الإتفاق المتأخر لا يحمي ليالي أهالي الضحايا السوداء

من احداث بيروت
من احداث بيروت


ما معنى أن يتفق الكل ويبقى أهالي الضحايا في حجر حزنهم. ماذا يعنيهم اتفاق جاء متأخرا عن ألايام السوداء. ماذا يعني اعلان، ربما ما كان حصل، لو لم يسقط الضحايا. الاتفاق الذي نرصد ردة فعله في الشوراع يتبخر عند اهالي هؤلاء. وكأنه لم يأت. وكأن الأيدي لم تتصافح. الزمن توقف منذ ليالي طويلة. ومنذ أيام أطفأ اهالي الضحايا تلفزيوناتهم قرفا... وانتهت أشياء كثيرة لديهم.

هل يعيد الإعلان احباءهم؟ هل نملك الاجابة عن هذا السؤال الذي يطفح بالثقل؟

هو اتفاق غير موجود بالنسبة لحسن طبارة. الرجل الستيني الذي يتحامل على النكبة التي أصابت العائلة في اليوم الثاني للاشتباكات، بعد أن أصابت قذيفة، السيارة التي تقل زوجته أمال وابنه المحكّم الدولي الدكتور هيثم (33عاما). «راحوا... بالزعبرة، بلا قضية... راحوا». أما ابناه رائد وأيمن فيرقدان في مستشفى الجامعة الأميركية للعلاج من اصابة في الخاصرة والظهر.

نسأله «كيف أنت»؟ يجيبنا: «أنا؟ أنا رايح... بالمرة، شو بدي أعمل؟ شو بقول؟ كنت عايش، وحطموني، كنت أحب الناس والحياة والخير. أيمن ورائد في مستشفى الجامعة، محمد ابني الرابع حدي، وأنا محطم. خلص».

يجب ان تنتهي مقابلتنا له هنا. قصة العائلة خرجت الى الصحف لتروي ماذا تفعل بنا الحروب ولنتعلم الدرس ويتفق من رموا الناس في مآزق العنف. أما وقد اتفقوا، فماذا يقال لآل بيضون؟

في مكان آخر، مأساة ثانية. مأساة آل القوزي. العائلة التي فقدت ابنها موسى ابن 21 عاما، وقد أصيب في اطلاق حسين يوسف الصبّاح النار على جنازة الشاب محمد شماعة في أرض جلول ـ الطريق الجديدة.

«ايعرف الزعماء معنى ان تخسر ولدا»؟ تسأل خالة موسى، بدرية الحلبي. «الشباب اللي راحوا، والله افهم من السياسيين... بس راحوا».

أخي راح ظلم، خطف. يختفي صوت شقيقته منال (28 عاما) عند هذه الجملة. «ماذا اقترف موسى؟ شهيد من ولماذا سقط؟ ثمن ماذا دفع؟ لا نفهم... ولا نفهم معنى ان يتفقوا. ماذا حصلنا من اتفاقهم؟ لاشيء. موسى راح. قُتل برمشة عين... وهيك نامت عيونك يا حبيبي يا موسى».

علي المصري ابن 19 سنة سقط في الجنازة نفسها. كان سيخطب حبيبته مثل هذا اليوم. وكانت لتكون فرحة العائلة كلها به، فؤاد، مايسة، محمد، وحسان. حسان كان ينزل محمد شماعة الى القبر عندما أخبره الشباب ان أخاه توفي. لم يصدق وقال لهم «بلا مزح هلق». لم يمزحوا. عيون والد علي لوحدها تقول أنهم لا يمزحون... هم اتفقوا وعلي ليس هنا ليفرح بُخطبته!!.

تعليقات: