الشيخ محمد قانصو: خلفاء الله حراس الحياة..‎


.. لا يقاس التدين بكمية وكيفية الطقوس التي يؤديها الناس والتي تصنف في إطار العلاقة التعبدية والتواصل اليومي بين المخلوق وخالقه..

وإنما يقاس التدين بمستوى الانعكاس والتأثير على أرض الواقع، على المجتمع والحياة..

كثيرة هي الشعارات التي نرفعها والمناسبات التي نحييها والخطب التي نلقيها والأناشيد التي نغنيها، وقليلة هي النتائج والثمار التي نقطفها ونجنيها..

مقياس التقوى والإيمان الحقيقي العميق يتجسد ويتجلى بالسلوك والمعاملة، بالصدق والوفاء، بالأمانة والإخلاص، بالتضحية والإيثار، بالمواساة والإحسان، بالانتظام وحسن الإدارة، بالترتيب والنظافة، باللياقة واللباقة والاحترام ..

الانتماء الحقيقي لله وأنبيائه و رسالاته نراه على مسرح الحياة أمناً وأماناً وعدالة إجتماعية، نراه مجتمعاً تتضاءل فيه معدلات الجريمة، وتختفي منه مظاهر البؤس والعوز والتسّول والتسكع في الشوارع والأزقة، دولة ينعم فيها الناس بالحياة الكريمة التي تتساوى فيها الحقوق والواجبات وتكون الإنسانية هي المحور والقاسم المشترك والكلمة السواء التي يلتقي عليها الجميع رغم تنوعهم وتعددهم واختلافهم وتمايزهم ..

منذ قرون ونحن نمارس ما نسميه طقوساً أو ما نعتبره شعائر، منذ قرون ونحن نؤدي الفرائض اليومية أو الموسمية، منذ قرون ونحن نبكي في المآتم ونصفق في الموالد، منذ قرون ونحن نردد قصائد المديح والهجاء، ولكننا ومنذ قرون ما زلنا في دائرة التخلف، وظلمة الجهل، ومتاهة الفوضى، وشرنقة التعصب، ودوامة الفقر والفاقة والعوز ..

قيمة الإنسان فيما يقدمه للإنسانية وحقيقة التدين هي انعكاس الأثر، وما دون ذلك وهم ..

حدثني عن سلوك فلان وفعله ونتاجه وتقواه العملية ودعني من رسمه وقامته ولون عينيه، وأثر السجود على جبهته وانخفاض كتفيه، وذبول جفنيه، وهمس الأذكار على شفتيه ..

حدثني عن خلفاء الله في الأرض، صناع الفرح، رسل السلام، مغيثي اللهيف، مطعمي الجائع، معلمي الجاهل، كافلي اليتيم، بناة الخير وحماة الحق والجمال، دعاة الأمل وحراس الحياة ..

حدثني عن الذين تواصوا بالحق والعدل والصبر و الخير ودعني من الذين إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ..

الشيخ محمد أسعد قانصو

٢٠/ ١ / ٢٠١٩

تعليقات: