للتذكير وللعبرة.. ما أفصح القحباء حين تحاضر بالعفة

النائب حسن فضل الله.. تركه الحليف في منتصف الطريق
النائب حسن فضل الله.. تركه الحليف في منتصف الطريق


وبعد جلسة تشريعية كان من المفترض بها أن تأتي بما يُنصف اللبنانيين، خرج النائب حسن فضل الله للإعلام ليتبين أن الحلفاء قبل الأخصام تخلوا عن محاربة الفساد وتنازلوا عن الأموال المنهوبة، مع أن حسن فضل الله لم يتقدم بتعديل دستوري إنما تقدم بتعديل قانوني، أي أن ما تقدم به هو غب طلب المرحلة لفرض أمر واقع على أرض معركة محاربة الفساد لكي تتم محاسبة المسؤولين مهما كانت حصانتهم كي نستطيع أن نسترد الأموال المنهوبة، وللمفارقة مشت القوات بالطرح ومعها، مغردين خارج السرب، النائب آلان عون والنائب سيمون أبي رميا اللذين بموافقتهم رسما علامة استفهام كبيرة حول ما يجري داخل صفوف كتلتهم النيابية الكبيرة في البرلمان.

لم ينطق فضل الله باسم الحليف الذي تركه في منتصف الطريق غير أن الإعلامية وفرت عليه العناء.

هنا لا بد من أن نسأل سؤالاً، ما الذي يجري مع التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل،أين ذهبت مقولة "نحن أول من تقدم بقانون استرداد الأموال المنهوبة ومحاسبة المسؤولين ومحاربة الفساد"،أين هي القطبة المخفية في ما تقدم به حسن فضل الله ولم تناسب لا في آنها ولا آوانها حسابات حليفه المسيحي فعمد إلى قطع الطريق، يقابله وبشكل ملفت للنظر كيف صوتت كتلتا المستقبل والتيار ضد قانون رفع الحصانة ومحاسبة الوزراء والمسؤولين. ما يجري في المجلس النيابي هو أنه عدنا إلى المماحكات والتسويف والعراقيل، وعادت بعض أهم القوانين إلى جوارير اللجان،إلى مقبرة القوانين والمثير للعجب هو أن النائب ابراهيم كنعان سيدرس قوانين محاربة فساد ما ومحاسبة مسؤول ما واسترداد اموال من جيبة أحدهم، وما الذي كنا نفعله إلى الآن وما هو دور لجنة العدل إن كانت لجنة المال تطبق بيدها على كل الملفات والقوانين.

بعض أهم المراحل التي مرت منذ ما يتعدى، على الأقل، عقداً من الزمن، عادت إلى الواجهة، فما الذي أُنجز في ملف الكهرباء على مر ما مر من وزراء للتيار استلموا هذه الوزارة، تارة الحل في بواخر وتارة الحل في تلزيمات أو مناقصات تلزيمية وتارة حجج بعرقلة البعض لهم في هذا الملف.

ما الذي حصل في ملف الاتصالات، رُرفعت شعارات استرداد الخلوي وإيرادات الخزينة كعاصفة هوجاء، وكان من المفترض أن يسترد لبنان ثروته الخلوية لأجل خزينته الفارغة، وها هو الوزير الجديد يناور ويراوغ وكأن شيئاً لم يكن، بل وأكثر يحاول اقناع الرأي العام بأن شركتي ألفا وتاتش هما الوحيدتين القادرتين على إدارة هذا المرفق، أليس من المفترض أن يُقدم هذا الوزير على استرداد بعضاً من الأموال الضائعة عن الخزينة، ألا يرسم هذا علامة استفهام كبيرة عن نهج معتمد في مقاربة الملفات الداهمة مع هذا الفريق، وكأن حقوق المسيحيين التي يتحفنا بالدفاع عنها هي فتات بعض الأموال للمستشفيات ذات الطابع المسيحي، فقط للدعاية، لكن عندما يكون أمراً لا ينال فيه كل التقدير والتبجيل والتبجح يعرقله ويضع له العصي في الدواليب.

مشهد البارحة وامتعاض النائب فضل الله أعاد كل الأسئلة إلى لوحة المشهد الوطني العام، اسئلة اعتدنا اجوبتها، لم يتركونا نحقق خطتنا، لم يتركونا نعمل، ولكن على ما يبدو،هنالك فريق رفع أقوى الشعارات عن محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وتحقيق أحلام المسيحيين، لكن الحقيقة على ما يبدو هي أنها معارك واهية واستهلاكية لنبض الشارع، فلا وعود تحققت ولا انجازات ملموسة في جيوب الناس ومعدتاهم، وصمت مريب أمام استكبار الدولار لنا، فأكبر فريق سياسي في البلد لم يستطع أن يضع حداً لهندسات مالية جائرة والدولار الذي لم يعد يخجل، يضع نصب عينيه عتبة ال٥٠٠٠ ليرة يقابله الصمت المطبق الذي يشارك فيه هذا الفريق ازاء ما يرتكبه حاكم مصرف لبنان من تنكيل بأموال الناس وجنى عمرهم، صمت مطبق تخرقه في بعض الأحيان أصوات خجولة مثل ما تفضل به النائب أسعد درغام الذي هو ايضاً بدا كمن يغرد خارج السرب، فلقد رأينا ماذا حصل عندما نزل التيار على الأرض لكي يحتج ضد الغلاء الفاحش، مهزلة لم تدم أكثر من بضع دقائق.

التجاذبات السياسية حالت دون أن تثلج صدر اللبنانيين حتى لو بقرارٍ صغيرٍ يغير شيئاً على أرض الواقع، فأكبر كتلة نيابية لم تعترض على الكابيتال كونترول المقنع والآن ايضاً لم تعترض على الهيركات المموه بتعميمات مصرف لبنان،خرج الهيركات من الباب وعاد من الشباك، حتى مشروع ال١٢٠٠ مليار لم يسلم من البتر.

كل هذا هو غيض من فيض، ولا يمكننا إلا أن نسأل هل نحن فعلاً بحاجة إلى اسبوعين أكثر لدراسة كيفية محاسبة من نهب أموال لبنان كما قال النائب سيمون أبي رميا، ألم يكن من المفترض أن يكون التيار قد انتهى من دراسة ما نادى به على مدى خمسة عشر عاماً، وهل هم فعلاً صم وبكم وعميان ازاء ما ينتهجه رياض سلامة من هندسات مالية، هل هم فعلاً يريدون أن يحلوا مشكلة الكهرباء والاتصالات وأن ينتصروا للشعب الذي يرزح تحت ثقل اقتصادي ووصحي، استفحال سعر الدولار بات أخطر على المجتمعات من الكورونا، ما الذي أنجزوه منذ سنة ٢٠٠٥ سوى معارك شعبوية لم تؤدي سوى إلى المزيد من العرقلة وتراجع الحالة المسيحية، كل ذلك يجب أن يكون له جواب ملموس وشافٍ هذا وإما الإعتذار من الناس على تضييع وقتها وهدر مئات الفرص هباءً وإلا كل ما قد فعلوه حتى اليوم هو تطبيق للمقولة، ما أفصح القحباء حين تحاضر بالعفة.

* المصدر: alkalimaonline.com

تعليقات: