إسرائيل تغير معالم الحدود اللبنانية

تنتقل إسرائيل من الهجوم إلى الدفاع
تنتقل إسرائيل من الهجوم إلى الدفاع


منذ 20 تشرين الثاني، تقوم قوات العدو الإسرائيلي بجرف مساحات واسعة من الأحراج والأشجار المعمرة على طول الخط الأزرق. وهو في هذه العمليّة، يرتكب مجزرة بيئية حيث قام بإقتلاع مئات الأمتار من الأحراج التي تضم أشجاراً معمرّة من السنديان والبلوط والبطم والغار، الواقعة ضمن الأراضي اللبنانية عند السياج التقني في خلة وردة- عيتا الشعب، وعلى امتداد طول الخط الأزرق وسط تخطٍ واضح له، واعتداء على السيادة اللبنانية.

وما يجري منذ أسابيع، يأتي إستكمالاً للإجراءات الدفاعية والاحترازية التي يقوم بها العدو على الأراضي الحدودية من الناقورة حتى مزارع شبعا. وهو في ذلك، يسعى إلى جعلها مناطق صخرية منكشفة أمام رؤيته ورؤية مواقعه المشرفة على المنطقة، لرصد أي اختراق أو توغل يقوم به حزب الله على الحدود. ويسعى في المقابل، إلى إنشاء جدار فاصل على طول الحدود من الناقورة وصولاً إلى مزارع شبعا، مماثلاً للجدار الفاصل في كفركلا- العديسة المقابل لمستوطنة المطلة، حيث بدأ تجهيز البنية التحتية لبنائه.

ويقسم جيش الاحتلال الحدود إلى منطقتين: شرقية وغربية. الغربية، تغطي المناطق الواقعة بين أراضي قرية صلحا المحتلة والناقورة، بطول 50 كلم، وقد أُسندت عملية "الدفاع" عنها للوحدة 300، التي يشرف على أعمال التجريف وبناء العوائق فيها ضابط مهندس برتبة رائد، يدعى الياهو غاباي وفقاً للصحافة الإسرائيلية.

أما المنطقة الشرقية، فتمثل موقع الرادار العكسري للتجسس، وهو أكبر موقع لقوات العدو من الناقورة إلى شبعا، وتشمل الأشغال في هذه المنطقة: تغيير التضاريس، بناء منحدارت، حفر خنادق واقتلاع الأشجار.

هذه الإجراءات التي كثفها العدو، استدعت استنفاراً كاملاً للجيش اللبناني، لرصد أي انتهاك إسرائيلي على الحدود. وترافقت مع تصريح لافت لرئيس الجمهورية ميشال عون، الاثنين 18 كانون الأول، بأن إسرائيل تعد لبناء جدار فاصل على الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة في جنوب لبنان بعد التحرير عام 2000، بين لبنان من جهة وفلسطين المحتلة من جهة أخرى، معتبراً أن هذا الخط لا يتطابق مع خط الحدود الدولية.

موقف عون الرافض لتكريس الخط الأزرق كحدود دولية، يُذكّر بأن الخط الأزرق اقتلع جزءاً من الأراضي اللبنانية، وأنّ العمليات التي تُقام قد تكون مؤشراً لعملية استيلاء جديدة على الأراضي اللبنانية، ومعها ضم مزارع شبعا المحتلة.

إسرائيل تتحصن

يُرجع المحلل المتخصص في الملف الإسرائيلي عباس إسماعيل الأمر إلى أن السياسية التي تعتمدها إسرائيل تندرج في إطار استراتيجية الانكفاء، أي تغير التكتيك من الهجوم إلى الدفاع، بعدما كانت سباقة بالعمليات الهجومية. وتأتي أيضاً، في إطار فشل التمدد الإسرائيلي على الحدود، مع التهديدات المتكررة التي يُطلقها حزب الله في حال نشوب حرب مقبلة مع العدو الإسرائيلي. وتعتبر إسرائيل أن الجدار الفاصل، سيكون بمثابة نقاط الضعف لحزب الله ولعمليات التسلل التي قد يجريها في المنطقة.

أما عمليات الإبادة للإشجار على طول الحدود، فـ "هي بسبب الخوف الإسرائيلي من استعمالها كمواقع ومخابىء لحزب الله والجيش اللبناني، حيث تُصعبُ مهمات إسرائيل التجسسية، لاسيما مع عمليات التشجير المكثفة التي قام بها حزب الله على امتداد السنوات الماضية. وتسعى إسرائيل إلى تغير تضاريس الأرض وجغرافيتها، من أجل الملائمة مع مواقعها المنتشرة على الحدود".

الجيش اللبناني: مستعد

تشير مصادر أمنية في الجيش اللبناني لـ"المدن"، إلى أن التحركات على السياج التقني هي محل اهتمام واسع من ضباط الجيش المولجين تأمين وحماية الحدود اللبنانية. وتعتبر أن التحركات الإسرائيلية والأعمال على السياج التقني، هي من موقع الضعف، وتأتي أمنياً بالخطوات الدفاعية، والجيش سيتعاطى بحزم مع أي اعتداء على السيادة اللبنانية أو عليه.

وتلفت المصدر إلى أن إجراءات البنى التحتية للجدار الفاصل على الحدود، لن تمر في الأراضي اللبنانية أو على النقاط الخلافية على طول الحدود، وفقاً لتعليمات من قيادة الجيش. وتتحدث عن الدور الذي يلعبه الجيش في احتواء بعض نشاطات اليونيفيل والتي تندرج خارج مهمات عملها، منعاً لأي تصادم مع سكان القرى الحدودية. ووفق المصدر، يشكل الجنوب موقعاً جغرافياً مهماً لتمرير الرسائل، لاسيما منذ "إعلان القدس عاصمة لإسرائيل".

تعليقات: