وصية أبو وسام: مصاريف الأموات للمحتاجين

هذه الموائد العامرة في المآتم، والضيافات في مجالس العزاء، وكل مظاهر البذخ فيها.. هناك من هو أولى بها
هذه الموائد العامرة في المآتم، والضيافات في مجالس العزاء، وكل مظاهر البذخ فيها.. هناك من هو أولى بها


سأكتب لكم وصية الحاج علي جمعة، أبو وسام، التي يتمنى الكثيرون أن تتحقق في الخيام، وهي موضع حديث ونقاش في كل مناسباتنا.

قد لا يتجرأ أحد على فعلها مخافة كلام الناس كما أخبرتني صديقة، وضع عائلتها المادي جيد جداً. قالت: أوصانا أبي أن لا نفعل شيئاً عن روحه، ونتبرع بكل الكلفة للمحتاجين. قالت أحسست بنظرات العتب في عيون الناس في عزائه.. ولو، أين الضيافة والطعام و.. و.. عن روحه، فكسرت وصية والدي بقهر، مخافة كلام الناس، ثم قدمت الضيافة، وتبرعنا بما تيسر.

لم تتجرأ صديقتي على كسر العادات التي صارت مظاهر تكسر الكثيرين. ولكن عائلة المرحوم الحاج أبو وسام جمعة تجرأوا اليوم، وسينفذون وصيته، وسيكون له ما أحبّ وما أراد.

أبو وسام قال وصيته.. ورحل...

في ذكرى مرور أسبوع على رحيله، أراه في حنايا كل القلوب. تطوف روحه في شوارع الخيام، تطرق أبواب المحتاجين، تطعم جائعاً وتناول الدواء لمريض.

أبو وسام قال وصيته.. ورحل...

أراد في ذكرى مرور الأسبوع على وفاته تطبيق ما كان مقتنعاً به في حياته، وما تجرأ أحد على تنفيذه. أراد أن يكون أول من يطبقه، فما كانت كل هذه المظاهر تروق له، وقال: عن روحي، قراءة الفاتحة، وإطعام جائع ومساعدة محتاج هي أفضل رحمة وصلاة لروحي.

فما نفع كل هذه المظاهر في المآتم، الأجدى بنا أن نهبها لمن يحتاجها.

ماذا تنفع كل هذه التقديمات التي يذهب نصفها الى النفايات، وهناك من هو أحق بها. اذهبوا إليهم، اسألوا عنهم، ساعدوهم عن روح أبو وسام وأرواح كل الأموات.

هذه الموائد العامرة في المآتم، والضيافات في مجالس العزاء، وكل مظاهر البذخ فيها.. هناك من هو أولى بها، هناك من يستحقها أكثر، الفقراء أحق بها.

مصاريف الأموات.. تفرح قلوب الفقراء، قد تداوي المرضى، قد تعلّم الطلاب.

مصاريف الأموات.. قد تصبح صندوقاً للبلدة، لكل حالة طارئة، لكل من يحتاجها في الظروف الصعبة.

أبو وسام قال وصيته.. ورحل...

وصية تستحق التأمل والتفكير والتنفيذ. ماذا تنفع موتانا كل هذه المظاهر في حضرة مريض ومسكين وجائع يشتهي اللحم بعجين أو الأرز عادجاج أو لحمة، أو المعمول بالجوز والفستق، أو حتى كسرة خبز وحبة فاكهة؟!

أبو وسام.. أيها الطيب القلب والروح...

آمل أن تحلق روحك اليوم في ذكرى أسبوعك.  فقد صدر القرار. وصيتك وصلت الى من يحتاجها. علّ وصيتك تكون رسالة يتبعها كل الناس في الخيام.

أبو وسام.. من كل القلوب، ومن العيون التي بكتك شوقاً وحباً وحنيناً..

لروحك الطاهرة ألف رحمة. ألف تحية. ألف سلام.

مثواك الجنة إن شاء الله.

تعليقات: