صناعة ماء الزهر مهنة عرفتها العائلات الصيداوية توارثاً عن الأجداد

أحمد الملاح يحافظ على إرث الأجداد في صناعة ماء الزهر
أحمد الملاح يحافظ على إرث الأجداد في صناعة ماء الزهر


مع بداية فصل الربيع تنبعث من مدينة صيدا رائحة زهور شجر «البوصفير»، الذي يتحول إلى ماء الزهر بطعم مميز، وهو التراث الصيداوي الأشهر الذي كانت تتميز به المدينة. لكن اليوم، ومع التحول من زراعة «البو صفير» الى الموز وغياب أشجار الحمضيات على أنواعها التي كانت تتميز برائحة أزهارها الزكية، ما زالت عائلة الملاح في صيدا تحافظ على هذا التراث مع عدد من الأهالي والمؤسسات التي ترعى هذا الإنتاج التراثي الهام، لكنها تضطر لشراء الزهر من البساتين المحيطة بمدينة صيدا، وخصوصاً من بلدة مغدوشة، كون التمدد العمراني في صيدا أضر كثيراً بأشجار «البوصفير».

أحمد مصطفى الملاح، الذي يقطن في القياعة التحتا - الهلالية، تعلم المهنة على يد والدته سناء الملاح التي تعمل بهذه المصلحة منذ 40 عاماً، وهي تعلمتها كون زوجها مصطفى الملاح تعلم المهنة عندما كان يعمل في محل للحلويات في صيدا يملكه ابراهيم السنيورة (عم رئيس الوزراء فؤاد السنيورة)، ومصطفى تعلمها أيضاً من والدته فاطمة الحريري، التي بدورها تعلمتها من والدتها شفيقة الغزاوي.

«لـواء صيدا والجنوب» التقى الملاح ودار معه حوار حول واقع المهنة وأهميتها.. يبدأ الملاح الحديث عن صناعة ماء الزهر من مشكلة غياب الزهر، عموماَ وارتفاع درجات الحرارة «الشلوق» التي ذهبت بالموسم، كون الزهور تفتحت باكراً وذبلت.

وقال: يدوم الموسم بين 10 و20 يوماً، واذا كان الطقس بارداً يرتفع الى 30 يوماً، ولم يساعدنا الطقس هذا العام، حيث كنا في الموسم الماضي نقوم بإنتاج 60 «ألفية» ماء زهر، تحتاج كل واحدة منها الى 5 كلغ بحرارة منخفضة على مدى 12 ساعة متواصلة، وتباع كل «ألفية» بمبلغ 65 ألفاً وما فوق، وهو نتاج يقوم به أهالي مدينة صيدا والجنوب، لكن صيدا اشتهرت بهذا التراث كون إنتاجها غزيراً ويُطلب بكثرة في العاصمة بيروت، ونحن مازلنا نوصل الطلبات إلى بيروت. وأشار إلى «أن من مزايا استخدام ماء الزهر أنه يخفف ألم المعدة ويساعدها على الهضم، ويضاف إلى الحليب والحلويات، وهناك نتاج خاص يكون في آخر الزجاجة يسمى «تنوي» يستخدم للولادات الحديثة، حيث يضاف لها الماء والسكر وتعطى للأطفال».

وأوضح «أن العائلة تقوم أيضاً بمهنة موسمية أخرى هي صناعة شراب الرمان الذي يكون في بداية فصل الشتاء، وأن كلا المهنتين يمكن تعلمهما بسهولة وأنا أرغب في نقلهما إلى أولادي وأحفادي مستقبلاً». وقال: تضم معدات صناعة ماء الزهر: برميل مليء بالمياه مثقوب من الوسط، حيث يدخله أنبوب موصول إلى غاز تعلوه «كركة» توضع على وعاء كبير، ويمر البخار من خلال الأنبوب الموصول بالبرميل كي يقطر بفعل الماء ليخرج ماء الزهر.

وأشار إلى «أن الغش في جميع المصالح، ويتم ذلك من خلال تقليل كمية الزهر، فبدلاً من وضع 5 كلغ من الزهر يوضع كلغ واحد من الزهر، ويضاف اليه الورق و«البوصفير»، لكن ذلك لا يعطي إنتاجاً جيداً، فيما إنتاجنا يحظى بإستحسان الزبائن وطلبهم.

ورأى «أن مشكلة هذه الصناعة في أن اشجارها تنمو في المناطق البعلية، حيث التربة البيضاء، فيما صيدا باتت تفتقر لهذه الأشجار، حيث توجد أمام كل منزل شجرة أو إثنتان فقط، وهذا الإنتاج لا يكفي شيئاً، وسبب ذلك قطع الشجر بكثافة». وختم الملاح بالقول: أما صناعة شراب الرمان، فإنها تتم من خلال فرط حب الرمان وعصره على اليد، وتصفيته وهو مفيد لمرضى الفطر في الفم، فضلاً عن إستخدامه مع الحامض للأكل، وتباع قنينة الرمان بـ 20 ألف، فيما قنينة ماء الزهر ابتداءً من 15 ألفاً.

تعليقات: