حول فكرة اقامة دوله للدروز


قد يسأل ألقارئ: أمن دافع لنشر هذه الماده؟!

الجواب ليس بنعم أم لا, بل القصد من نشر الماده اطلاع القارئ على ما دار من وراء الكواليس في النصف الاول والثاني من القرن الماضي ,ولفهم بعض الاحداث حتى بعد مضي الوقت عليها. هذه الماده نشرت في كتاب(سدر النحاس) [للكاتب شمعون افيفي وبعضها نشر في ملحق صحيفة(هارتس),15/10/2010 . وعليه رأيت من المناسب أن أنشرها للقارئ العربي وأعتذر سلفا لمن يشعر بالاساء لأني أقصد فقط نشر الحقيقه كما وردت.

*

الحديث يدور عشية اقامة “دولة اسرائيل”, حيث ان احد البارزين في القياده اليهوديه آنذاك (يغئال الون) كان قد خدم مع القوات الانجليزيه التي احتلت سوريا ولبنان عام 1941, تعرف على المناطق المختلفه وعلى بنيتها الطائفيه (سنه,نصارى,دروز,علويين وبدو) حيث بدأ بالتحضير لخطه عرفت فيما بعد على اسمه (خطة الون) التي تقضي باقامة دوله للدروز في المنطقه, عاصمتها مدينة السويداء في جبل العرب والمتاخمه لشرقي الاردن , على ان تعقد هذه الدوله اتفاق صلح مع “دولة اسرائيل” العتيده على ان تجري بعض التعديلات على الحدود الاسرائيليه, اللبنانيه والسوريه.

طرحت هذه الفكره عشية اقامة “دولة اسرائيل”, حيث ان بعض القاده اليهود استبعدوا امكانية احتلال منطقة الجليل, وعليه اقترح اقامة منطقة حكم ذاتي للدروز حيث تم اعلام بعض الشخصيات الدرزيه في بلادنا,لكنها رفضت على يد الاكثريه منهم ومن ثم رفضت على يد رئيس حكومة “اسرائيل” ووزير خارجيته آنذاك, وبعد اتمام احتلال منطقة الجليل (تشرين اول 1948) (عملية حيرام) اهملت الفكره نهائيا.

*

بعد حرب حزيران 1967 , بدأ الساسه الاسرائيليون بالتفكير في مستقبل الضفه الغربيه واعيد التفكير باقامة دولة الدروز في هضبة الجولان. حيث لاقت الدعم من المرحوم الشيخ جبر معدي والذي حظي بالتصفيق الحاد في نادي البستان في تل ابيب (جريدة هارتس,10/67), بالاضافه الى دعمها الاعمى من قبل ييغال ألون وآخرون رغم رفضها من قبل القيادات الدرزيه في اسرائيل.

للمزيد من المعلومات حول هذه الفكره يمكن الاستفاده مما قاله السيد طاهر كمال ابو صالح ابن قرية مجدل شمس والذي قال عن لسان والده الشيخ كمال كنج ابو صالح الذي ادخل سر الخطه ويقال انه افشلها فيما بعد, بعد ا ن اباح بها للاستخبارات السوريه.

الشيخ كمال كان زعيما للطائفه الدرزيه في الجولان وبقي في قريته بعد حرب حزيران 67 (درس الحقوق في المدرسه الانجليزيه في القدس والكليه العربيه في بيروت ومن ثم جامعة دمشق) خدم في الجيش السوري ووصل الى رتبة عقيد وانتخب عضوآ في البرلمان السوري سنة 1952.

قبل اندلاع الحرب رجع الى قريته المجدل وبعد ان سكتت اصوات المدافع زارته شخصيات مرموقه اسرائيليه (يغئال الون/موشة ديان / غولدة مئير/ميناحم بيغن وآخرون وعن لسان ابنه يقول انهم عملوا على اقناعه انه آن الاوان لاخراج فكرة دولة الدروز الى حيز التنفيذ. وانها ستضم ايضا دروز الكرمل والجليل.اما الاسرائيليون من اقامة هذه الدوله زيادة الشرخ بين الطوائف المختلفه في سوريا ولبنان وانه بعد اقامة الدوله الدرزيه ستحصل انقسامات ونزاعات على ارضيه طائفيه قد تخدم مصلحة اسرائيل.

الشيخ كمال لم يقبل الفكره وبصفته احد الرموز الوطنيه في الهضبه قال للاسرائيليين انه سيفحص الموضوع مع شخصيات درزيه في سوريا ولبنان. ومن ثم اقترح عليه ان يسافر الى ايطاليا سرا لمقابلة هذه الشخصيات. حيث اصطحبه ضابط استخبارات اسرائيلي ليرافقه ويحرس على ان لا يبوح باسرار الفكره لرجال الاستخبارات السوريه. وحدث عكس ذلك بالضبط حيث استغل لحظة عدم تواجد المرافق الاسرائيلي واباح بالفكره للسوريين.

ومن ثم اعتقل في ايار 1971 على ايدي السلطات الاسرائيليه ونسبت اليه عدة اتهامات:زيارة دمشق والاجتماع بشخصيات مخابرات سوريه, استضافة رجالات استخبارات سوريين في بيته واستلام وثائق سريه من اخيه الجنرال نور الدين ابو صالح المقيم في سوريا.

الشيخ كمال انكر التهم الموجهه اليه وحكم عليه بالسجن 25 عام, لكنه اطلق سراحه في حزيران 1973 بموجب اتفاق تبادل اسرى بين سوريا واسرائيل.

ومن ثم غدا احد الشخصيات المعارضه لقانون الجنسيه الاسرائيليه واعتقل اكثر من مره الى ان توفي عام 1983(رحمه الله).

بقي ان اقول ان الفكره والتي روجت اكثر من مره من جهة بعض القاده الاسرائيليين بعيده كل البعد عن تاريخ هذه الطائفه التي تعتبر نفسها جزء لا يتجزأ من الوطن العربي والطموحات القوميه العربيه.

وفي نفس الوقت يعرف عن الدروز انهم موالون للدوله التي يقطنون فيها ولا يملكون تطلعات وطموحات طائفيه ضيقه فهم اهل عطاء وبناء واجتمع فيهم مجد السيف والقلم.وعشاق حريه وغدوا طوالع كرامه ونزاع تحرر.

* فواز حسين,حرفيش 2011

تعليقات: