أدغال فصائل الطوائف المعاصرة


"كبر السبع وشاب، .....".

هرم الأسد، ملك الغاب، وتعثرت شؤون إدارة مملكته، التي غابت اللبوة أيضا عن مراقبتها، ولم يكن له وريث ليعتلي كرسي العهد!

حصل تململ لدى حيوانات الغاب، وشاء كل فصيل الإستئثار بالحكم والولاية، فسادت الفوضى بينهم، وهددت وجودهم جميعا.

دعاهم سبع الغاب الهرم جميعا الى عقد مؤتمر حوار في عرينه، ولبت جميع الحيوانات الكاسرة دعوته.

توصل المحاورون الى توافق ضمني غير منصوص، بحيث ينتدب كل فصيل ممثل عنه في مجلس الأعيان، الذي تشكل من ضبع، وذئب، وثعلب، وإبن آوى، ونمر، وفيل.

مثل الضبع الحيوانات الآكلة للحوم، المنتمية لفصيلة الثدييات الكلبية المفترسة التي تعتمد في غذائها على تناول الجيف الميتة، وتتمتع بنظر حاد وسمع قوي.

ومثل الثعلب الفصيلة الكلبية التي تأكل الحيوان والطير والحشرات، وتمتاز بالمكر والحيلة والمراوغة والدهاء والإحتيال.

انتدب الذئب عن فصيلة الحيوانات التي لا تاكل سوى اللحوم الطازجة، ويقارب تفكيرها تفكير الإنسان، وهي مضرب الشجاعة والدهاء، ونظر ثاقب، وحاسة شم في غاية القوة.

مثل إبن آوى فصيلة الحيوانات الليلية المفترسة التي لا تعوي إلا في الليل، وتتناول الحيوانات الميتة، والفواكه، وقد تاكل البشر، وتتمتع بالجري السريع.

مثل النمر فصيلة الحيوانات الإنفرادية التي تتجول منفردة في المساحات الواسعة التي تحدد نطاقها من خلال البول والبراز، لإعلام النمور الأخرى بأن هذه المنطقة محدودة!

مثل الفيل فصيلة الفيلة الأكبر حجما، وصاحبة الجمجمة الكبيرة والقوية، والخرطوم الطويل، والأنياب العاجية الطويلة، تمتلك ذاكرة قوية، وتعتاش على الأعشاب والخضار.

جرى لقاء وحيد لمجلس الأعيان، توصل خلاله الحاضرون على اقتسام قطعان الغنم، ومساحات الحقول، وروافد الأنهار.

حال دون جلسة ثانية لمجلس الأعيان لاحقا، حصول خلافات بين الفصائل، وتعديات على بعضهم البعض، وانتشار الفوضى والفساد، نتج عنها جرحى وضحايا، شكلت موائد عارمة للضباع.

سطا الذئاب في وقت لاحق على زرائب قطعان الغنم والماعز، مما ادى الى مجاعة عناصر عديدة من فصائل أخرى.

احتدمت النزاعات بين الفصائل، وساد الرعب والهلع فيما بينها، حتى ضربها "وباء أكلة اللحوم"، الذي أصاب جميع أكلة اللحوم، فنفقت جميعها، باستثناء الفيلة والماعز والغنم والدجاج، التي ارتاحت أساريرها وضمنت بقائها وتكاثرها، وولت الفيل الأكبر عرش المملكة، التي استعادت الامن والامان.

ما اشبه كائنات الأدغال القديمة بكائنات الأدغال المعاصرة!

لقد حل حاليا وباء الكورونا، فهل سوف يسمى لاحقا "وباء الفاسدين"، فيقضي عليهم جميعا، وتعود حياة الأمن والأمان الى "قطعان الطوائف الغفورة"!

* سعد نسيب عطاالله

تعليقات: