أهالي قضاء مرجعيون يعيشون حالة ترقب وقلق من حرب محتملة

دورية للقوات الدولية
دورية للقوات الدولية


نريد السلام ولكن إذا أرادت إسرائيل الحرب فستخسر وسننتصر

مرجعيون -

يعيش أهالي قرى قضاء مرجعيون في حالة حرب وقلق وترقب حقيقية جراء تصاعد التهديدات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل والتي تشير إلى قرب حصول معركة ستكون بمثابة كسر عظم بينهما على خلفية اغتيال الشهيد عماد مغنية في دمشق، واتهام الأمين العام لحزب الله إسرائيل بالوقوف وراءها وتأكيده على الرد واخذ الثأر واعتبار العملية كجزء من حرب مفتوحة أعلنها الكيان الصهيوني الغاصب ضد الوطن·

وعززت هذه المخاوف حالة الاستنفار القصوى التي اتخذتها القيادة العسكرية الإسرائيلية والجنود المنتشرين على طول السياج الشائك الذي يفصل لبنان عن فلسطين المحتلة وداخل الكيان وكذلك الإجراءات الأمنية المشددة للجيش اللبناني والقوات الدولية التي كثفت من تحركاتها ودورياتها على طول الخط الأزرق لمراقبة ما يجري على الحدود·

ومما ساعد في تأزم الوضع وصول المدمرة الأميركية كول إلى الساحل اللبناني حيث اعتبر البعض هذه الخطوة بمثابة محاولة ضغط على حزب الله لعدم الرد على استشهاد مغنية أو قرب تحديد ساعة الصفر الأميركية لبدء تنفيذ عملية ما أو مخطط ما وُضع بالتعاون مع العدو يستهدف المنطقة عامة ولبنان خاصة·

هذه الأجواء العسكرية الملبدة بالغيوم السوداء باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على السكان وتزيد من مشاكلهم وتكاد أن تحوّل حياتهم إلى جحيم، وهي لم تتوقف بل في تصاعد مستمر مع تزايد حدة الخلافات والتجاذبات والتصعيد السياسي الحاصل في البلد بين المعارضة والموالاة حول موضوع الاستحقاق الرئاسي والحكومي·

متى يكون رد حزب الله على عملية اغتيال عماد مغنية وأين؟ وما هو رد إسرائيل؟ ما هو مستقبل المنطقة والمقيمين فيها في حال وقعت الحرب؟ هل هناك حرب مدمرة ثانية على لبنان في اقل من عامين؟ أسئلة مزعجة يطرحها سكان المنطقة على أنفسهم ولكن ليست هناك من أجوبة تبلسم جراحهم·

كيف يعيش الأهالي المقيمين على طرفي الحدود في ظل تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل؟ وكيف يقضون أوقاتهم؟ جريدة اللواء جالت على القرى القريبة من الخط الأزرق والشريط الحدودي الشائك الذي يفصل لبنان عن فلسطين المحتلة، انطلاقاً من بلدة الوزاني المحاذية لبلدة الغجر مروراً بسهل الخيام المطل على مستعمرة المطلة، وبوابة فاطمة في بلدة كفركلا، صعوداً نحو بلدة عديسة ومركبا وحولا وصولاً إلى بلدة ميس الجبل·

هدوء حذر يخيم على البلدات يقطعه أحياناً هدير السيارات الثقيلة والآليات العسكرية الدولية واللبنانية التي تجوب القرى بشكل مستمر، وتسيير دوريات راجلة ومؤللة على طول الحدود وداخل القرى، بينما في الجهة الإسرائيلية من الحدود فهنالك شلل تام في حركة الدوريات والتنقلات داخل البساتين وعلى الطرقات وتمركز دائم ومراقبة مستمرة لجنود العدو من داخل الدشم الاسمنتية والمواقع العسكرية المحصنة، ولا تُسمع إلا زقزقة العصافير ويبدو أن المستعمرات فارغة من سكانها، خاصة مع ورود أخبار مفادها أن السكان المقيمين على الحدود غادروا منازلهم وانتقلوا إلى داخل المناطق المحصنة خوفاً من أي رد عسكري لحزب الله انتقاماً لاغتيال الشهيد عماد مغنية·

سكون مطبق في بلدة الوزاني ممزوج بأصوات الماشية والأبقار المنتشرة بكثافة بين منازلها حيث يعتاش الأهالي على ما تنتجه وعلى العمل في الزراعة، وهم يعملون بهدوء ويتمنون الراحة والاستقرار والأمان ولا يريدون الدخول في السياسة ولا حتى التفكير بما سيحصل لأنهم ملوا وتعبوا وتحملوا ويلات الحروب التي اجتاحت المنطقة مرات عديدة وكانوا هم أول من خسروا ممتلكاتهم وقدموا تضحيات مهمة على مذبح الوطن، نظراً لقربهم من العدو، فكانوا أول من نزح خلال عدوان تموز 2006 ·

الجيش اللبناني المنتشر على الحدود اتخذ إجراءات أمنية مشددة وأقام التحصينات وجهز نفسه ومعداته القتالية وهو على أهبة الاستعداد لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي، وكذلك قوات الطوارئ الدولية وخصوصاً الكتيبة الإسبانية التي أقامت مركزاً لها على نبع الوزاني لمنع العدو من سرقة المياه، تسير دوريات مكثفة لمراقبة ما يجري على الحدود·

وعلى الطريق العام الذي يربط الوزاني ببلدة كفركلا مرورا بخط الحمامص سهل الخيام المقابل لمستعمرة المطلة حيث استخدمته الدبابات المعادية خلال حرب تموز 2006 مسرحاً لعملياتها، تطالعك صورة ضخمة عليها رسم يمثل رئيس وزراء العدو وهو ينظر إلى الدبابات التي احترقت في سهل الخيام خلال العدوان، وحركة دوريات لافتة للكتيبة الإسبانية التي تجوب المنطقة، وما يلفت النظر جلوس سيدة مع أطفالها على بقعة أرض خضراء مطلة على مستعمرة المطلة بهدف الترفيه والتمتع بملذات الطبيعة ولكنها غير آبهة بما يحدث على الحدود وتقول لا يهمني شيء تعبنا من الحروب، ارحمونا واتركونا نعيش حياتنا بحرية وأمان وراحة بال·

أما بوابة فاطمة في بلدة كفركلا التي كانت تعج بالوافدين من مختلف القرى بشكل شبه يومي تعيش حالة جمود والحركة مقتصرة على السيارات العسكرية والجيش اللبناني الذي يتمركز بقربها يتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر ويراقب التحركات الإسرائيلية النادرة على طول الخط من بلدة كفركلا صعوداً إلى بلدة عديسة حيث الحركة في مستعمرتي المطلة المواجهة لبلدة كفركلا ومسكاف عام لبلدة عديسة مشلولة تماماً، وعلى مدخل العديسة أقامت الكتيبة الاندونيسية العاملة ضمن قوات اليونيفيل نقطة مراقبة وهي تعمل على مساعدة الجيش اللبناني في تنفيذ مهماته·

الحياة في هذه البلدات شبه طبيعية الكل يعمل بخوف وترقب وقلق والجميع ينتظر الأيام والساعات المقبلة ليرى ما ستكون عليه الأوضاع السياسية والعسكرية في حال تجددت الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل ويجمعون على أن النزوح مرفض هذه المرة مهما كانت التضحيات لأن الحرب المقبلة إن وقعت فلن تتوقف قبل أن بدون خسارة أي من الطرفين·

في بلدة مركبا الوضع نفسه والحذر سيد الموقف والاستعداد للمواجهة قائم على قدم وساق وضمن الامكانيات المتاحة لكن الأهالي يتأملون الحل السلمي الذي يحفظ كرامة وسلامة وأمن الجميع· وعلى مثلث مركبا حولا يراقب عدد من فريق المراقبين الدوليين من مركزهم القائم على تلة تشرف على البلدة التحركات المدنية والعسكرية التي تحصل في الجانب اللبناني وكذلك تحركات جنود العدو داخل مراكزهم المواجهة للأراضي اللبنانية ويرفعون تقاريرهم إلى المراجع المختصة في مجلس الأمن والتي لم تؤد يوماً إلى أي نتيجة سوى الدعوة إلى التمني على إسرائيل بعدم تكرار الخروقات الجوية وغيرها·

الحاجة نعيمة خنافر من بلدة مركبا التي سافر أولادها إلى الخارج، قالت لنا: الله يكون بعون هذا الوطن، لم تشبع الأمم من النيل والتنكيل بأبنائه، نحن قوم نريد أن نعيش بسلام وحرية ولكن اسرائيل تريد ذلك، وهذا لا يهمنا فمنذ العام 1948 نعيش حالة حرب مع إسرائيل المعتدية وهي تستخدم قوتها العسكرية لابادتنا ولكن الله مع لبنان، وكما صبرنا وانتصرنا في حرب تموز سوف ننتصر في أي حرب مقبلة، إسرائيل هي التي تقوم باعمال استفزازية وعدوانية على لبنان والمنطقة، وعليها تحمّل مسؤولية اعتدائها على شبابنا وآخرهم الشهيد المقاوم عماد مغنية·

الحاجة نعيمة وجهت رسالة عتب ولوم الى جميع المسؤولين السياسيين على استمرار الوضع المتأزم ودعتهم إلى إيجاد الحل السريع للمحافظة على الوطن والكيان·

وفي بلدتي حولا وميس الجبل حيث تنتشر صور الشهداء المقاومين على المداخل والطرقات والساحات فهما تعيشان الحالة ذاتها يوتر نفسي ظاهر على الوجوه نظراً لما قدم أهلها من تضحيات خلال الحروب السابقة وكانت أخرها حرب تموز إذ لم يبق فيهما سوى بعض المسنين العاجزين·

الساحات فارغة من أطفالها والأهالي ينتظرون بفارغ الصبر ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات عسكرية، لكن العزم والتضحية والمقاومة والصبر صفات لا يمكن أن يتخلى عنها السكان مهما عصفت بهم الظروف·

ويشدد نائب رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير على أن الحالة صعبة ومقلقة جداً وهي ليست من اليوم بل منذ العام 1948 والوضع على الحدود غير مستقر لأن إسرائيل دولة عدوانية ولا تريد أي مبرر لتقوم بحرب سواء على لبنان أو غيره، ونحن سوف نقاوم ونصمد في وجه أي أعتداء جديد على لبنان وسوف نبقى في أرضنا رغم كل الصعاب·

وتمنى شقير أن يسود الامن والامان والاستقرار في المنطقة وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وطنية يشارك فيها الجميع منوّها بدور الرئيس نبيه بري بصون الوطن والمحافظة على سلامة أبنائه·

تعليقات: