«عامل الدولية».. مؤسسة مدنية خارج أسوار الطائفية والمناطقية والعشائرية والعائلية

الدكتور كامل مهنّا
الدكتور كامل مهنّا


أجد وقعًا مفرحًا لخبر انتخاب "مؤسسة عامل الدولية" لعضوية الهيئة القيادية تجمع الصحة العالمي في جنيف، وسط هذا الجو السوداوي المعقد الذي نعيشه في لبنان، والذي تعمل مؤسسات الإعلام على تكريسه فينا لحظة بلحظة. فمسألة وصول مؤسسة إنسانية من دول الجنوب لتحتل حيزًا ملحوظًا في خريطة العمل الإنساني الدولي عامة، والأوروبي خاصة، لا تتعبر سابقة نضالية فحسب، بل ممارسة قائمة على مبادئ ثابتة وتفان في العمل الإنساني لعقود من الزمن من المحتم أن يوصل إلى نتيجة كهذه.

ويتجسد ذلك في "عامل" التي تحمل هوية واضحة في نضالها وسط الفئات الشعبية ومناصرتها قضية الشعب الفلسطيني العادلة. فقد سبق للمؤسسة أن قبلت بإجماع الحاضرين في "منظمة الهجرة العالمية" التابعة للأمم المتحدة و"الهيئة الدولية للمنظمات التطوعية" والتي انتخبت ايضاً في هيئتها القيادية بأعلى نسبة أصوات. وهي تشق الطريق امامها لتوصل "الأنموذج القائم على توفير الحقوق الأساسية للناس مع الحفاظ على كرامتهم وخصوصيتهم الاجتماعية"، كما يقول رئيس "عامل" الدكتور كامل مهنا، الذي هو "عامل في عامل"، وفق الصديق عبيدو باشا.

كيف تسنى للمؤسسة أن تخطو هذه الخطوات الجبارة إذن؟ السر بسيط، وليس سرًا على الإطلاق. إذ إن الامتحان الرئيسي هو في انتقال النموذج من أفكار مجردة سواء في الذهن أو على الورق، إلى أرض الواقع، وبشكل يومي، في مواجهة جميع الصعوبات "العادية" من جهة، وفي مواجهة الحروب والكوارث والأوبئة، من جهة ثانية وفي آن معًا. إن ما نجح فيه الدكتور كامل مهنّا الطبيب، أرساه في المؤسسة أفرادًا وكوادر ومستفيدين من مراكزها وبرامجها الخدماتية والتنموية والحقوقية.

وما نجحت فيه المؤسسة فعلا هو تحويل العناصر إلى قادة، وإلى محركين اجتماعيين في شتى أنحاء لبنان، وبالتالي انطلقت إلى الوطن العربي الكبير ومن ثم إلى العالم. فالخطاب نفسه، والمبادئ نفسها، والمسار نفسه. ويصعب تصور كيف أن مؤسسة مدنية خارج أسوار الطائفية والمناطقية والعشائرية والعائلية، قد استطاعت "السباحة عكس التيار"، وفق تعبير الدكتورة أماني قنديل، وفي الوقت عينه واجهت "بزنسة" القطاع المدني حول العالم والعمل المستمر من أجل عالم أكثر عدالة وأكثر انسانية، وصمدت وازدهرت وبات لها حضور دولي وازن، حيث يعتبر الدكتور كامل أن " كل إنجاز تحققه عامل إنما يصب في مصلحة بسطاء الناس والشعوب المقهورة حول العالم ودعم القضايا المحقة وفي مقدمتها القضية فلسطين".

تحية إلى "عامل" قيادة وقادة. والطريق دائمًا إلى الأمام، إلى حيث التأكيد على "كرامة الإنسان وحقه بالحصول على الصحة والرعاية بجميع أشكالها، وهي قضية لا تقبل التجزئة وستواصل عامل بالتعاون مع الهيئات الصديقة العمل من أجل تحقيقها".

* عماد الدين رائف (كاتب صحافي وباحث في قضايا حقوق الإنسان في لبنان والوطن العربي)

عماد الدين رائف (كاتب صحافي وباحث في قضايا حقوق الإنسان في لبنان والوطن العربي)
عماد الدين رائف (كاتب صحافي وباحث في قضايا حقوق الإنسان في لبنان والوطن العربي)


تعليقات: