كيف تهرّب الماركات العالمية إلى لبنان؟


كيف تهرّب الماركات العالمية إلى لبنان؟ تدخل البضائع الاجنبية بعد ضغطها ونزع أغلفتها (علي علوش)

كثيراً ما نُطلق عبارة "بضائع مهربة" على منتجات نشتريها من الأسواق اللبنانية بأسعار بخسة لا تقارب الأسعار الحقيقية للمنتج المقصود، لاسيما إذا كان الحديث يتناول منتجات أوروبية الصنع أو أميركية تحمل علامات تجارية عالمية.

إطلاق صفة "المهرّب" على بعض المنتجات غالباً ما تكون تعبيراً عفوياً لا يحمل أي أبعاد أو خلفيات لآليات التهريب وآثاره على الاقتصاد، لا بل إن المستهلكين من الشرائح الاجتماعية كافة يهتمون بالحصول على منتجات أجنبية من ماركات عالمية وبأسعار متدنية "حتى وإن كانت قد دخلت البلد عن طريق التهريب".

وقد يعلم أو يتكهّن البعض أن هناك خطوطاً لتهريب البضائع عبر معابر الدولة المختلفة، خصوصاً المرافئ. لكن، ما لا يعرفه كثيرون أن للتهريب أشكالاً عديدة بعضها مستحدث وبعضها الآخر تقليدي، وهناك أساليب لا ينظر إليها القانون على أنها تهريب إلا أنها في واقع الأمر ليست سوى تهريب مقونن. فما هي طرق وأساليب التهريب في لبنان؟

-1-

إحدى أبرز وأحدث طرق التهريب تكون على الشكل التالي: يقوم وكيل إحدى العلامات التجارية البارزة في البلد (مثال حقيقي) بالإتفاق مع المخلص الجمركي على تمرير إحدى الشحنات المستوردة لمصلحته على أنها شحنة "ستوك" تحتوي على بضائع مخزنة في الشركة الأم أو تشوبها أخطاء في الصناعة. وهي بالتالي مستوردة لمصلحة الـ"outlet" التابع للعلامة التجارية، وبذلك يكون المستورد قد تهرّب من جزء من رسومه الجمركية والضرائب المفروضة عليه. لكن، ماذا حصّل المخلص الجمركي؟

المخلص الجمركي في الحالة المذكورة اختار أن يحصل على منتجات تعود إلى الشركة المستوردة على أن يعمل على بيعها لاحقاً لحسابه الشخصي بأسعار منافسة للسعر الأصلي، وذلك عبر التسويق الإلكتروني منعاً لأي شبهات.

-2-

تحت عنوان استيراد الألبسة المستعملة "البالات" تدخل البضائع الأجنبية إلى لبنان بعد ضغطها ونزع أغلفتها. فتُعفى من الضريبة على القيمة المضافة ورسوم جمركية أخرى. ويقتصر دخولها على سداد رسم نوعي مرتبط بوزن الحمولة وليس بنوعيتها. ثم يعمد التجار لاحقاً إلى إعادة تأهيلها وغسلها وكيّها لتُباع بالأسعار الحقيقية لعلاماتها التجارية.

-3-

من الأساليب الشائعة في التهريب هي تمرير بضائع والتصريح عنها على أنها بضائع أخرى أو بمواصفات مغايرة للحقيقة. مثلاً، أدخل تاجر إلى مرفأ بيروت بضائع مستوردة لمصلحة أحد المصانع وتم التصريح عنها على أنها حديد خام، إنما هي في الحقيقة ألواح وأسياخ حديدية (الحديد المخصص لتشييد الأبنية غير معفى من الرسوم). وبذلك، يكون التاجر قد تهرب من الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع المستوردة أي حديد التشييد، ثم أعاد بيعه في السوق اللبنانية بسعره المتداول.

-4-

الطرق التقليدية لا تخفى على أحد. وهي إدخال البضائع خلسة من دون التصريح عنها إطلاقاً وغالباً ما تكون بضائع خفيفة الوزن وغالية الثمن، كالذهب أو الأحجار الكريمة أو الأجهزة الخليوية وغيرها..

وغالباً ما تحصل هذه الحالات من التهريب عن طريق رشوة الأشخاص المعنيين بالرقابة عليها وتمريرها عبر المعابر البرية أو البحرية، أو حتى الجوية.

-5-

أحد الأساليب التي تتسبب بمنافسة غير مشروعة في الأسواق اللبنانية هي ما يعرف بالإستيراد الموازي أو تجارة الظل. ويتم ذلك حين يعمد أحد التجار إلى استيراد منتجات أجنبية مثل nestle أو fairy للتنظيف أو pril وغيرها من المنتجات من بلد آخر كمصر أو تركيا، حيث يتم توزيع المنتجات نفسها لكن بأسعار أدنى مما هي عليه في لبنان، بسبب فارق صرف العملات أمام الدولار من جهة وفارق مواصفات المنتج الموزع في البلد الآخر من جهة أخرى.

والنتيجة أن التاجر يُدخل البضائع الأجنبية من بلد مستورِد وليس من البلد الأم للبضاعة ويبيعها في السوق اللبنانية بأسعار منافسة لتلك التي تُباع فيها البضائع الأجنبية التي سلّمتها الشركة الأم إلى وكيلها في لبنان.

والأخطر من ذلك أن البضاعة المستوردة (كالـfairy من مصر على سبيل المثال) تتمتع بمواصفات أدنى من نظيراتها في لبنان. إذ إن الشركة توزع منتجاتها في كل بلد بمواصفات خاصة به. ما يفسح المجال أمام المستورد بإدخال منتجات مقلّدة وبيعها، على أنها العلامات التجارية الأصلية وبأسعار أدنى من المنتجات الموجودة لدى الوكيل.

ولا تقتصر طرق التهريب على تلك المذكورة، لكنها تبقى الأكثر شيوعاً في وقت الراهن.

* المصدر: المدن

تعليقات: