العمّال السوريّون يرفعون أجورهم واللبنانيّون ينتظرون الفرج

عمال سوريون ينتظرون زبائنهم
عمال سوريون ينتظرون زبائنهم


الزيادة تصل إلى 50 في المئة بسبب الغلاء والأوضاع الاقتصاديّة والأمنيّة...

تمكّن العامل السوري في لبنان من تصحيح أجره اليومي في وقت قياسي، لتعويض ارتفاع أسعار السلع في لبنان، الذي يتزامن مع متغيرات أمنية واقتصادية تتوالى تباعاً، فيما بقي الأجير اللبناني يتخبّط بين مشكلات لجنة المؤشر، والصراع الدائر بين أصحاب العمل والاتحاد العمالي العام والحكومة حول نسبة تصحيح الأجور ورفع الحد الأدنى الرسمي! فقد رفع العمال السوريون أجورهم التي يتقاضونها في البقاع، وبلغت نسبة الزيادة 50 في المئة كمتوسط عام، بالنظر الى الاختلاف بين عامل ومعلم، وبين نوع الأعمال التي يقدمونها (تعهدات ـ عتالة ـ ورش بناء ـ دهان ـ عمار «لبن»ـ مؤسسات ...). ولعل أحد الأسباب الأساسية لرضوخ المتعهدين والمواطنين العاديين لهذه الزيادة هو أن العامل السوري، في ظل ندرة العمال اللبنانيين، بات حاجة لا غنى عنها في مشاريع التعهدات وأعمال البناء والزراعة، بحيث لا تكاد تخلو أي مؤسسة أو مصلحة أو ورشة من اليد العاملة السورية، وفيما إذا توقفوا عن العمل فإن ذلك سيخلق إرباكاً واضحاً في سوق العمل اللبناني!

ارتفاع كلفة اليد العاملة

أصحاب ورش البناء والمتعهدون بدوا غير منزعجين من خطوة زيادة أجر العمال السوريين، ورأوا أنها من حقهم الطبيعي، فقد أكد علي حميّة متعهد بناء أن العامل السوري يمثل في عمله نسبة 85 في المئة من حجم عمّال البناء في البقاع، إذ «لا وجود للعامل اللبناني في مجال عمله»، وحميّة يتواصل مع العمال السوريين كل عام، ويسعى إلى تأمين حضورهم، وإلّا فإن عمله سيتوقف بدونهم، وشرح أن العامل السوري «كان يتقاضى 15 ألف ليرة على المتر المكعب باطون يومياً، أما اليوم فارتفع أجره الى 25 ألف ليرة، أما «المعلم» فينال ما «بين 30 إلى 45 ألف ليرة». وأوضح أن «الزيادة التي طرأت على أجورهم تعدّ «عاديـة» نظراً إلى قلة اليد العاملة السورية، وظروف المعيشة في لبنان، التي تنعكس عليهم أيضاً».

وأشار حميّة إلى أن «ربحنا من ورش البناء كان 45 في المئة، فيما كلفة اليد العاملة السورية تمثّل ما نسبته 55 من الكلفة الإجمالية للورشة، أمّا اليوم، فربحنا بحدود 30 في المئة، واليد العاملة 70 في المئة، وذلك لأن كل أعمال التصنيع بيدهم»، ولفت إلى أن «كلفة بناء المتر المكعب كان 20 دولاراً، أما اليوم، فهو 27 دولاراً، بسبب غلاء مواد البناء من جهة، وزيادة أجر العمال السوريين من جهة ثانية».

من جهته، أشار المتعهد طوني عبود إلى أن الزيادة التي طرأت على الأجور اليومية للعمال السوريين محقّة، بما أنه كمتعهد لجأ إلى زيادة أجره كذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والغلاء السائد في لبنان، وأكد أن نسبة الزيادة وصلت إلى 50 في المئة سواء للعامل أو المعلم.

العمّال يبرّرون خطوتهم

ويشير محمد حميد وهو «معلم» بناء إلى أنه يعمل في لبنان منذ عشر سنوات، وأن هناك أسباباً دفعته إلى رفع الأجر، منها قلة اليد العاملة السورية «نتيجة الأذى الذي يتعرضون له في بعض المناطق كالشمال وبيروت وزحلة»، وأضاف «إن غلاء المعيشة أحد أهم الأسباب التي أدت بشكل رئيسي إلى رفع الأجر، فنحن موجودون على الأراضي اللبنانية، نستأجر ونشتري كل المواد التي نحتاج إليها في حياتنا اليومية، من غذائية إلى خدماتية، ونتأثر كما المواطن اللبناني بارتفاع الأسعار، فلماذا لا نرفع أجرنا؟». ونفى أن يكون رفع الأجر «استغلالاً للأوضاع الاقتصادية».

وأكد حميد «أن نسبة الزيادة متفاوتة بين عامل وآخر، وبين معلم «صنعة» وآخر، فالعامل كان يتقاضى على عمله اليومي ما بين 15 و20 ألف ليرة، أمّا اليوم، فبات أجره ما بين 20 و30 ألف ليرة، فيما المعلم يتقاضى ما بين 30 ألفاً و50، كما أن هناك بعض الأنواع من الأعمال التي يفوق أجرها الـ50 ألف ليرة لبنانية».

بدوره، رأى عماد هلال أن زيادة الأجر ضرورية، لأن عملنا بات ينطوي على خطورة كبيرة، وخاصة أن أصحاب بعض الورش تكون أمورهم غير قانونية لناحية رخص البناء «يعني شغلنا بيكون تهريب، ومن الممكن أن يقمعنا الدرك ويرحّلنا لو أراد». وتابع قائلاً: «أعمل في لبنان من أجل تأمين لقمة عيش عائلتي في سوريا، وإزاء الغلاء الحاصل في الأسواق اللبنانية، لا بد من زيادة الأجر حتى أتمكن من توفير بعض الأموال لهم»، وتساءل هلال: «شلون ما منزيد أجرنا وقنينة الغاز هون بأجرة يومي كلو»!.

90 في المئة

هي نسبة العمال السوريين في زحلة والجوار مقارنةً باليد العاملة الإجمالية في مجال البناء، ويقول المتعهد طوني عبود إنه إذا تدنّت نسبة وجود العمال السوريين على الأراضي اللبنانية أكثر «فإن الورش التي أتعهدها والورش الأخرى ستتوقف كلياً، نظراً إلى انعدام اليد العاملة اللبنانية». مرجّحاً أن «يعمد العمال السوريون إلى رفع الزيادة على أجرهم إذا استمر الغلاء في التنامي». وطالب عبود الدولة بأن تسمح بالتراخيص لعمال من غير الجنسية السورية.

28 ألف ليرة

هي القيمة التي يدفعها العامل السوري للجانب السوري عند الحدود ثمن بطاقة دخول إلى لبنان، ويتذمر العامل حامد د. من أن صاحبة المنزل الذي يستأجره زادت إيجار الغرفة التي يسكنها وزملاءه من 100 دولار إلى 150 دولاراً، بسبب الأوضاع الاقتصادية، وكشف أنه يطلب منه ومن زملائه القيام بأعمال في «بيروت الشرقية» في بعض الأحيان وبمبالغ تصل حد 100 دولار يومياً، إلا أنهم يرفضون «المغامرة بأرواحهم» بسبب مبلغ من المال.

تعليقات: