قصة الفتوش: طبق انتقل من موائد المسيحيين إلى المسلمين!

للفتوش قصّة
للفتوش قصّة


كثيرة هي الأطعمة والأطباق الشهيرة على موائدنا، التي لا نعلم عن أصلها وبدء وجودها شيئاً. كل ما نعرفه أنها وجدت، واننا نعدها ونأكلها وفقاً للوصفة التي لا ندرك مصدرها، في حين أن معظم تلك المأكولات، قد حملت في أول طبق منها، قصة مشوقة من قصص "التجريب" البشري الذي انتج كل ما نعرفه اليوم عموماً.

"الفتوش"، واحد من تلك الأطباق، التي استطاعت أن تحجز لنفسها حيزاً ثابتاً على المائدة الرمضانية لا سيما في "بلاد الشام"، حتى اكتسب هوية رمضانية تاريخية. إلا أن قصة هذا الطبق، تحمل مفارقات جميلة ومدهشة، تفسر سبب ارتباطه بالصوم، وتشرح أصول تسميته ومعناها.

فعلى الرغم من الصلة الوثيقة التي تربط الفتوش بالمائدة الرمضانية الإسلامية، إلا أنه وللمفارقة، بدأت قصة هذا الطبق وارتباطه بالصوم، مع الطائفة المسيحية وفترة صيامها.

ففي أواخر شهر آذار من العام 1862، هرب عدد من المسيحيين من منطقة جبل لبنان بسبب المذابح التي تعرضوا لها. وقد توجهوا إلى مدينة زحلة عند دارة آل السكاف وآل فتوش الذين كانوا من إقطاعيي المدينة، وقد أعدّوا لضيوفهم مائدة عامرة بأنواع الأطعمة من لحوم وطيور وأطباق عديدة.

إلا أن أهل الجبل كانوا قد نذروا الصوم قبل وصولهم إلى زحلة، لذلك لم يتمكنوا من تناول اللحوم "الزفرة" (المحرمة في فترة الصوم عند الطائفة المسيحية) واكتفوا بما وجدوه من خضار وأطباق نباتية، تناسب أصول الصوم الكبير الذي يسبق عيد الفصح.

ولكونها مائدة لبنانية تقليدية، فقد احتوت على السلطات بشكل كبير لاسيما سلطة الخضار التي أخد بعض الضيوف يغمس الخبز فيها ويأكل. ووفقاً للرواية الشعبية، فقد صار أحد الحاضرين من آل سكاف يضحك ويقول لصاحب البيت: "فتوش، شوف ضيوفك عمياكلو السلطة بالخبز. هيدي أكلة جديدة". حينئذٍ قال البطريرك غريغوريوس يوسف، رئيس بطريركية أنطاكية والإسكندرية واورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك حينها: "خلص منسميها فتوش ومناكلها بأيام الصوم الكبير".

ولأن قصة هذا الطبق قد بدأت من لبنان، فقد كان سهلاً على "الفتوش" أن ينتقل من الصوم المسيحي إلى الصوم الإسلامي، نظراً لما تحمله المنطقة من تداخل بين طوائفها. فقد توافق تاريخ القصة التي جرت في منزل آل فتوش، وأواخر شهر رمضان من العام 1278 هجرية، وهو شهر صوم المسلمين، مما دفع جيران زحلة في القرى الإسلامية إلى أخذ فكرة طبق الفتوش وجعله مرتبطاً بصومهم في شهر رمضان المبارك. لتستمر هذه العادة حتى يومنا هذا، ويكرس الفتوش طبقاً رئيسياً للصائم، مسيحياً كان ام مسلم.

أما معنى كلمة فتوش، المأخوذة كتسمية عن "آل فتوش"، فهي مشتقة من اللغة التركية، وهو الدلع لاسم فاطمة (Fatma: Fatuş) لأن آل فتوش هم في الأصل من العائلات التي استوطنت سهل البقاع إبّان الحكم الفاطمي، وهم من عرب الجزيرة. وقد اعتنقوا المسيحية في مطلع القرن الثامن عشر مع وصول البعثات التبشيرية الكاثوليكية.

اليوم بات الفتوش طبقاً خفيفاً مصنفاً "شرق أوسطي" حيث لاقى رواجاً واسعاً بين شعوب منطقة الشرق الأوسط الذين يتمتعون بتشكيلات خضار سمحت بتطوير هذا الطبق وإغنائه لا سيما في بلاد الشام، حيث كانت تسمى في فلسطين قديمًا بالـ"أبو مليح"، وكانت تصنع إما بالخبز الجاف أو بالخبز المحمص، لكنها بدأت تشهد رواجاً في بلدان عربية أخرى أدخلت عليه انواعاً جديدة من الخضار المتوفر فيها.


كيفية الإعداد:

مكونات :

يحضّر عادةً الفتوش من الخس، الطماطم، الخيار، الفجل، البصل، الفليفلة، البقلة، النعناع، الملفوف الأحمر، الزعتر الأخضر، البقدونس، السماق، عصير الليمون الحامض، زيت الزيتون، خل التفاح أو العنب الأبيض، الخبز، الملح ودبس الرمان.


المعلومات الغذائية عن الطبق:

تحتوي كل وجبة من الفتوش (200 غ تقريباً) على المعلومات الغذائية التالية:

السعرات الحرارية: 157

الدهون: 14

الدهون المشبعة: 2

الكوليسترول: 0 (إذا كان الخبز محمصاً)

الكاربوهيدرات: 8

البروتينات: 2

مقادير صحن الفتوش اللبناني:

١ رأس خس، مفرومة

٣ طماطم، مقطعة الى قطع متوسطة الحجم

٣ خيار، مقطع الى قطع متوسطة الحجم

٦ فجل، مقطعة الى شرائح

٧ البصل الأخضر، مفروم

١ فليفلة حلوة خضراء، مقطعة الى مكعبات

١ باقة بقلة مورّقة

١ بقدونس باقة، مفروم

١⁄٢ باقة نعناع، مفروم فرماً خشناً

١ ١⁄٢ رغيف خبز ابيض عربي، محمص ومقطّع

١ ملعقة كبيرة سماق


للصلصة

٢ فص ثوم، مهروس

١⁄٢ كوب عصير ليمون حامض

١⁄٢ كوب زيت زيتون

دبس الرمان حسب الرغبة

ملح حسب الرغبة


طريقة تحضير فتوش لبناني أصلي

١. تُمزج الخضار المفرومة للفتوش في وعاء كبير ويُرش السماق.

٢. تخلط مكونات الصلصة مع بعض جيداً وتضاف فوق الخضار ثم تخلط الخضار مع الصلصة، يضاف الخبز المحمّص ويُقدم طبق الفتوش فوراً.

* المصدر: اكسجين

تعليقات: