطية جزء منه من أموالنا لدى الصندوق البلدي المستقل على اعتبار أن البلديات لا تدفع الرسوم المتوجبة عليها لقاء استهلاك الكهرباء لإنارة الطرق. هذا الأمر صحيح، يقول البزري، لكن البلديات الكبرى لديها مردود مالي نظراً لحجم نطاقها الجغرافي كبير جداً وتحصّل رسوماً وبالتالي ما تدخله من أموال أكبر بكثير من تلك المقتطع منها لقاء استهلاك الكهرباء، في الوقت عينه، هناك بلديات صغيرة وتمر فيها طرق وشوارع عامة كبيرة تستهلك من الكهرباء للإنارة أكثر من حجم مداخيلها، وهنا يقع الظلم.

البزري لفت الى أن حصة اتحادات البلديات من الصندوق البلدي المستقل تبلغ نسبة 5%، كان هذا الأمر عندما كان عدد هذه الاتحادات لا يتعدى العشرين، أما اليوم فعددها فاق الـ 50% اتحاداً وما يزال نصيبها من الصندوق 5%. البزري عاد وشدد على أن القاعدة التي توزع الحصص على البلديات غير معروفة، وان جزءاً من أموال البلديات تستخدم في مشاريع لا علاقة لها بها.

الحدث وعاليه

بلدية الحدث، التي هي واحدة من البلديات الكبرى في لبنان والتي لها مليار و71 مليون ليرة في ذمة الصندوق البلدي المستقل، قال رئيسها انطوان كرم: لا تعرف البلديات ما سيخصص أو ما تستحقه من مبالغ وكل ما تعرفه أنه يُقال لها هذه هي حصتك.

كرم لفت الى أن مستحقات البلدية من الصندوق تدفع على أربع دفعات وأن قبض هذه المستحقات كان يتم من قبل وزارة الداخلية والبلديات أما الآن فأصبحت من مسؤولية وزارة المالية وإن كانت الحصص تحدد في وزارة الداخلية والبلديات.

ومع كل ذلك، يشير كرم الى أن عملية الدفع ليست منتظمة ضمن أوقات محددة. وهذا ما أكده بدوره أمين سر بلدية عاليه عصام عبيد الذي قال: لا وجود لجدول زمني ثابت تدفع على أساسه مستحقات البلديات، كذلك لا تحصل البلديات على جميع حقوقها المالية، وطبعاً هذا ينعكس سلباً على قيامها بمتطلباتها.

مصدر في إحدى البلديات قال إن 40% من موازنة كل بلدية تقتطع لصالح سوكلين، التي تتولى عملية جمع ونقل ومعالجة النفايات، ولحساب دعم المدارس الرسمية.

تعليقات: