لماذا يتمنّى إبن بيروت لو يكون خياميا؟


في حزيران 2005 وجّهت دعوة لمجموعة من الأصدقاء في الكشّافة (في جمعية الكشّاف اللبناني)، وغالبيتهم من أبناء بيروت، لتمضية يومين في بلدتنا الخيام التي هي محطّ فخرنا واعتزازنا.

وافقوا على الدعوة وهم يقولون "بدنا نشوف شو هيّ هالخيام يللي هلكتونا بالحديث عنها!"

كان أكثرهم فرحاً بهذه الزيارة الصديق محمد عيتاني، وهو "دينامو" المجموعة لأنه الأكثر حركة بينا... حينها كان في مطلع العشرينات من عمره وهو طالب في إحدى كليات الهندسة.

يتميز محمد عن غيره بوجهه البشوش وبأحاديثه وتقاسيم وجهه البيروتية الأصلية ومن أهم صفاته أنه شاب تقي ومسالم لأقصى الحدود.

بعدما وصل العيتاني إلى الخيام فُتن بها، أحبّ فيها طيبة أهلها وجمال وتنوع مروجها وكثرة ينابيعها، كيف لا وهو المحبّ للطبيعة!..

أحبّ المعتقل ونبع الوزاني وتأثر بمشاهدته لأرض فلسطين للمرة الأولى..

عند العصر أدهشته الكزدورة في البلدة...

فوق هذا كله أحبّ فيها هدوء الليل و"الرواق" ولم يأبه لانقطاع الكهرباء لأنه لا حاجة لل"AC"..

وختاماً أبدى اعجابه بلقمة الملوخية وبعدها استرخى مع باقي الأصدقاء على الشرفة المطلة على مرج الخيام مع "رأس النارجيلة على الطريقة البيروتية" مستمتعاً بالهواء يلاطف وجنتيه.

لقد أحبّ كثيراً محمد عيتاني الخيام لدرجة أنه اثناء العودة إلى بيروت قال لي: "معلّم، كيف فيي صير من الخيام؟".

للمفارقة، أنه في الأسبوع المنصرم، بعد توقف الأحداث في بيروت وعودة الهدوء إليها، وبينما كان محمد عيتاني يتجول في أحد شوارعها مع صديق مشترك (من الخيام أيضاً) إستوقفهما شابان من "قبضايات" المنطقة وقال له أحدهما:

"أنت عيتاني.. مع تيّار المستقبل؟"

فأجاب "أيه في شي؟" متعجباً!

مما دفع الشابان لأخذ وضعية الإشتباك عندها صرخ الصديق المشترك "طولوا بالكن، أنا من الجنوب"...

وبعد تحققهما من الأمر، إنحلّ الإشكال، وذهب كل في طريقه...

بعد دقائق إلتفت العيتاني إلى الصديق الخيامي وسأله متهكماً:

"معلّم، كيف فيي صير من الخيام؟".

مما لا ريب فيه أنه يوجد فارق كبير بمغزى السؤال الذي طرحه العيتاني مرتين، بل يكاد يكون يحمل معنيين متناقضين!

فهل عدنا إلى زمن الخطف على الهوية؟

من المشرّف أن يطلب إبن بيروت أن يكون خيامياً، لأن الخيام أدهشته ولأنه أحبّ كل ما رآه فيها!

ومن المعيب أن يطلب أن يكون خيامياً ليحمي رأسه في أجواء طغت عليها روح المذهبية.

تعليقات: