سكان بنت جبيل يتهيأون للحرب المقبلة

رجال الدفاع المدني بعد قصف قافلة للنازحين في آب 2006
رجال الدفاع المدني بعد قصف قافلة للنازحين في آب 2006


بنت جبيل ــ

عشرات الأهالي يتوجهون يومياً من بنت جبيل وقراها، إلى مركزي الأمن العام في تبنين وبنت جبيل، لطلب الحصول على جوازات سفر. حال من القلق والخوف يتناقلها الناس في ما بينهم، تضاف إلى ما يسمع من وسائل الإعلام المختلفة. ويبرّر كثيرون حال الذعر بأن أهالي المدينة عايشوا تجربة الحرب، ويسمعون في الإعلام عن حرب أكثر وحشية، لذلك الكل يهيئ نفسه «احتياطاً» للحرب المقبلة.

واللافت أن وجهة السفر، هروباً من الحرب المفترضة، ستكون مختلفة. فلا أحد يفكر بالهروب إلى سوريا، أو إلى جبل لبنان والمناطق الأكثر أمناً، فقد ساد الحديث عن السفر إلى مصر والأردن وبعض الدول العربية الأخرى، إضافة إلى أميركا وأوستراليا وكندا، بالنسبة لمن يحملون الجنسية الأجنبية أو تأشيرات دخول إلى هذه البلدان.

كثيرون لا يعلمون إلى أين سيذهبون، «وما نستطيع فعله الآن هو الحصول على جوازات سفر، لكن لا نعلم إن وقعت الحرب إلى أي دولة نستطيع السفر. لكن السفر إلى مصر ممكن وسهل، وقلة كلفة السكن والعيش هناك تشجع على اعتماد هذه الوجهة» بحسب شربل من تبنين، ويضيف: «أحد أبناء شقرا ذهب فعلاً إلى هناك واستأجر منزلاً، وطلب من أسرته الحصول على جوازات السفر قبل أن تقع الحرب». أحد العاملين في الأمن العام يقول: «لا أعرف لماذا هذا الخوف الكبير، فالناس تدفع الأموال للحصول على جوازات السفر من دون أن يعرفوا إلى أين سيهربون، وكأن دول العالم ستفتح أبوابها في وجوههم».

ويستغرب مختار بنت جبيل نمر بيضون هذا التهويل والخوف، فالحرب لن تقع بتقديره، لكن وسائل الإعلام هي من يتحمل مسؤولية ما يحدث، فالأهالي هنا متمسكون بأرضهم، وهم الذين عادوا إلى بلداتهم منذ الساعات الأولى على انتهاء حرب تموز وسكنوا في العراء وبدأوا ببناء بيوتهم، وما زالوا يفعلون ذلك، لكن الأخبار تخيفهم الآن، فمنهم من يحاول الحصول على جوازات السفر احتياطاً، وهناك حوالى عشرين شخصاً من بنت جبيل، يحاولون الحصول على تأشيرات دخول إلى مصر، والبعض يحمل الجنسيات الأجنبية، التي تخوّله السفر إلى الخارج، لكنني أطلب من وسائل الإعلام الكفّ عن نشر الأخبار التي تخيف الأهالي وتتحدث عن الحرب المقبلة وكأنها ستقع في وقت قريب».

وتؤكد على ذلك آمال بيضون، فتقول «بعد الأخبار عن قدوم البارجة الأميركية، وسحب السعودية رعاياها من لبنان، طلبت من إخوتي في أميركا الحصول على جواز سفر ليتيسر لي الفرار إلى أميركا إذا ما وقعت الحرب، لكنني سأحاول البقاء فأنا أبني منزلي هنا بعد أن تهدم في تموز، وقد دفعنا كلفة بنائه من مالنا الشخصي قبل أن نحصل على أي تعويض وهذا ليس لأجل الرحيل ثانية».

أخبار الخوف هذه تسمع أيضاً من الجنوبيين العاملين مع قوات اليونيفيل الذين طُلب منهم تأمين المستندات اللازمة للحصول على بطاقات خاصة بهم تسهل نقلهم إلى خارج لبنان، ويقول إيلي من بلدة رميش: «تعمل قوات اليونيفيل على تأمين بطاقات خاصة للعاملين معها لتسهيل نقلهم مع أسرهم إلى أوروبا وبعض الدول الأخرى وكأنهم يوحون لهم بأن حرباً ستقع قريباً». وتبدي سناء من بنت جبيل خوفها من حصول الحرب قائلة: «أعمل أياماً في بنت جبيل وأعود إلى بيروت حيث أسكن أنا وأسرتي، وأخشى أن تحصل الحرب وأنفصل عن أولادي، فبعض الأهالي هنا يهيئون حقائبهم للرحيل ويملأون سياراتهم بالبنزين علّ ذلك يساعدهم على الهروب سريعاً».

تعليقات: