هل نسمح بأن تصبح الخيام بلدة منكوبة؟!


تتوالى الأخبار المشؤومة وتتأكد المعلومات يوماً بعد يوم، عن وجود مشروع لإقامة معمل فرز ومطمر للنفايات في منطقة آبل القمح لمعالجة نفايات أكثر من ثلاثين بلدة وقرية تابعة لاتحاد بلديات بنت جبيل واتحاد بلديات جبل عامل واتحاد بلديات القلعة، وهو مشروع لو نفذ على الطريقة اللبنانية، سيشكل كارثة بيئية وصحية وإجتماعية على سكان الخيام ومنطقتها، وسيتسبب باضرار هائلة على مصادر المياه في جبل الشيخ وسهل الخيام وسهل الوطى ونهر الوزاني، وسيضع الخيام ومنطقتها على فوهة بركان بيئي وصحي وإجتماعي خطير ووجودي، لا يمكن التهاون في مواجهته ومنعه ولو بقوة الحق والقانون والمواجهات الشعبية.

تشكل منطقة آبل القمح الإمتداد العقاري والطبيعي لمنطقة الخيام العقارية، وهي منطقة غنية بمصادرها المائية وتنوعها الطبيعي وخصوبة تربتها البكر، وتتركز حولها منتجعات سياحية ومنتزهات ومطاعم ومشاريع زراعية واعدة يغطي إنتاجها معظم الأراضي اللبنانية، وتعتبر الخيام الحاضنة الطبيعية لها.

إن اختيار هذه المنطقة لإقامة معمل فرز ومطمر للنفايات فيها سيحولها إلى منطقة بيئية منكوبة، وسيحول الخيام، وهي أقرب البلدات لها، إلى محجر صحي موبوء يهدد صحة وحياة أكثر من مئتي ألف مواطن مقيمين فيها وبمنطقتها، ويحولهم إلى رهائن للأمراض والتلوث والسموم والموت البطيء، وهذا يستدعي مقاومة شرسة لهذا المشروع الإرتجالي والشيطاني الذي سيقضي على مستقبل المنطقة ويترك آثاراً بيئية وصحية مدمرة، هي اكثر خطورة من المشروع الصهيوني الدائم في المنطقة.

إن الخيام التي قدمت التضحيات الهائلة من دماء وأرواح أبنائها على مدى اكثر من مئة عام، تعرضت خلالها بيوتها وأرزاقها ومزروعاتها وممتلكاتها للدمار والخراب، وعانى أهلها من منافي النزوح والتهجير والهجرة، لا تكافىء بمثل هذا المشروع التدميري.

كنّا ننتظر من المعنيين في دولتنا العلية المبادرة إلى إجراء الدراسات والتحاليل البيئية والمخبرية لمعرفة أسباب حالات السرطان الكثيرة في الخيام، والتي ساعد في تكاثرها القصف الإجرامي الإسرائيلي لأرضها باليورانيوم المخصب، الا أننا نفاجىء بمشروع مشبوه أقل ما يقال فيه أنه سيؤدي إلى خراب المنطقة وتعريض اهلها لابشع صنوف المعاناة اليومية.

إن هذا المشروع الخطير، بالرغم من كل الوعود والتطمينات والكلام المعسول، يستدعي الإستنفار الشامل في صفوف بلديات المنطقة وجمعياتها واحزابها وأهلها والمؤسسات العامة والخاصة فيها، وعلى المجتمع الخيامي تحديداً أن يبقى متيقظاً وواعياً للمخاطر الهائلة والمحدقة به، وأن يكونوا على استعداد دائم لفضح من هم وراء هذا المشروع والمستفيدين منه، على حسابهم وحساب صحة أطفالهم، وأن يتوحدوا لإسقاطه.

أن تتحول الخيام من جنة ومقلع للمثقفين والمقاومين والعلماء وأصحاب العلم والمعرفة إلى بؤرة للأمراض الخبيثة والسرطانية هو أمر جلل لا يحتمل التهاون، وهو برسم أبنائها واهلها، فهل سنسمح بأن تصبح الخيام مدينة منكوبة؟!

أحمد حسَان


تعليقات: