في خطوة غير مسبوقة منذ اتفاق القاهرة... مخيم الميّة وميّة منزوعاً من السلاح


صيدا-:

في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين الجيش اللبناني وبين الفصائل الفلسطينية المسلحة منذ اتفاق القاهرة الذي جرى توقيعه في القاهرة العام 1969 بين العماد أميل بستاني وبين الرئيس ياسر عرفات وبرعاية مصرية، والمتعلّق بتنظيم الوجود الفلسطيني المسلح و"شرعنته"، على أن تكون وجهته فلسطين المحتلة ومقاومة العدو الإسرائيلي الذي احتل فلسطين وهجّر أهلها في العام 1948، وهو تاريخ اتّسم في كثير من المحطات والفترات بأحداث دامية ومدمرة بين الجانبين، وكان أبرزها ما حصل من معارك ضارية في مخيم نهر البارد في العام 2007 بين الجيش وتنظيم فتح الإسلام بقيادة الإرهابي شاكر العبسي، انتهت بعد ثلاثة أشهر بتدمير المخيم وسقوطه بيد الجيش الذي دفع أثماناً باهظة واستشهد له قرابة الـ 174 عسكرياً من مختلف الرتب والاختصاصات، كما دفع سكان المخيم العزّل ثمناً في أرزاقهم وتهجيرهم من المخيم؛ منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا جرى لأول مرة في تاريخ هذه العلاقة تفاهم وتوافق بين الجيش والفصائل الفلسطينية المسلحة على إزالة كل المظاهر المسلحة في مخيم المية ومية المطلّ على صيدا والقريب جداً من مخيم عين الحلوة أكبر التجمعات الفلسطينية في لبنان، وهو اتفاق بدأ تنفيذه ليل أمس واليوم، ووصفته قيادة الجيش بأنه يهدف إلى تفكيك الحالة العسكرية في المخيم وإنهاء المظاهر المسلحة كافة، وإزالة الحواجز، وتفكيك المربعات الأمنية، وإقفال المكاتب والمراكز العسكرية.

كل المعطيات والأحداث التي كانت تجري داخل مخيم المية ومية قبل سنوات، وخصوصاً الأحداث الدامية التي جرت قبل نحوعام بين مسلحي حركة فتح ومسلحي أنصار الله، وطالت شظاياها بلدة المية ومية وصيدا ومحيطها، كانت تضع قيادة الجيش كما الفصائل الفلسطينية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يواجه الجيش المسلحين للقضاء عليهم وإحكام سيطرته بقوة السلاح على المخيم، وهو أمر ليس صعباً أو مستحيلاً على الإطلاق، فالمخيم صغير وبين فكّي كماشة، والفصيل الأقوى فيه، أي حركة فتح، تقف مع الجيش وتنسق معه، وغالبية سكانه صار مطلبهم إنهاء المظاهر المسلحة، ولا يعارضون دخول الجيش لحفظ الأمن تخوفاً من أن يصيبهم كما أصاب سكان مخيم البارد؛ أما الخيار الثاني هو ما جرى التفاهم والتوافق عليه بين قيادة الجيش والفصائل الفلسطينية إثر لقاءات بينها جرت في مقر وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، وفي مقر قيادة منطقة الجنوب العسكرية في ثكنة محمد زغيب في صيدا.

إذاً، لا سلاح ولا مسلحون ولا حواجز أو مراكز عسكرية داخل مخيم المية ومية بعد اليوم، ولكن يبقى السؤال: هل سيبقى السلاح مخبأً ضمن أماكن خاصة بكل فصيل حتى يصدأ أو يعاد استخدامه من جديد لسبب أو لآخر؟ أم ستكون الخطوة التالية أن يصار إلى تسليمه للجيش ويصبح المخيم تحت إشرافه بشكل كامل يتولى فيه حفظ الأمن والاستقرار؟ والسؤال الثاني: هل سينسحب هذا الاتفاق على مخيمات فلسطينية أخرى في الجنوب وفي بيروت، خاصةً بعد انعدام وسقوط مضمون اتفاق القاهرة وتصويب البندقية الفلسطينية داخل لبنان والمخيمات بدلاً من تصويبها نحو الحدود اللبنانية مع فلسطين باتجاه إسرائيل؟

والسؤال الأخير،هل سيخدم مثل هذا الاتفاق وخصوصاً في حال استُتبع بتجريد الفلسطينيين في لبنان من سلاحهم في خطوة ثانية، مشروع صفقة القرن وبالتالي مشروع توطين الفلسطينيين في لبنان، لا سيما بعد تقليص وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين في لبنان (الأنروا) لمعظم الخدمات التي تقدمها للاجئين منذ تأسيسها في 8 كانون الأول من العام 1949 بسبب تمنّع بعض الدول المانحة عن الإيفاء بتعهداتها والتزاماتها المادية والمعنوية تجاه الوكالة؟

برأي مصادر فلسطينية، إن بقاء السلاح داخل المخيمات ومواصلة عمل وكالة الأنروا في لبنان هما الضمانة لفشل مشروع التوطين وتمسّك اللاجئين بحق العودة.


تعليقات: