كفردبيان تنشط رغم الأزمات.. الشاليهات فوّلت لقضاء الحجر (صور)

من أحد مراكز التزلج في كفردبيان (تصوير مارك فياض)
من أحد مراكز التزلج في كفردبيان (تصوير مارك فياض)


من المعروف أنّ الحركة في منطقة كفردبيان تتكثّف في موسمي الشتاء والصيف، ولا سيما الشتاء، إذ تستقطب هواة التزلج ومحبّي الثلج في واحدة من المناطق الفريدة والوحيدة في الشرق الأوسط. ومع قرار الإقفال الذي فرضته الدولة للحدّ من انتشار كورونا، ورغم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، امتلأت المنطقة بالزائرين من المناطق كافة، وبشكل خاص حالياً لقضاء فترة الحجر بشكلٍ سليم في أجواء مريحة. كيف انعكست الأزمتان الاقتصادية والصحية على قطاع السياحة في المنطقة خلال هذا الموسم؟ وماذا عن موسم التزلج لهذا العام؟

عن هذا الموضوع، يفيد رئيس بلدية كفردبيان، بسام سلامة، أنّ "منطقة كفردبيان امتلأت من الأشخاص الذين قصدوها لقضاء فترة الإقفال، وجميع أصحاب الشاليهات أجّروا شاليهاتهم، فمَن يعيش في بيروت ومُلزم بالبقاء في منزله خلال هذه الفترة، يفضل قضاءها في جو هادئ، فالناس يبحثون عن الراحة النفسية مع الحفاظ على صحتهم وعدم الاختلاط، فالثلج عامل جذب ويوفّر هذه الراحة".

ويكمل: "لا شك في أنّ حركة استئجار الشاليهات خلال هذه الفترة حرّكت الاقتصاد، فمَن يملك شاليهات استفاد من إيجارها، ومَن يملك مطعماً استفاد من خدمة الديليفيري وزاد مدخوله، فكما يُقال "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ومنطقة كفردبيان تنشط أكثر من سواها خلال الأزمات، إذ تتوفّر لديها بنى تحتية ملائمة وشقق موجودة وهي منطقة جبلية نظيفة وقريبة إلى بيروت، لذا توجّه الأشخاص ذوو إمكانات مادية معيّنة لقضاء وقت في موسم الشتاء، سواء لقضاء فترة الحجر كلّها أم للتمتع بالثلج، لافتاً إلى أنّ "الفنادق تشهد أيضاً حركة في المنطقة والمطاعم فيها لا تستقبل سوى نزلائها، وهذه الحركة نشهدها دائماً بسبب تساقط الثلوج، وهناك حركة نشطة في المنطقة تقتصر على الأفراد وليس على الجماعات، فليس هناك أي نشاطات تؤثر سلباً على قرار الإقفال".

وفيما يتعلّق بانعكاس الإقفال على #السياحة الشتوية، يتابع رئيس البلدية: "لا شكّ في أنّ الإقفال التام أثّر على موسم السياحة الشتوية وموسم التزلج، فهو يشكّل الاقتصاد في كفردبيان وينعش العجلة الاقتصادية وكثيرون يعتمدون على هذا الموسم سواء من مؤسسات سياحية أو من مدرّبي تزلج ومقدمي الخدمات للمتزلجين والسياح الذين يمارسون رياضة التزلج التي تمتاز بها المنطقة في الشرق الأوسط. وبحسب بعض الدراسات، تُقدَّر خسائر المنطقة جراء كورونا والإقفال بمليار دولار، على أمل الحد من هذا الانتشار هذا الموسم ليعوّض الناس قليلاً من خسائرهم، ونضع بذلك إجراءات مشددة للانطلاق بموسم سياحة شتوي ولو بنسبة بسيطة، لكن يبقى هذا الكلام وفق نسبة الانتشار وحال الوضع الصحي الذي سنكون عليه، ونحن على تنسيق دائم مع الجهات المعنية لمتابعة الوضع الصحي".

وعن مراكز التزلج ونسبة الثلوج، يأمل سلامة "انتهاء كورونا اليوم قبل الغد، وأن تحتوي حينها مراكز التزلج ثلوجاً بنسبة ملائمة لنتمكّن من فتحها لتعويض بعضٍ من خسائرنا في الموسم، فهناك شركات كبيرة استثمرت هنا من خدمات مرتبطة بالتزلج وخدمات سياحية، ونحن توّاقون لمعاودة نشاطنا في المنطقة "، مضيفاً أنّ " في حال سُمح لأصحاب مراكز التزلج أن يفتحوها بعد انقضاء فترة الإقفال، فكمية الثلوج كافية، لكن أصحاب المراكز لم يجهزّوها بعد لأنّ لا بوادر بمعاودة فتح البلاد قريباً، ولم يفتتحوا موسمهم بعد، فهم متشدّدون جداً لناحية الوضع الصحي".

أمّا عن استعدادها لمواجهة كورونا، فيؤكّد سلامة أنّ "بلدية كفردبيان شكلت خلية أزمة منذ بداية الجائحة من أطباء ومستوصف ودفاع مدني بالإضافة إلى المجلس البلدي وسكان البلدة الذين ساعدوا البلدية، واتخذت إجراءت وقائية في كافة البلدة من تعقيم للمحلات وشراء البدلات الخاصة بكورونا للأطباء ليتمّكنوا من معاينة المصابين داخل البلدية، ونجري مسحاً على أعداد المصابين ومخالطيهم وكلّفنا جهاز الشرطة بمراقبة تطبيق هذه الإجراءات سواء على أصحاب المحلات أم على الزبائن، وحتى الآن ما زالت الأمور تحت السيطرة".

ما حال القطاع السياحي؟

أحد المستثمرين في القطاع السياحي وصاحب شاليهات وشقق مفروشة للإيجار في كفردبيان، يؤكّد على أنّه "رغم توفّر أعداد لا يُستهان بها من الوحدات لدينا، لا أماكن شاغرة بتاتاً، والأشخاص الذين يقصدون كفردبيان يأتونها من جميع المناطق اللبنانية، فهم اعتادوا زيارتها خلال الشتاء، وبما أنّنا نمرّ بفترة إقفال تام للبلاد، يفضّل الناس قضاءها هنا، لكن الحركة الأكبر بدأت منذ شهر تشرين الثاني قبل الأعياد، حيث بدأت تمتلئ جميع الشاليهات ليس عندي فقط، بل في المنطقة كلّها، فجميع الإيجارات موسمية كانت أم سنوية، هي ممتلئة ولا أماكن شاغرة فيها أبداً".

وعن النشاطات التي يقوم بها الناس في المنطقة، يشير المستثمر إلى أنّ "الحركة على الطرقات قليلة جداً لا بل نادرة، فالناس يكتفون بالبقاء في شاليهاتهم والاستمتاع بمشهد وجو الثلوج في ظل الإقفال، ويقومون برياضة المشي على الثلج لمسافات طويلة كنشاط فردي". ويضيف أنّ "هذا العام كان صعباً بالتأكيد في البلد ككل، ونحن نعتمد كمدخول أساسي على موسمين صيفي وشتوي، وانتشار كورونا لم يؤثّر بقدر الأزمة الاقتصادية، لكن في النهاية، هذا المنطقة توفّر السياحة الداخلية وهي جغرافياً واسعة وقريبة جداً من بيروت وتقدّم جميع الخدمات صيفاً وشتاءً، وجراء عدم قدرة الناس على السفر بسبب كورونا، نشطت هذه السياحة ما أدّى إلى اكتظاظ كبير في المنطقة، فهي تشهد انتعاشاً اقتصادياً بشكل دائم رغم الأزمات بحكم موقعها الجغرافي".

وعن انعكاس الأزمة الاقتصادية على المطاعم في كفردبيان في هذا الموسم، يشتكي صاحب مطعم "القناطر" في كفردبيان، رامز مهنا، من "أنّنا كمؤسسات سياحية في كفردبيان الأكثر تضرراً في ظل جائحة كورونا هذا الموسم، ورغم ذلك نحن مع تطبيق كافة التدابير الوقائية التي وضعتها الدولة للحدّ من انتشارها"، مشيراً إلى أنّ "القطاع السياحي يضم عدداً هائلاً من الموظفين وما زلنا قادرين على الحفاظ عليهم رغم غياب أي دعم من تخفيف للضرائب وللرسوم، بالإضافة إلى مشكلة الدولار السياحي، وقد أثرناها مع نقابة أصحاب المطاعم لكنّنا لم نحصل على أي جواب أو مبادرة بخصوصها حتى الآن".

ويلفت إلى أنّ "من الأمور التي تؤثّر على هذا القطاع أيضاً، أن بعض الأشخاص يدخلون إلى هذا القطاع عبر إنشاء مؤسسات دون استيفاء الشروط الصحية القانونية والمالية".

تصوير مارك فياض

تعليقات: