خطّة الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين


ينصب الجهد السياسي على معالجة ملف اللاجئين السوريين، وقد استطاعت القوى السياسية التوصل إلى نقاط مشتركة للإنطلاق منها والخروج بخطة واحدة لمقاربة هذا الملف، بعيداً من الحسابات السياسية والنكايات في المواقف، بالإضافة إلى الإلتزام بالقانون الدولي في هذا المجال. تواصل لجنة شؤون النازحين الوزارية عملها واجتماعاتها، ويدرس الوزراء مسودة هذه الخطة لتقديم اقتراحاتهم وتعديلاتهم عليها.

قبل هذه الورقة كان هناك انقسام في طريقة معالجة الموضوع ومقاربته، بعدما كان هناك ثلاث رؤى: رؤية رئيس الجمهورية، خطةّ وزير الخارجية جبران باسيل، والخطة التي يعمل وزير شؤون النازحين معين المرعبي لوضعها. في الجلسة الماضية للجنة حصلت سجالات متعددة، إذ توجه أكثر من وزير إلى باسيل بالقول: "لست أنت من يحدد سياسة البلد. وهناك وزارات لكل منها اختصاصها. ووزارة الخارجية ليست وصية على كل الوزارات". كان هذا الكلام هو ردّ على خطة باسيل، وانتقاداً لمواقفه التي أطلقها تجاه النازحين، والتي لا تتفق معها مختلف القوى.

ومن المفترض، بعد الانتهاء من وضع الخطة والاتفاق عليها، أن ينظم لبنان مؤتمراً في بيروت لبحث وضع اللاجئين. وفي حال عدم نجاح عقده في بيروت، هناك توجه لبناني لعقده في فرنسا، التي تبدي استعدادها للمساعدة في هذا المجال. لكن الأمر ينتظر الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الخطّة.

حصلت المدن على مسودة الخطّة، التي تلتقي مع خططّ للحكومات السابقة، لجهة تسجيل السوريين، مع إضافة حل لموضوع الولادات، في ما يتصل بالاحوال الشخصية، بعدما وافق الجميع على تسجيل الاجانب وارسال اسمائهم إلى السفارة السورية لتسجيلهم، فلا يبقون مكتومي القيد. وهذا مقترح جديد تقدّم به وزير الداخلية نهاد المشنوق، لأن عدم معالجة ذلك سيؤدي إلى مشكلة اجتماعية وإنسانية.

وقد عمل عدد من الخبراء من وزارة الدولة لشؤون النازحين ومن فريقي رئيس الحكومة ووزير الخارجية، على وضع الخطوط العريضة لهذه الخطة التي من المفترض أن تقرّ في الأيام المقبلة، ليخرج لبنان بموقف موحد إزاء هذه القضية. وقد حملت الورقة عنوان "لبنان والنازحون من سوريا: السياسة العامة- تدابير وإجراءات تنظيمية". وتتضمن المسودة مقدّمة تشير إلى أن لبنان ليس بلد لجوء نهائي. رغم ذلك هو يستضيف مليون ونصف من الأخوة السوريين، الذين لجأوا من سوريا طلباً للأمن. وقد تعامل لبنان معهم من منطق الأخوة والواجب الإنساني، ومن مبدأ أنه عضو مؤسس في الجامعة العربية والأمم المتحدة ويلتزم بمبادئهما.

وتشير المسودة إلى أن مأساة اللاجئين السوريين تخطّت الإطار الإنساني، الذي قام لبنان بأكثر مما يحتمل تجاهه. وتلفت إلى أن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل هذه الأعباء وحده. بالتالي، هو بحاجة إلى مساعدة للتكامل بين التدخل الإغاثي والحاجة التنموية للدولة المضيفة، للوصول إلى حلّ شامل بعودة اللاجئين إلى بلادهم.

وتلحظ الورقة ضرورة القيام بخطوات تؤدي إلى تشجيع السوريين للعودة إلى بلادهم، مع التزام مبدأ عدم الإعادة القسرية، بطريقة متطابقة مع القوانين الدولية. وهذه الخطة تقوم على أسس شاملة، أبرزها التأكيد على الرفض القاطع للتوطين، التأكيد على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد لأزمة النزوح، وهو الكفيل بالسماح للسوريين بالعودة إلى بلدهم، على دفعات ومراحل بالتعاون مع المنظمات الدولية لتنظيم هذه العودة وتوفير ظروفها، التاكيد على حماية البلد المضيف، إنطلاقاً من مبدأ تقاسم المسؤوليات، وتقديم المساعدات المباشرة للسلطات الرسمية اللبنانية وللمؤسسات العامة والبلديات، كشرط للسماح بدخول المساعدات إلى السوريين، على قاعدة التساوي.

وتؤكد الورقة على ضرورة دعم الأجهزة الامنية والعسكرية للقيام بمهماتها بحماية السلم الأهلي، ومساعدة المجتمع الدولي للبنان، لعدم حصول أي ارتدادات سلبية لهذا الموضوع، خصوصاً أن لبنان غير قادر على تحمّل العبء الديمغرافي، والعمل على إعداد وتنفيذ مخطط توجيهي، لاحتياجات لبنان من البنى التحتية، في المناطق التي ترزح تحت عبء النزوج، مع التأكيد على الحق بالحصول على المساعدات من العالم العربي والمجتمع الدولي.

كذلك سيستمر إقفال المعابر الحدودية مع سوريا أمام الدخول الجماعي، وحصر الدخول الفردي بالحالات الإنسانية، الامتناع عن اعتبار السوريين المتنقلين عبر الحدود نازحين، إلزام جميع السوريين بتسجيل أسمائهم وأسماء عائلاتهم لدى الأمن العام، لتحديد الآليات التي تحصر عمليات الإغاثة بالمستحقين، والتشدد في تطبيق العقوبات بحق المخالفين، فيما تقوم وزارة الداخلية باقتراح تدبير لمعالجة وضع السوريين الذين دخلوا خلسة إلى لبنان، أو الذين فقدوا أوراقهم الثبوتية.

ولكن، إلى جانب النقطة الإشكالية بشأن تسجيل الولادات لعدم الوصول إلى أطفال مكتومي القيد، والتي سيتم حلّها من خلال قرار في مجلس الوزراء أو مجلس النواب لتعديل قانون الاحوال الشخصية للسماح بتسجيل الأطفال حديثي الولادة، فهناك نقطة إشكالية أخرى، تتلخص بمطالبة البعض بإرسال المحكومين أو السجناء إلى سوريا، بسبب الاكتظاظ في السجون، وهناك فريق يعترض على ذلك، ويستند إلى القوانين الدولية، التي لا تسمح بتسليم أي مرتكب لجرم إلى بلاده إذا ما كانت في حالة حرب. وتلفت المصادر إلى أن هذه الفقرة سيتم تعديلها لعدم تسليم هؤلاء إلى النظام.

* المصدر: المدن

تعليقات: