جفاف في الأرض وقلة متساقطات.. الطبيعة تنذر بالكارثة


يغرز المزارع الحاج أبو علي صادق شوكته في أرضه ليفحص مدى رطوبة التراب ثم يزيد في العمق أكثر واكثر ليصل ما يزيد على النصف متر فيفقد الأمل ويزداد قناعة أن ما نمر به من جفاف هذا العام لم يشهده طوال 54 عاماً قضاها في حراثة أرضه أنبتت له الكثير من الخيرات ليعتاش منها.

أن يصل جفاف الارض من الرطوبة الى مستوى 50 سنتم تحت الارض ليس بالامر السهل على المزارعين والأهالي وإنذار من الطبيعة لكارثة جفاف والاعتماد على الزراعات البعلية لن ينجح الامر جراء قلة الامطار لهذا العام مع انخفاض معدل المتساقطات التي بلغ معدلها السنوي لهذا العام فقط 139 ملم ناهيك بأن الامطار المتساقطة لم تهطل خلال الشهور الأساسية التي تغذي الارض بل كانت على فترات متباعدة مما منع الارض من امتصاص هذه الكمية المتساقطة باكملها وإن تساقطت بغزارة.

كما أن العامل الأساسي أيضاً لاكتناز المياه في باطن الارض من خلال تراكم الثلوج على السلسلتين الشرقية والغربية لم يساعد ايضاً حيث تساقط الثلوج لم يكن بالكافي وبلغ ارتفاع الثلوج العام 30 سنتم وهو ما لم تشهده السلسلة سابقاً التي كانت تراوح سماكة الثلوج سابقاً الى اكثر من المتر في اغلب الاحيان اما داخل المدن والمناطق السهلية حيث الاراضي الصالحة للزراعة لم تلبس ولو ليوم واحد الرداء الابيض الذي يشكله تساقط الثلوج كما اعتادت المنطقة.

جفاف الارض وقلة المتساقطات وانخفاض مستوى المياه في الانهار والابار الطبيعية الى جانب جفاف معظم الآبار الجوفية التي اعتمدها المزارعون والاهالي لري مزروعاتهم كل ذلك ينذر بدخول لبنان في دائرة التصحر التي تضرب منطقة الشرق الاوسط.

المزارع محمد زين الدين يخاطب زوجته التي تعيله في حراثة الارض ورداً على سؤالها "شو بدنا نعمل اذا نشفت البئر كما اصاب بئر جيراننا"؟ يكتفي بالرد قائلاً: "على الله" ويوضح زين الدين أن جفاف الارض يؤدي الى احتراق النبتة والمزروعات حتى قبل بلوغ درجات الحرارة التي سترتفع خلال الاسابيع المقبلة مما يدفع المزارعين الى الري بكميات أكبر تالياً جهد اكبر على المزارع والمزيد من النفقات وهذا يرفع من اسعار المنتوجات ويضع المزارع والمستهلك بين المطرقة والسندان حيث من المتوقع ان ترتفع هذا العام كلفة المزروعات بكافة انواعها واشكالها.

أما عصام الزين يلفت الى أزمة ثانية فعدم تكون الجليد والصقيع القارس طوال فترة فصل الشتاء كما تتميز به المنطقة ينذر بمشكلة كارثية بدأت تظهر علاماتها بقوة حيث للصقيع تأثيراته الايجابية على المزروعات فمن شأنه القضاء على الحشرات والقوارض الضارة بالمزروعات كما ان انخفاض الحرارة يقضي على الكثير من الفيروسات التي تعيش في التربة كذلك على الاشجار.

وقد بدأ فأر الحقل يجتاح المزروعات ليدق ناقوس الخطر قبل أن تصبح الارض جرداء ويقضي على المزروعات حيث الاف الفجوات قد افتعلها ضمن الارض الواحدة مخلفاً اضراراً فادحة في المزروعات الموسمية وعدم استباق الأزمة ورش المبيدات المطلوبة للقضاء او للتقليص من حجم الفأر أو الحشرات سيترتب على المزارع البقاعي ان يرزح تحت اعباء الخسائر والعوز حيث ان تكاثر اعداد حقل الفار يمكن أن يمكنه من أكل الأخضر واليابس.

مطلب واحد على لسان مزارعي المنطقة وهو تحرك المسؤولين والمعنيّين لاتخاذ إجراءات وقائية تقيهم شرّ المصيبة خصوصاً مع عودة انتشار فتح الكثير من الآبار العشوائية الجديدة التي خلفتها الحسابات الانتخابية مما ينعكس ذلك سلباً بشكل مباشر على مصادر المياه المختلفة خصوصاً المياه الجوفية التي أخذ منسوبها العام يتدنى بشكل واضح وهو ما دفع بالمواطن لا سيما المزارع بالبحث عن مصادر جديدة للمياه من خلال استحداث آبار جوفية جديدة.

تعليقات: