وُلد علي برأسين وجسد واحد.. في البقاع الغربي


لم تتوقع فاطمة عمير أن طفلها الذي انتظرت قدومه إلى الحياة أشهراً سيصبح حديث الإعلام، بعد أن ولد برأسين، ليشكل حالة طبية نادرة شكلت صدمة للأطباء والعائلة.

‎في مستشفى فرحات - البقاع الغربي، خرج الجنين بعد ظهر أمس من رحم فاطمة (19 عاماً)، ابنة حلب السورية. وبحسب ما قالته لـ"النهار": "لم يخطر ببالي ولو لوهلة أن يكون مولودي الأول من زوجي أحمد حمادي على هذه الصورة، ومع ذلك أنا سعيدة جداً به". وعما إذا كانت قد خضعت لمعاينة طبية خلال حملها وأجرت صوراً لجنينها أكدت "وضعنا المادي لم يكن يسمح أن أقصد طبيباً للمتابعة، تعبت كثيراً خلال أشهر حملي، كنت أشعر أن أمراً غير طبيعي يحدث من دون إمكانية تحديده، وهذا ما دفعني قبل اسبوع من ولادتي إلى أن أقصد مستوصفاً للمعاينة، أجريت صورة من دون أن يتم اكتشاف الحقيقة".

‎بين الرضا والصدمة

‎لم يتسنَ بعد لفاطمة، التي تسكن في بلدة لوسي البقاعية منذ هروبها من الحرب الدائرة في بلدها، أن تحضن ابنها الذي اطلقت عليه اسم علي، وقالت "أنتظر اللحظة التي أحمله فيها، وأغمره بحناني، أريد أن أشعر بأمومتي معه". وعما إذا كانت ترغب بإجراء عملية له فيما لو كانت ممكنة، من أجل فصل الرأسين، أجابت "بالتأكيد كلا، هذه إرادة الله وخلقته، انا راضية عنها، لذلك سأتركه كما شاء الرب له أن يكون، واتمنى أن يمنحه العمر الطويل"، في حين قالت جدة علي "لا أخفي على أحد أني صدمت عندما شاهدته، انا عجوز ولم يمر على نظري طفل يشبهه، كل من رآه اندهش، الآن هو في الحاضنة، وضعه ليس جيداً، وننتظر ما ستبينه الايام القادمة".

‎عملية نادرة

‎على مدى عشرين عاماً من إجراء عمليات توليد في لبنان، هذه هي الحالة الاولى التي يواجهها دكتور الجراحة النسائية ناصر ساطي، بحسب ما شرحه لـ"النهار". لم يسبق أن أجريت معاينة لفاطمة، في الأمس قصدت طوارئ المستشفى فأجريت لها صورة، ظهر أنه يوجد شيء غير طبيعي لكن لم يكن واضحاً، فالجنين كان متموضعاً في العرض، قررت إجراء عملية قيصرية لها، واجهت صعوبة خلالها، تلتها مفاجأة من دون أن أتصور أن يكون المولود على هذه الهيئة"، وأضاف "أجريت عمليات ولادة لأطفال مشوّهين، لكن علي حالة نادرة، كائن حيّ واحد برأسين، لذلك أستبعد امكانية إجراء عملية فصل له".

مولود نادر

‎ضمن خانة التوأم السيامي وضع طبيب الأطفال علي الجباوي الذي يتابع الطفل علياً، شارحاً "هو الآن في الحاضنة، يعتبر حالة نادرة جداً. فمن أصل 200 ألف طفل يولد واحد على هذا الشكل، أما السبب فانفصال بويضة بشكل غير كامل لتكوين توأم خلال الفترة الاولى من الحمل، وغالبية هذه الحالات النادرة تتوفى، أما أثناء الحمل أو عند الولادة، من دون أن يكون للإشعاعات التي قد تتعرض لها المرأة الحامل أو تناولها ادوية معينة، أي علاقة بذلك". وقال ل"النهار" أنه "قد نشهد التصاق طفلين من الصدر أو البطن أو الظهر أو الأطراف أو الرأس، لكن مولود الأمس متراص بشكل كبير، لديه رأسان متكاملان، عمودان فقريان، وكل واحد منهما لديه جهاز مستقل للقلب والرئة، لكن يوجد عضو تناسلي واحد، كما لديه كتلة أسفل عموده الفقري تحول دون تحرك طرفه السفلي بشكل جيد".

‎أمل محدود

‎وعما إذا كان فصل المولود الجديد ممكناً، اجاب الجباوي "بداية يجب اخضاعه لفحوصات عدة، وفتح ملف متخصص له، لا نعلم إن كان في لبنان امكانية لذلك، مع العلم أن جمعيات عدة تواصلت معنا مبدية رغبتها في متابعة حالته". وشرح "تعتبر عمليات فصل التوائم من أصعب العمليات الجراحية، تعتمد نسبة نجاحها على مكان الالتصاق، حيث يزداد الامر خطورة عند وجود اشتراك في أوعية القلب أو الدماغ، ومع هذا اجريت حتى الآن مئات عمليات الفصل الناجحة لتوائم ملتصقة". واستطرد "أول عملية فصل توأم سيامي ملتصقين من الرأس أجراها الدكتور الأميركي بن كارسون في عام 1987 لألمانيين، مسجلاً سابقة في تاريخ الطب، نجحت العملية بعدما استغرقت نحو 22 ساعة وقد شارك فيها أكثر من 50 شخصاً".

‎الشهر الماضي أنجبت سيدة في الهند، توأماً سيامياً بجسد واحد ورأسين، بقي على قيد الحياة مدة أربعة وعشرين ساعة قبل أن يسلم الروح، ما يطرح علامات استفهام عن مصير علي المجهول وسط أمل الجميع أن يخالف المألوف من جديد ويعيش عدداً من السنين؟!


فيديو ذات صلة:


تعليقات: