تعبئة أممية جنوباً: جنود اليونيفيل تحت الحجر


لم تحتفل الوحدة الهندية في اليونيفيل بعيد الألوان مطلع الشهر الجاري، كما اعتادت أن تفعل في مقرها في بلدة كوكبا (حاصبيا). لم تدع أهالي المنطقة وفاعلياتها التزاماً بالإجراءات الوقائية لمنع انتشار «كورونا». قبلها في القطاع الشرقي، خفف المستشفى الميداني الصيني في سهل بلاط (مرجعيون)، من أنشطته إلى الحد الأدنى منذ اكتشاف الفيروس في بلاده، قبل وصوله إلى لبنان في 20 شباط الماضي. وعلى نحو تدريجي، تقلصت التحركات الخارجية الخدماتية ومهمات التواصل لوحدات اليونيفيل على اختلافها. بددت الإجراءات الإستباقية الأممية حال الذعر التي كادت أن تتفشى في جنوبي الليطاني من وجود حوالي 11 ألف جندي أجنبي بينهم ويتنقلون بين الجنوب وبيروت. لا سيما أن أكثرهم من الدول التي صنفت لاحقاً موبوءة، إيطاليا وفرنسا وإسبانيا. الإطمئنان حالة شائعة بين القطاعات الغربي والأوسط والشرقي لأسباب عدة. حتى الآن، لم يصب أي من الجنود بالفيروس. إذ أنهم في حالة حجر عن بلدانهم الأصلية قبل كورونا. أفراد الوحدة الصينية (مقرها الحنية قضاء صور) الموجودون في الجنوب حالياً، وصلوا في أيار الفائت أي قبل اكتشاف الفيروس بأشهر. وكان من المفترض أن يستبدلوا في أيار المقبل. وفور انتشار الفيروس، قررت قيادة الوحدة منع أي من جنودها من الحصول على إجازة للسفر إلى الصين أو غيرها. أما أفراد الوحدتين الفرنسية والإيطالية الذين يخدمون حالياً، فوصلوا في أيلول الماضي وكان من المنتظر أن يغادروا في أيار المقبل. أما الوحدة الإسبانية، فأجرت آخر تبديل في تشرين الثاني الفائت. علماً بأن معظم قيادات الوحدات العاملة، علقت عمليات تبديل جنودها الدوري منذ اندلاع الإنتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول والماضي وتدهور الأوضاع الأمنية. لكن ابتعاد حفظة السلام عن مواطنهم التي باتت تصدر كورونا، لم يقطع القلق نهائياً. قلق عززه الإشتباه بإصابة جندية في الوحدة الماليزية المتمركزة في بلدة معركة (قضاء صور) قبل حوالي أسبوعين، بعد عودتها من إجازة سياحية في مصر. لكن البلدية وقيادة الوحدة أكدتا بأنها مصابة بآلام في المعدة وليس بكورونا بعد نقلها إلى مستشفى بيروت الحكومي وإخضاعها للفحص المخبري. تلك الحادثة أدت إلى فرض منع سفر الجنود من لبنان حتى إشعار آخر ومن كان خارجاً في هذه المدة لم يسمح له بالعودة.

مُنع الجنود من السفر من لبنان ومَن كان خارجاً لم يسمح له بالعودة

ميدانياً، لم تعلّق اليونيفيل دورياتها العسكرية. «طبيعة المهمة لا تسمح بالحجر» وفق مصدر أمني لبناني. تلك الطبيعة استثنت حفظة السلام من خطة التعبئة الصحية العامة التي لم تأت على ذكرهم. لكن قيادة الناقورة كانت قد أعلنت تعبئتها الخاصة في مراكزها قبل تعبئة الحكومة. في جوابه على استفسارات «الأخبار»، قال الناطق الإعلامي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي بأن «المهمة الأكثر أهمية حالياً حماية حفظة السلام التابعين لليونيفيل، سواء عسكريين أو مدنيين و المتعاقدين، فضلاً عن السكان، لمنع انتشاره». ماذا فعلت اليونيفيل؟ «منذ بداية تفشي المرض، اتخذنا جميع التدابير الاحتياطية اللازمة من أجل منع الإصابة بالفيروس بين أفراد البعثة وما زلنا نلتزم بهذه التدابير. وبعد زيادة الحالات المؤكدة في لبنان، عززنا التدابير المستندة إلى المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية بحذافيرها»، منها فحص حرارة الداخلين إلى المراكز والإلتزام بالتعقيم وارتداء القفازات والكمامات، فضلاً عن «نصح أفراد اليونيفيل بعدم السفر إلى المناطق أو الدول المتضررة».

بعد إعلان التعبئة الصحية العامة، لم تعد تلك التدابير كافية. تعليق دوام الموظفين خيار طبّق بين الموظفين المدنيين. «استعرضت قيادة البعثة أدوار جميع الموظفين المدنيين وتقوم بتطبيق إجراءات بديلة، بما في ذلك العمل من المنزل خلال الأسبوعين المقبلين كإجراء مؤقت». ماذا عن الجنود الذين ينفذون دوريات مؤللة وغالباً لا يحتكون بشكل مباشر بالأهالي؟ «على الرغم من الوضع الصعب، تواصل اليونيفيل تنفيذ أنشطتها العملياتية على مدار الساعة لضمان الإستقرار على طول الخط الأزرق. وقد اتخذت اليونيفيل جميع الإجراءات الاحترازية لمنع أي إصابة بالفيروس وانتشاره»، بحسب تيننتي.

تعليقات: