حكومة نهزم بلاءها بإسقاطها


إن شعار الحكومة الحالية بـ "حكومة التحديات"، خاطئ في الطبع، ووجب أن يكون "حكومة التعديات" على أبسط ضرورات المطالب الشعبية، التي أنجزت لتاريخه، ٩٧% بالماية من إفقار الشعب وإذلاله.

أبحث في هذا السياق، وفي كل وزارة حالية، عن إنجاز إيجابي واحد يصب في خانة ضمان مصالح الشعب.

أبدأ بوزارة الزراعة التي تشرف على غلاء تجارة الأدوية والأسمدة الكيماوية، وتنكب، منذ تشكيل الحكومة، على دراسة معمقة وموسعة لتشكيل لائحة بأسعار الفاكهة والخضار والمنتجات الحيوانية، التي ترى النور خلال القرن الحالي.

أما وزارة الإقتصاد، فإنها تدير شؤون مافيات المولدات الكهربائية، وجشع وكلاء المواد الغذائية، وعهر أصحاب الأفران المختبئين وراء خسائرهم الكاذبة في الرغيف المدعوم، بعيدا عن الأسعار الخيالية للحلويات والسكاكر، وتسعى إلى رفع الدعم عن المازوت والدواء والقمح.

تليها وزارة السياحة التي تغط في نوم عميق، في غرف الفنادق الفارغة، وتتناول الوجبات السريعة في المطاعم الخالية من أصحاب الأمعاء الخاوية.

نصل الى وزارة البيئة الساعية أبدا إلى منح رشوات ومسكنات مالية بخسة للسكان القاطنين بجوار مكبات القمامة القاتلة، وتوفير القطن لإقفال أنوفهم بعد أفواههم، ومحاولة إعفائهم من الرسوم والضرائب.

في متابعتنا لإنجازات وزارة الأشغال العامة والنقل، نشاهدها في نزهة على قطارات السكك الحديدية الممتدة على طول الأملاك البحرية المسروقة، ثم تعود إلى مكاتبها عصرا، في حافلات النقل المشترك الصدئة، غافلة عن الإرتفاع الفاحش لأسعار تذاكر السفر، على خطوط طيران الشرق الأوسط!

تهتم وزارة الصحة بتجهيز المستشفيات العامة الموصدة أبوابها منذ العصر الحجري، وتسهو عن الغلاء الفاحش للدواء وغرف المستشفيات الخاصة، وبدل معاينات الأطباء، وتنأى بنفسها عن حملات الوقاية الإعلامية حول انتشار وباء الكورونا.

نتنفس الصعداء أمام أبواب وزارة العدل، التي تسربت التشكيلات القضائية داخل شقوق غرفها حتى انتهى طوافها الى جوارير الحفظ والتأخير، وتطلق العنان لاستنسابية القضاة فيما يتعلق بحقوق المواطنين والمراجعين التي يطول انتظارها إلى دهور.

.

تأهبت ودخلت وزارة الدفاع، التي دخل عليها وباء حظر تقديم اللحوم في وجبات عناصر الجيش، والتي لم تنتفض لتاريخه، وإعلان حالة الطوارئ التي يتمناها الشعب بصدق وشوق، من أجل تأمين لقمة عيشه، وسلامة عائلاته، وديمومته، وكرامته.

يتبين لي أن وزارة الشؤون الاجتماعية غائبة عن حقيقة أن أكثرية سكان لبنان هم تحت خطوط الفقر، والمجاعة، والعوز، وأنها لا تزال تحتفظ بلوائح قطعان أصحاب النفوذ الفاسدين في تقديم عطاءاتها.

تفوح رائحة الشمبانيا عند الدخول إلى وزارة العمل، ويستقبلك جمع من الموظفين، يدعونك إلى مشاركتهم في شرب نخب البطالة المتزايدة يوما بعد يوم، بفضل مساعي المؤسسة الوطنية للإستخدام الخالدة.

ليس سهلا دخول الجائعين و المعوزين المنتفضين، إلى حرم وزارة الداخلية، دون تكبيل أياديهم بأصفاد معدنية، وسوقهم إلى غرف الحجز والتوقيف بمواكبة أبنائهم وإخوتهم العسكريين، المسخرين دائما لقمعهم بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، بعيدا عن ضرورات ملاحقة ومكافحة مهربي المواد المدعومة إلى خارج الحدود.

تخطو الى الوراء قليلا، فتصل الى مبنى وزارة الإعلام، التي اصبحت لزوم ما لا يلزم، رغم مضي زمن طويل على إدعاء طغمة السلطة، المطالبة بألغائها للتخفيف عن أعباء الصندوق الأسود الذي كثرت حوله الإشاعات والحقائق.

يقول لك المجيب عن دور وزارة التنمية الإدارية، أنها وزارة "التنبلة المستدامة"، التي لا يدرك أحد حدود مهامها التي تقتصر على تقويم الإعوجاج الإداري الذي دخل مرحلة الإنحطاط والجمود الحركي المطلق.

تتحسس جواز السفر قبل الولوج إلى وزارة الخارجية التي تنطق جدرانها الف حكاية وحكاية، عن ألف سفير وقنصل، وعن الصفقات والتعليمات والتعيينات المذهبية السوداء التي تطول نشاطاتهم المشبوهة، وتستغل أحلام المغتربين، الذين غفلوا عن أنهم هاجروا يوما الوطن مرغمين، هربا من امراء الحرب الذين يقبضون على السلطة منذ عقود طويلة.

تحملك موجة كهربائية من مولد طاقة ملوثة إلى وزارة الطاقة، تلك الطاقة التي أشار البناء إلى موقع مكانها في الحائط، لكنها لا زالت مقفلة، ومفقود منها النور الذي كان يؤمل دخوله من خلالها. إنها مصيبة المصائب، وجائحة الجوائح، وناهبة الخزينة العامة٢٤/٢٤، أي ليلا ونهارا.

عليك الأبتسام عنوة داخل وزارة المالية التي تسلخ جلود القطعان في مسالخ العهر المالي، التي يقتصر زبائنها على زبانية مافيات السلطة وزعرانها. إنها محرقة كل الأجيال، السابقة والحالية واللاحقة. إنها عاهرة الوطن التي تتغاوى على أنغام ووقع وعود الفاسدين والمفسدين، الناهبين السارقين! إنها بالوعة الأوادم، وشفيعة الولائم، والعمائم، والغنائم، وأم الصناديق السوداء المنتشرة في كل مفاصل الدوائر الرسمية.

إنها حكومة التعديات على الحقوق العامة من أجل ديمومة الباطل الخاص لكل أمير حرب ووارث نفوذ سياسي متخلف. أدعو عليها متمنيا سقوطها الفوري الكبير، قبل الوصول إلى وضعية الإنهيار العدمي المطلق للشعب والوطن، والوجود.

* سعد نسيب عطاالله

تعليقات: