متوحدون..‎


متوحدون .. نعيش وحدتنا حد الاستغراق في الذات، نبحر في أعماقنا في رحلة الإدراك علنا نصل إلى شطآن المعرفة لنلقي مراسينا هناك، حيث لا صخب يؤرقنا بل سكون أبديّ ومساحة مطلقة للتأمّل..

متوحدون .. لنا عالمنا الذي نفتقده على هذه الكرة الحبلى بالوهم والتناقض، عالمنا الجميل الذي نأوي إليه هرباً من حصار الخوف والحزن واليأس والموت..

متوحدون .. نرسم الأمل بريشة الوجع، ونكتب الفرح بحبر الدموع، ونزين جدراننا المحجوبة عن الأغيار بأجمل اللوحات والنقوش، نقرأ الشعر ونتذوق الأدب، ونستمع إلى عذب ألحان عزفت على أوتار القلب وشجي الروح ..

متوحدون .. لا نستجدي الحبّ ولا نبتاع الاهتمام، لا نستدّر عطفاً ولا نأمل عطاء .. ولا ننتظر عابر سبيل ليمسح دموعنا أو يضمد جراحنا، لقد أوصدنا أبوابنا ترفّعا، وأعلنا انسحابنا من مزادات التملق تنزّها..

متوحدون .. لنا خبزنا وملحنا، لنا فكرنا ورؤيتنا، نؤمن ببعض ونكفر بآخر، نرضى ونسخط، نصالح ونخاصم، نقبل ونرفض، نحب ونبغض، ولكننا لا نؤخذ بالكليات ولا باللون الواحد والرأي الواحد والفكر الواحد ..

متوحدون .. آثرنا الوحدة طمعاً بصفاء الذات، بنقاء السريرة، اخترنا أن نكون نحن لا سوانا، مختلفون وربما متخلّفون عن سباقات الملايين من الأرقام البشرية، لا نلهث وراء أوهام ولا ننحني أمام أصنام ولا نرفع رايات الخضوع أمام سلطان الرغبات العنيدة ..

متوحدون .. تسلّحنا بالصمت حين يكون الصمت أبلغ من الكلام وبراقاً يحلق بنا نحو آفاق الحقيقة ..

تعليقات: