طلال إبرهيم يموت برصاصة في الميناء.. فلتان المخدّرات والسلاح، إلى متى؟

طلال إبرهيم وهو في الثالثة من العُمر.
طلال إبرهيم وهو في الثالثة من العُمر.


لحظة بائسة وبشعة في سجلّ هذا البلد المرهون لكفّ عفريت الأمن والنفوس المحتقنة، حيث تزهق الأرواح البريئة من دون عقاب، إذ توفي منذ ساعات الطفل طلال ربيع إبرهيم (٨ سنوات) برصاصة في رأسه، أطلقها الجاني سليم عيسى الذي ينازع بين الحياة والموت اثر نزيف حاد، بعدما انهال عليه ضربًا شباب المنطقة، الذين سارعوا بالعشرات إلى مكان الحادثة قرب "مسمكة الربيع" التي يديرها والد الطفل الضحية في جمارك الميناء، وفِي فيديو متداول، أشار شاهد الى "الطفل كان يركض من داخل المحل قائلاً للقاتل: ما تقوّص أبي... قام قوص الطفل".

وشيّعت الميناء الطفل طلال إبرهيم وسط غضب عارم، ترجمه عشرات الشبان المدججين بالسلاح بإطلاق النار الكثيف في الهواء، وذلك قبل أن يصلى على جثمانه في مسجد عثمان بن عفان ويوارى في مدافن الميناء الجديدة. وفيما الأجواء تتناقل عن نية "ثأر" متدحرج، تنتشر عناصر الجيش والقوى الأمن للجم تطور الحادث.

في المعلومات الأولية، وردنا من الشاهد ن. ص. وهو ابن الميناء، أن هذا الطفل كان برفقة أبيه في المسمكة ظهيرة اليوم، حين دخل الجاني إلى الشارع، في سحنة مريبة تبدو عليها تأثير المخدرات، وأخذ يطلق النار عشوائياً في الهواء. خرج والد الضحية من مسمكته وصار يسأل القاتل عن أسباب هذا التهويل ويطلب منه الكف عن إطلاق الرصاص، الأمر الذي استفز القاتل فأطلق النار مجدداً على محل والد الضحية وأصاب الطفل.

يضيف الشاهد: "القاتل لطالما كان يستقوي أهالي المنطقة ويشيع الذعر والترهيب بالسلاح بسبب أو بدون سبب. كان يدير بسطة للقهوة اسمها "أبو زينب"، وهي تعود لصهره محمد العكاري، الفارّ من المدينة بسبب أفعاله التخريبية والاعتداءات التي يقوم بها متوسلاً السلاح ومعروف أنه يتعاطى المخدرات. والجاني حمل السلاح من صهره".

وخلال ضرب الجاني حتى مماته، انتشرت مجموعة من الشباب كالنار في الهشيم، وقاموا بحرق قهوته، شاهدتهم السيدة عايدة ص. التي تقول ل"النهار": "كنت بالقرب من موقع الحادثة قرابة الثانية ظهراً، حين سمعنا رشقات رصاص متتالية وشاهدت أكثر من مئة شاب بعضهم يحمل البواريد، وآخرون يقومون بتكسير المحال. خرجت فوراً لتجنيب سيارتي الرصاص، وكانت الأقوال تتداعى عن طفل قتله رجل يتعاطى المخدرات. ثم رأيت غمامة سوداء تتصاعد في السماء وكانت تنبعث من بسطة الجاني المركونة على الكورنيش".

أما غليان شباب المنطقة فمستمر، وقد أعلنوا أنهم سيصعّدون في أعمال التخريب بعد الدفن. وأحد لا يجرؤ على التهدئة أو سؤالهم عن سلاحهم. هي حلقة جحيمية تطوّق حملة السلاح، بدءاً من الجاني الذي قتله جناة وهم يستمرون في تخريبهم، بعدما أباح لهم غياب الأمن (هل نسينا أحداث أيار الماضي في الميناء؟) أن يلجأوا إلى "الأمن الذاتي"، لأنّ القاتل والسارق والمخرب في لبنان لا يعاقب إلا عندما تكون العدالة استثنائية. وصارت هذه الأخبار تتواتر يومياً إلى المواطنين كأحوال نشرة الطقس. أوليس هذا عين الشواذ؟ والسؤال المطروح بعد كل حادثة: "إلى متى لا يعاقب المجرم في لبنان، وكيف يستمر انتشار المخدرات والأسلحة الممرَّرة من تحت الطاولة وفوقها؟".

وقبل أن تصلنا الإجابة، تغادرنا روح بريئة مرة أخرى، وربما لن تكون الأخيرة... السلام لروح هذا الملاك، والعزاء، أيّما عزاء، لأبويه وشقيقيه ربيع وجاد وكل أحبته.

تعليقات: