شبح التوطين يطّل من جديد.. «فزاعة» صفقة القرن!


إحتّل الساحة الداخلية أخبار ما تمّ تسريبه عن «سرّية» صفقة القرن، وما تضمّنته من معلومات لم تتأكد بعد، على رغم أن لا دخان من دون نار، حول ما يُحكى عن ممارسة ضغوط دولية، سواء ترغيبًا أو تهويلًا، على لبنان ليقبل بما سبق أن رفضه على مدى سنوات طويلة، لجهة أن "يقبض" ثمن توطين الفلسطينيين، بالتوازي مع الخطة الإقتصادية المعروضة على فلسطينيي الداخل، بعدما كان همّ إيصال الموازنة، وبعد 19 جلسة في السراي الحكومي، إلى برّ الآمان في بعبدا، هو الشغل الشاغل على مدى شهر تقريبًا.

وقد أخذت هذه المسألة بما تنطوي عليها من خطورة على الوضع اللبناني، من جوانبه كافة، الديموغرافي والسياسي والإقتصادي، على رغم الإغراءات التي تقدّمها "صفقة القرن"، مناحي خطيرة ومتسارعة، إذ أن ثمة كلامًا غير رسمي ومفاده أن واشنطن ومن يدور في فلكها تعرض على لبنان إيفاء ديونه مقابل قبوله بتوطين الفلسطينيين، وهو أمر سبق أن عُرض عليه في السابق، وقد وُجه حينها برفض كلي من قبل جميع اللبنانيين، وهو ما يكرّره لبنان اليوم، على رغم أنه في أمس الحاجة إلى كل قرش يُعرض عليه لإخراجه من أزمته المالية والإقتصادية، التي تتهدّده.

وما زاد من هذه الشكوك الكلام الذي قاله بالأمس الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، حين حذّر اللبنانيين والفلسطسنيين في آن، وقال "إنخطر التوطين يبدو أنه يقترب بقوة أيها اللبنانيون، وأيها الفلسطينيون في لبنان"، وهو أمر معطوف على كلام تزامن في اليوم نفسه مع كلام آخر لوزير الخارجية جبران باسيل ولرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، مما يشير إلى أن هذه التسريبات لم تعد مجرد تسريبات بقدر ما هي حقيقة باتت ظاهرة للعيان، وهي ستأخذ أبعادًا مختلفة في الأيام المقبلة، لأن هذا الخطر الداهم يهدّد وحدة الكيان اللبناني، وإلاّ لما كان ورد في مقدمة الدستور، وفي فقرتها "طـ"، رفض التوطين والتقسيم، وهذا ما تكرّر في كل البيانات الوزارية، منذ الطائف حتى اليوم.

وقد كان السيد نصرالله في كلامه بالأمس شديد الوضوح، إذ أشار إلى "أن أهم مسألة قد يؤدي إليها المؤتمر الاقتصادي في البحرين والتوجه الاقتصادي، الذي يراد نقاشه هناك، وبعض أشكال الترغيب والإغراءات المالية هنا وهناك، هذا قد يفتح الباب عريضا وواسعا أمام مسألة توطين الإخوة الفلسطينيين في لبنان، وفي بقية البلدان، التي يتواجدون فيها، إضافة إلى ما تتعرض له وكالة "الأونروا" من تضييق قد يؤدي إلى تعطيلها أو إلى توقيفها عن العمل، مؤكدًّا أن "اللبنانيين يجمعون على رفض التوطين، دستوريا، سياسيا، وطنيا، وعلى كل صعيد أيضا هناك أرضية مشتركة مع إخواننا الفلسطينيين الموجودين في لبنان، حيث أن جميع الفلسطينيين، الفصائل الفلسطينية، الشعب الفلسطيني، اللاجئين الفلسطينيين، كل الإخوة الفلسطينيين الكرام الموجودين في لبنان أيضا، يجمعون على رفض التوطين ويصرون على حقهم في العودة إلى أرضهم إلى فلسطين، إلى ديارهم وإلى أملاكهم وإلى بيوتهم. إذا، هذه تشكل أرضية مشتركة، الآن نحن أصبحنا في مرحلة لا يكفي فيها أن يقال إننا جميعا ضد التوطين". وهذا الأمر جعله يدعو إلى "لقاء سريع ولا يحتاج إلى مطولات لا إلى طاولة حوار، ولا إلى مؤتمرات، ولا إلى أيام طويلة، إلى عقد جلسة بين المسؤولين اللبنانيين والمسؤولين الفلسطينيين في لبنان، لمناقشة جادة ووضع خطة لمواجهة خطر التوطين الزاحف والقادم".

من جهته، قال الوزير باسيل "لا يكفي ان نقول ان التوطين ممنوع في الدستور فما يمنع التوطين اساسا هو ارادتنا التي لا تتغير والتي ترفض التوطين في لبنان"، مشيراً إلى أن "خطر التوطين زاد اليوم لأنه انتقل من لاجئ الى نازح وهناك ارادة واضحة بأن يبقوا على ارضنا فيما واجبنا اعادتهم الى ارضهم عند زوال المحنة وهي تزول بعدما انتصروا هناك كما انتصرنا هنا في 25 ايار".

أما جعجع فاعتبر أن "كل كلام عن صفقة القرن في الوقت الحاضر سابق لأوانه، ولا نستطيع الحكم عليها قبل طرحها علانية، وإذا طرحت على العلن وكانت طروحاتها مثل التسريبات ذلك يعني أنها غير قابلة للحياة على الإطلاق، وأي انعكاس لصفقة القرن على لبنان يمكن الحديث عنه ومن ضمنه التوطين أو غيره غير ممكن ولن يحصل. ولا يستطيع أحد الضغط على لبنان بالتوطين لأنه أمر سيادي ملك للحكومة اللبنانية وحدها".

وعليه، فإن الأيام القليلة المقبلة ستكون حافلة بالتطورات على وقع تردّدات "صفقة القرن"، مع ما يمكن أن يكون لتداعيات رفض لبنان ما يمكن أن يُعرض عليه من سلبيات محتملة قد لا تصب في خانة "ترطيب الأجواء" ومساعدته للخروج من أزماته المالية، وهو مقبل من خلال إقراره الموازنة على تثمير مساعدات "سيدر".

تعليقات: