عبد العال: الإدارة الأمريكية راعية حرب ولم تكن يومًا راعية سلام!


من بيروت المقاومة، من الجبل الأشم، من الضاحية الأبية، من طرابلس الفيحاء، من الجنوب الباسل، من فانزويللا صديقة النضال الفلسطيني، جاءوا من كل حدب وصوب، وجالوا في أزقة المخيم، هتفت حناجرهم للقدس ولفلسطين، وصمتوا إجلالاً لشهداء فلسطين، و وقفوا إجلالًا للنشيدين الفلسطيني واللبناني، ولنشيد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

انفعلوا وتفاعلوا مع خطاب فلسطين الذي صدح بصوتٍ، حضرت فيه نبرة المقاومة، وكل القدس وكل فلسطين .

في ذكرى اليوبيل الذهبي لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يبرز المخيم الوجه الحضاري والمقاوم. في اليوبيل الذهبي اختارت الجبهة أن تطلق مواقفها، والإعلان عن تمسكها بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين. هنا قالت الجبهة كلمتها لا شرقية ولا غربية القدس واحدة موحدة، من المخيم الصغير بحجمه والكبير بعظمته ورمزيته، بدعوة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لمناسبة يوبيلها الذهبي الذكرى ال 50 لانطلاقتها، أقيم عصر الخميس 21-12-2017 في مخيم مارالياس - بيروت يوم تضامني سياسي مركزي تحت عنوان "القدس عاصمة فلسطين الأبدية"، حضره حشد كبير من السياسيين الفلسطينيين واللبنانيين، وأحزاب وفصائل فلسطينية ولبنانية، بالإضافة لسفيرة فانزويللا في لبنان، وعدد من أعضاء المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي مقدمتهم نائب الأمين العام للجبهة الرفيق أبو أحمد فؤاد، واستمعوا الى رؤيتها في اللحظة التاريخية الفاصلة التي ألقاها الرفيق مروان عبد العال، بعد أن استهل كلامه بالترحيب بالحضور، حيث قال: أهلًا بكم في بيتكم، في قاعة الشهيد أبو علي مصطفى في المخيم. فلوجودكم هنا أكثر من دلالة ومعنى، ففي مخيم مارالياس حيث نختتم احتفالات اليوبيل الذهبي للجبهة، بيوم تضامني مع القدس الأبية وعاصمتنا الأبدية، كان المخيم حاضرًا من البص إلى مخيم نهر البارد، وشعلة الاحتفالات كانت عين الحلوة واليوم هنا. هذه رسالتنا السياسية ذات المعنى، كون المخيم قضية، سيظل عصيًّا على الغياب، وتحديدًا في يوم الجبهة .

في يوم الجبهة تحية إلى ذاكرة فلسطين الأزلية والقدس عاصمتها الأبدية، في يوم ذكرى الجبهة الشعبية مدرسة الوطن والهوية، الحكيم، ووديع، وأبوعلي، وغسان، وأبوماهر، اليماني، وأبو أمل الزعتر، الحرية في الأسرأبوغسان، وعاهد، ومروان، وآلاف الأسرى، شواهد الذاكرة الخالدة من أبي عمار، وأبي جهاد، والشقاقي، وياسين، والعياش، والقاسم، وأبي عدنان قيس، وجبريل، ومحسن، وأبي العباس، وطلعت يعقوب، وعواد، والنجاب، وغوش، متابعًا قوله: إن

الذكرى ليست مجرد سيرة أفرادٍ، بل تقدير لمعنى البطولة، فنحن نفتخر، ونعتز، ونكبر بشعب بطل، شعب الـ 100 ألف شهيد، وجريح، وأسير في كل مساحة فلسطين التاريخية والنضالية، فهذا هو شعب إبراهيم أبوثريا الواقف في العراء، وفوزي الجنيدي فتى الخليل، وأيقونة الحرية عهد التميمي، في المدن، والقرى، والمخيمات في الداخل والخارج وخلف البحار، نشمخ بهم، شعب الحقيقة التي لا تموت، والمقاومة المستمرة بكل الأشكال والألوان، من الكلمة حتى الطلقة، ومن الفكرة حتى الحجر، ونعتز بتاريخ النضال، والانتفاضات، والهبات، والمقاومة بكل أحزابها، وفصائلها، وأطيافها الفكرية، من فانزويلا إلى كوبا، إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، إلى مشرق الأرض ومغربه، ولكل أمة المقاومة التي رفعت راية تقول:"هذا الشعب يستحق وطنه".

وتابع كلامه، قائلًا: منذ انطلاقتها لم تولد الجبهة كردة فعل ارتجالية على الهزيمة، بل كتنظيم تفاعلي يؤمن بالفكر الثوري، والرؤية الواضحة للأمور، لذلك رسمت الجبهة استراتيجيتها - الفكر والممارسة، الأخلاق والسياسة، معرفة الذات ومعرفة العدو، من هو العدو، ومن هو الصديق؟ قوى الثورة على الصعد الفلسطينية، والعربية، والأممية، وأعداء الثورة، ربط بين الوطني، والقومي، والأممي، التكتيك والإستراتيجية، الوحدة الوطنية والتناقض الرئيسي مع الاحتلال، فقد أدركت، وفهمت، وتعلمت كل عناصرالقوة، وشروط النصر لمن أراد أن يكمل المسيرة ويحقق النصر، وتابع: اليوم القدس في عين الوحش، والخطرعلى القضية الفلسطينية برمتها، بل على كل الأمة، فالقرار الأمريكي الأخير لن يتوقف عند عملية شطب القدس، تاريخيًّا، وثقافيًّا، وهوية، وذاكرة، ورواية، ومقدسات إسلامية ومسيحية، وأرضًا، هو مجرد مقدمة لصفقة القرن، أي شطب الحقوق الوطنية الفلسطينية برمتها، وجوهر هذه الحقوق حق عودة اللاجئين، مما يضعنا أمام حقائق تاريخية وتحديات تاريخية، مشيرًا إلى أننا أمام الحقائق التاريخية التالية

1- لقد أزال ترامب كل المساحيق عن وجه السياسة الأميركية، وكشف الوجه الطبيعي الوحشي القبيح للهيمنة والقهر الاستعماري الجديد، وكل فيتو أمريكي إن كان سابقًا، وحاليًّا، ولاحقًا، يظهر حقيقة الترابط الإستراتيجي مع الكيان الصهيوني، وهذا يشكل حافزا لتنظيم الجبهة المناهضة للإمبريالية الأمريكية.

2- إن السياسة الأمريكية امتهنت انتهاك القوانين الدولية، منذ أن وضعت نفسها حكمًا لكل الاتفاقات التي أبرمت، ومنها اتفاق أوسلو، وتواطأت مع الاحتلال على تمزيق هذه الاتفاقات، وأبقت على أسوأ قسم فيه، وخاصة ما يكرس السيطرة والإخضاع، وهي من عارض الانضمام للمنظمات الدولية، واعتراف الجمعية العامة بفلسطين عضًوا كامل العضوية. أميركا

راعية حرب، وإرهاب، وقتل، وتدمير، من القاعدة إلى داعش، فلا يمكنها أن تكون يومًا راعيًا، أو حكمًا لعملية سلام .

3- إن الشعب الفلسطيني ليس وحيداً في المعركة السياسة ضد الاستعمار الإسرائيلي الذي يشكل أهم حليف، وداعمًا للترامبية وسياساتها في الإقليم والعالم، أي أن قضية فلسطين التي حاولوا قطعها عن محيطها، وعن أمتها إنما هي قضية الشعوب المركزية، وأن القدس قلب مشروعنا الوطني، وضمير الأمة، وكما هي فلسطين ضمير العالم .

وتابع، إن الحدث استراتيجي، ويتطلب ردًّا استراتيجيًّا، لتحويل الفعل الميداني الجاري إلى انتفاضة شاملة، وحتى لا نكرر الفشل علينا أن نقول بصدق وشجاعة، ونقد ذاتي إذا اقتضى الأمراشتعال واستمرارالانتفاضة حقيقة مشروطة بتوافرأهم ركيزتين أساسيتين: السياسية والتنظيمية.

أوّلًا: الركيزة السياسية التي تبدأ بخطوة الاستجابة الضرورية للتحديات الجديدة التي ظهرت أمام المشروع الوطني الفلسطيني الذي يكون بالعودة إلى المؤسسات الوطنية، والأطر القيادية، والكفاءات الفلسطينية، لتحمل المسؤولية الجماعية في صياغة استراتيجية وطنية موحدة، و ذات مسارات متعددة تستعيد البعد الوطني، والعربي، والعالمي، ويلاقي أطروحة الاستراتيجية الشاملة للمقاومة قاعدتها الثمينة محور فلسطين، لأن فلسطين توحِّد ولا تفرِّق، فنحن نريد رؤية سياسية موحدة، وليس خطابات سياسية، لتتمكن الانتفاضة من الصمود طويلا أمام الضغوط المتزايدة، التي أساسها التحلل من قيود اتفاقات أوسلو، وتغيير، وتطوير البنية النضالية.

ثانيًا: الركيزة التنظيمية، تحرير القرار الوطني من أية ضغوط وتجديد البنية الوطنية، بديناميات قيادية جديدة قادرة على الابتكار، والمراجعة، والتصويب ورأب الصدع في العلاقة مع القطاعات الشعبية العريضة التي تشكل الضمانة الأكيدة للصمود، وهذا يتم عبر تبني قرارات المجلس المركزي الفلسطيني وتنفيذها، وليس تكرارها بالخطابات، وإنهاء القيود الأمنية والاقتصادية، وإنهاء دور لجنة التواصل التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وتبني وتوسيع الرد الشعبي الانتفاضي، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية من دون تأخير يستعيد مكانة، ودور منظمة التحرير الفلسطينية، بمضمونها التحرري، وبرنامجها، وميثاقها، وبمشاركة الجميع. الابتكار في أشكال النضال، فالمواجهة بمسيرات الآلاف، تتقدمها الفصائل بجماهيرها، وقطاعاتها النسائية، والشبابية، والمهنية، إلى الحواجز العسكرية، وتقول: لا للاحتلال سيكون لها جدوى أكثر، كما قال: إن أيةاستراتيجية يجب أن تحدد الهدف، والوسائل، والأدوات، فما ينقصنا هو الإستراتيجية الشاملة التي ترتكز على تكامل كل أشكال النضال السياسي، والتنظيمي والدبلوماسي، والإعلامي، والثقافي، والقانوني، والعسكري، والتحرك قانوني، أو دولي، أو دبلوماسي لا يمكن تحقيقه ما لم يستند للانتفاضة، فقد استخدمنا الشرعية الدولية، والقانون في وجه دولة تفتقد للشرعية والقانون، لنعلم أن التطبيع هو احتلال مدني، والمقاطعة هي مقاومة مدنية. كما شكر لبنان رئيسًا للجمهورية، والحكومة، ومجلس النواب اللبناني، ووزارة الخارجية، والتربية الوطنية، ولبنان شعبيا، وحزبياً، فهو لبنان الرسالة والهوية، والمنذور لقضايا الأمة وقضية فلسطين. كما أشار في كلامه إلى إعلان الإحصاء الرسمي لعدد الفلسطينيين في لبنان، وبرعاية دولة رئيس الحكومة، فالعدد يراوح أويزيد عن 174 ألف نسمة، هذا اللاجئ الثابت أوالمقيم، وهذا يتطلب كما أكد دولة الرئيس عدم التهرب من واجبات الدولة إزاء الفلسطينيين، حقوقهم الإنسانية يجب أن لا تكون عنصر خلاف، وعلينا القيام بدورنا بدل الدخول في تسييس الأرقام، ونحن نؤكد على هذه الروح الإيجابية، فإنه قبل مطالبة المجتمع الدولي القيام بواجباته، على الدولة المضيفة القيام بواجباتها. كما أشار إلى أن هناك لاجئًا متحركًا، أي بين سفر، وعمل في الخارج، أو حتى إنه مقيم في الخارج. هذا الفلسطيني مهما كان، يجب أن لا يشطب من خانة اللاجئين، لأنه قضية سياسية مرتبطة بحق العودة.

والوجود الفلسطيني في لبنان، كان ولايزال يعيش في معاناة مثلثة الأضلاع، اقتصادية، وسياسية، وأمنية، وهو ضحية الفشل السياسي بعدم تحقيق حق العودة حتى الآن، وضحية تقليصات خدمات الأنروا، وضحية سياسة الإغلاق اللبنانية، حتى عن تنفيذ قرارات متخذة، فهذا العدد يفترض على صناع السياسات معرفة المصلحة الحقيقية ووجهة الاستثمار، وعدم الخوف من فزاعة الخطر "الديموغرافي" أو "الدينوغرافي" أو منافسة سوق العمل، لأن الفلسطيني ليس رقمًا، بل قضية عادلة، وهو ليس مادة جاهزة للشراء، أو البيع، أو المبادلة، فالفلسطيني يولد في لبنان، ويتعلم ويتخصص في جامعاتها، ويحمل شهاداتها، ولا يحق له أن يعمل في لبنان،

ومن الممكن أن يعمل في الأنروا إن وجد وظيفة شاغرة، أو أن يهاجر، وهكذا ينزف المجتمع ويتم تذويب قضية اللاجئين، لذلك يجب على الدولة أن تتعامل بسياسة إيجابية، وليس تمييزية التي لن نصمت عنها، وسننتقدها بكل أخوة وحرص، وهي تؤذي سمعة من يمارسها. فالسياسة الصحيحة هي التي تعزز العلاقات الإيجابية، وتحمي الكيانية اللبنانية من هواجس التوطين، والهوية الفلسطينية من مخاوف إنهاء قضية العودة.

وختم كلمته بالقول: كل الحب والوعد من الجبهة لحضوركم وتضامنكم، لالتفافكم حولنا، واحتضانكم لقضيتنا، مقاومة لأجل، كل فلسطين، وكل القدس، ولا ننسى الهوية والتاريخ والذاكرة غير القابلة للقسمة، عهدنا لكم أن نظل أوفياء، وتبقى رايتنا حمراء.

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بيروت، لبنان.

الخميس في 21/12/2017




















تعليقات: