أسامينا


في كلماته الشاعر جوزيف حرب، التي غنتها السيدة فيروز، لكبير دليل على أهمية الاسم الذي يختاره لنا أهلنا.

أسامينا شو تعبو أهالينا

تلاقوها وشو افتكرو فينا

الأسامي كلام .. شو خص الكلام .. عينينا هني أسامينا

لا خضر الأسامي و لا لوزيات، لا كحلي بحري و لا شتويات، ولا لونن أزرق قديم ما بيعتق، ولا سود وساع ولا عسليات، ولا فيهن دار دار الخمارعلينا و بلش يسقينا، تلج و ورق طاير و المسا حزين، و ضباب و قناطر نحنا بردانين، لملمنا أسامي اسمي عشاق، من كتب منسيي و قصايد عتاق، وصرنا نجمع اسامي و نولع، تصارو رماد و ما دفينا.

وعليه، يعني بعض الأهالي من مسألة اختيار أسماء أولادهم، فمنهم من يطلق عليهم أسماء السلف من جدات وجدود، والبعض الآخر يختارالاسم العربي في ما البعض الآخر يفضل الاسم الأجنبي.

أما أنا فلم يكن لأهلي عناء اختيار اسمي، فقد زكت والدتي هذا الاسم قبل ولادتي بسنوات كثيرة، فأطلقت علي اسم شادي عند ولادتي عن سابق تصور و تصميم، وعندما صرت ناشئا أخبرتني أمي قصة اختيار اسمي، حيث إن سبب تسميتي بـ (شادي) هو إعجابها الشديد بأغنية فيروز "أنا و شادي"، الأمر الذي دفعني إلى البحث عن قصة هذه الأغنية، وكان الجواب أنها تحية لفلسطين، أنشدتها السيدة الكبيرة في الذكرى العشرين للنكبة .

لا أدري إذا كانت قصة اختيار اسمي سببًا لعلاقة روحية مع فلسطين، فكلما وقفت على جبل نابو و منطقة المغطس أو البحر الميت في الأردن، أو كنت على الحدود الجنوبية للبنان أشعر برهبة ووقار عندما أنظر إلى الداخل، فأستذكر أيام السيد المسيح، وتبشيره حيث بدأ رسالته من هناك، كما يأخذني فكري على شكل شريط مسجل إلى المرحلة السوداء التي شهدت تهجير الفلسطينيين من أرضهم من دون وجه حق وسط صمت وتأييد من قريب وبعيد، فأحس نفسي وكأنني كنت يومها في دير ياسين أو حيفا، أو في القدس.

أعود لأكرر بأنني لا أعرف سبب هذه الرهبة، فهل السبب يكمن في أننا بعد كل هذه السنوات لم نجد شادي بعد؟ هل مازلنا نبحث عنه؟ وأين سنبحث؟ في العراق؟ أم في سوريا؟ أوفي اليمن أو في وطني لبنان؟ الذي زاره السيد المسيح أيضا، إضافة إلى أنه كان مسرحًا لضروب من التهجير، والمجازر والحروب.

ربما لا أستطيع أن أجد إجابة لرهبتي وشغفي تجاه فلسطين، وربما أنا عاجز عن وضع حد لضياع شادي، لكنّي أعوض ذلك عبر سعيي الدائم في أن أكون في خدمة شادي اجتماعيًّا ريثما نستفيق جميعًا، ونجعل شادي العربي يعيش عيشة كريمة في بلده، وليس في المهجر، و ريثما يعود شادي الفلسطيني إلى أرضه حقه كإنسان على وجه هذه الكرة الأرضية.

* شادي مشنتف - أستاذ في علم الاجتماع

تعليقات: