ناجي الفليطي خسر عمله فانتحر

ناجي دياب الفليطي (40 عاماً) يُعرف بعلي الزغلول
ناجي دياب الفليطي (40 عاماً) يُعرف بعلي الزغلول


فاجعة تهزّ بلدة #عرسال جراء قرار والد لطفلين إنهاء حياته من أجل لقمة العيش والظروف الاقتصادية التي تزداد وجعاً، وبلغت ذروتها في بلد باتت تُفتقد فيه الرحمة والإنسانية. ناجي دياب الفليطي (40 عاماً) يُعرف بعلي الزغلول، متأهل من إثنتين، وله ولدان: رنيم (ستّ سنوات) والطفل محمد (عام واحد).

لم يجد ناجي الخلاص من ديونه التي لا تتجاوز مصروف مسؤول في الدولة في اليوم الواحد، سوى حبل ربط عنقه به داخل منزله، ليُنهي حياته على مرأى من عائلته ووالده الذي صدم من مشهد سيذهب معه إلى لحده، عندما رأى فلذة كبده مشنوقاً، فما كان أمامه سوى الصراخ وإحضار سكين لقطع الحبل لعله يعطيه رمقاً من الحياة من دون النجاح في ذلك.

ديون ناجي الذي لم يجد عملاً منذ شهرين (بعدما كان ينتمي إلى المؤسسة العسكرية وتركها منذ ستة اعوام ليلازم ابنته رنيم إذ كانت والدتها التي تعاني مشكلات صحية واضطرابات لا تسمح لها بالاعتناء بها، وذلك ليتسنى له العمل بجوارها داخل البلدة، كذلك أُصيبت زوجته الثانية فاطمة بمرض عضال، ما رتّب عليه اعباء مالية لا يمكنه تأمينها)، كانت همّاً، لكن الأصعب كان عندما طلبت ابنته ألف ليرة ثمن شراء منقوشة ولم يستطع ان يؤمّنها لها، فقرر إنهاء حياته.

شقيقته نجوى أكدت لـ "النهار"، ان شقيقها ناجي لم يجد عملاً بعد تركه المؤسسة العسكرية، ثم عمل بمنشار للأحجار لفترة قصيرة، غير أن العمل توقّف مع الأحداث التي مرت بها البلدة خلال السنوات الأخيرة، مع ضيق فرص العمل وتراجع معظم مقالع الأحجار وإقفالها، مما أوقعه في عجز مالي كبير، فترتبت عليه أعباء مالية لم يعد بمقدوره سدادها، إن كان من الأقرباء او المحال التجارية في الحي أو تأمين لقمة العيش.

ضغوط كبيرة عاشها، كما أكدت زوجته، خصوصا مع عدم قدرته على تأمين الحليب لطفله محمد، إلى ضغوط أخرى، آخرها صباح اليوم، حينما طلبت ابنته رنيم من والدتها الف ليرة كسائر الأطفال لتقصد بها دكان الحي حيث يقطنون في محلة وادي الحصن في عرسال، الا أنّ الوالدة التي لا تملك هذا المبلغ الزهيد طلبت منها أن تسال والدها الذي لم يتمكن من القول لها "ليس لديّ ما تطلبين"، فتجاهلها وانتظر خروجهما من المنزل ليعمد إلى شنق نفسه داخل احدى الغرف، وحين عادا وجداه قد فارق الحياة.

وأضافت نجوى أنه قبل يوم من الحادث، أمضى ناجي سهرته في منزلها من دون أن يتكلم: "كانت نفسه عزيزة، فلم يطلب مالاً، علماً أنه لم يتمكن من تأمين المازوت لمنزله، وكنا نعمل على جمع أشخاص للقيام بـ"جمعية" لتامين مبلغ نعمل على تقسيطه، ونقدّمه له. وعندما نسأله عن حزنه كغير عادته، يكون جوابه دائماً: "تؤلمني معدتي".

وسألت نجوى: "أليس هناك دولة ترى أبناءها في أي حال يأكلون مع التوقف عن العمل ومن دون وجود فرص لتأمين المال؟". وحمّلت مسؤولية وفاة شقيقها "لكل مسؤول أوصل حالهم الى هنا".

ورأت أوّ ناجي لم يمت إلا "حسرة وشهيداً للقمة عيش لم يجدها، والغلاء الذي وصلنا اليه ساهم في ضيق المعيشة، ودفع بأخي لينتحر هارباً من أن يكون تحت رحمة حكام لا يعرفون سوى النهب والظلم".

لفّ البلدة الحزن أمام مأساة قد تتكرّر، إذ ثمة مئات الحالات كحالة ناجي، وهم تداعوا الى اعتصام يوم غد الاثنين أمام المجلس البلدي حداداً على روحه والوقوف في وجه السلطة.

تعليقات: