أبو طلال ما بينجح ع الأطلال!

أبو طلال (الممثل وسام سعد)
أبو طلال (الممثل وسام سعد)


لم يعرف المشاهد فعليّاً قيمة أبو طلال (الممثل وسام سعد)، إلّا بعدما غاب عن تركيبة فريق «شي ان ان» بنسخته الجديدة. ولا شكّ أنّ البرنامج المتجدّد «بي بي شي» ندم على استغيابه أبو طلال بعدما واجه البرنامج صعوبات كثيرة في موسمه الأخير، صعوبات أدّت إلى غيابه عن برمجة الموسم الجديد، وما زلنا ننتظر.

كانت فقرة أبو طلال في «شي ان ان» شعبوية أساسية، قادرة على استمالة المشاهدين من كل الفئات والخلفيات، وكانت مساحة ينفّس فيها المشاهد عن غضبه وقرفه وخيبته بعبارات أبو طلال وأسلوبه الساخر السلس.

وطوال فترة غيابه كان معظم المشاهدين بانتظار ماذا سيقدّم وسام سعد، وها هو يطلّ في الموسم الحالي من خلال برنامج «أبو طلال الأجدد TV» على شاشة الجديد، وبعكس زملائه فؤاد يمّين وعباس جعفر وجنيد زين الدين وعبد الرحيم العوجة من «شي ان ان»، استمرّ وسام سعد في اللعبة الكوميدية التلفزيونية لكن في برنامج يختلف عن باقي البرامج الكوميدية الساخرة، وفي ملعب لا ينافسه عليه أحد. فالكوميديا التي يمتهنها أبو طلال فريدة بأسلوبها وبسقفها وسخريّتها، فلا هي «Stand up» ولا تقليد شخصيات ولا تركيب اسكتشات ولا باروديا، وإنما توليفة من كلّ شيء.

لكن يبدو أنّ لعنة «شي ان ان»، وهنا اللعنة بمعناها الإيجابي وبتأثيرها السلبي، لا زالت تلاحق أبو طلال في الحلقات الأولى من برنامجه الجديد، فهذا الكاراكتير الفريد والجاذب للمشاهدين لا يمكنه أن يحيا على أطلال أمجاده، وإنما يجب عليه الاستفادة منها حتى لا يخذل المشاهدين الموعودين بالتنفيس عن مشكلاتهم بضحكة وقهقهة يخلقها هذا «الشوارعيُّ الحذِق».

«أبو طلال الأجدد TV» ملفت بديكوراته التي لا تحشر العين في استديو واحد، وإنما تُمتّع العين بحركتها بين مختلف الغرف والديكورات والمكاتب التي يتنقّل بينها أبو طلال وفريقه.

تركيبة البرنامج تبدو إلى الآن متينة وفقراته منوّعة وذكية، باستثناء كاراكتير أبو عدنان الذي لم يقدّم حتى اللحظة أيَّ نهفة أو لم يكشف حتى عن فحوى دوره. كما أنّ أبو طلال يحتاج إلى «فوفي» (فؤاد يمّين) فعليٍّ جديد يسمح له بتفجير مواهبه عبر سخافات وتعليقات ساذجة تبرّر امتعاضه وانتفاضه.

يحتاج أبو طلال في برنامج الجديد إلى الخروج من جلباب «شي ان ان»، وعدم التركيز حصراً على تقديم النكتة الذكية التي يمكن أن يفشل المشاهد في فهمها والضحك عليها، ويجب عليه التركيز على تظهير نقاط قوة أبو طلال بلا نصّ سلام زعتري.

ولعلّ أبرز ما ساهم في نجاح أبو طلال سابقاً هو وقاحته وجرأته، وهو التعويذة السحرية لنجاحه الآن أيضاً، مع الانتباه إلى عدم الانجرار نحو الاستسهال في النكتة والابتذال في النصّ، الأمر الذي شاهدناه بضع مرّات وأفقدنا حماسة المتابعة.

صحيح أنّ أبو طلال نجح ضمن فريق «شي ان ان»، لكنه يملك كلّ المقوّمات لينجح وحيداً ولا ينقصه سوى الإيمان بنوعية قدراته الكوميدية، حتى يخرج من عالم «شي ان ان» ويخلق عالمَه الكوميدي الخاص، سواءٌ بالنصّ أو التعبير، ليصبحَ من بين الأوائل الذين لا يمكن الاستغناء عن حضورهم التلفزيوني.

الفقرة الناجحة في برنامج معيّن ليس بالضرورة أن تصبح برنامجاً ناجحاً بحدّ ذاته، ولكنّ أبو طلال قادر ببعض التحسينات والتعديلات أن يصبح كاراكتيراً ناجحاً في برنامج متكامل، لأنه يُحسب له السعي الجاد إلى صناعة كوميديا غير مبنية على المواد المستهلكة في باقي البرامج، والتركيز على النكتة السياسية والفنّية المبتكرة.

عندما يعرف أبو طلال حجمَ تأثيره الشعبي ومدى قوة كاراكتيره الكوميدي، وعندما يؤمن بالدور المطلوب أن يلعبه اليوم في الكوميديا التلفزيونية، عندها سيذكّرنا بأسماء بعض كبار صنّاع الكوميديا الذين مرّوا في لبنان.


الحلقة الماضية من أبو طلال الأجدد TV:

تعليقات: