شغب مباراة النجمة - الأنصار.. انهيار قيم ومذهبيّة مقزّزة!


اتجهت الأنظار إلى ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية لمتابعة الـ"دربي" بين #النجمة و#الأنصار، في ختام مباريات المرحلة الثالثة من #الدوري_اللبناني الـ58 في كرة القدم. ولكنَّ الخماسية الخضراء كانت كفيلةً بتأجيج نفوس ما يقرب من 15 ألف متفرج. الفوضى والفلتان الأمني، على حساب هيبة الدولة، واضح أنهما باتا ثقافة مجتمع، إذ أثبت بعض اللبنانيين من جديد ضربهم القيم الأخلاقية والروح الرياضية عرض الحائط، بعدما شهدت المباراة هتافات طالت رموزاً دينية تلاها تكسير لمقاعد المدرّجات ورميها إلى الملعب، ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، فيما امتدت الخلافات إلى خارج الملعب.

لم يدرك المشاركون في أعمال الشغب في المدينة الرياضية أنَّ حجم الدمار الذي تسببوا به مصدرهم جيوبهم، وتعويضات تصليح ما أقدمت على فعله أيديهم من جيوبهم أيضاً. هي ليست المرة الأولى تشهد فيها المدينة الرياضية أحداثاً مماثلة في لقاء النجمة والأنصار في السنوات الماضية وعلى إثرها حُرمَ الجمهور دخول الملعب. بعد حادث أمس لم تبدأ رئاسة مجلس إدارة مدينة كميل شمعون الرياضية بإحصاء الأضرار المادّية، ولكنَّ الضرر المعنوي وصورة لبنان أمام الاتحادات الدولية انكسرت وأهينت، لا لشيء سوى لأنَّ شباناً قرّروا تبادل الشتائم ولم يقبلوا بالخسارة.

هذا الشحن الطائفي والمذهبي والسياسي بلغ أوجه في السنوات الماضية، وصحيح أنه لم يتبلور في حرب أهلية عسكرية، بل معنوية تتكرس يومياً وبطريقة غير مباشرة، في أحاديثنا وتعاطينا مع الملفات الحياتية. نسألكم يا أيها "المخربون" لمَ توجهون ثورتكم وغضبكم إلى الأماكن الخطأ، هل تظاهرتم في الساحات العامّة رفضاً للضرائب أو التمديد، هل جلتُم الشوارع مطالبين بأبسط حقوقكم اليومية من كهرباء ومياه وتعليم وطبابة. لمَ تفرغون جامَّ غضبكم في مباراة رياضية؟ هذا الغضب المتفشي في النفوس الذي يزداد يوماً بعد يوم لأسباب مختلفة ينشر الخوف والقلق هنا وهناك، منذراً بانفجار قريب.

هذا ليس رأياً شخصياً فقط، إذ أجمعَ لبنانيون عبر تغريداتهم على "تويتر" على أنَّ ما جرى شائن، وأنْ لا ملاعب ولا مدينة رياضية ولا رياضة حتى تليق بنا! وهذه التصرفات ما هي إلّا مؤشر ودليل على فقدان لبنانيين الأمل بالرياضة اللبنانية والبلد بشكل عام.

لمَ كلّ هذا العنف، نسأل رئيس دائرة العلوم الاجتماعية والإنتروبولوجيا في جامعة القديس يوسف، الدكتور ميشال عبس، فيجيب بأنَّ "المباريات والفرق الرياضية بات لها رمز سياسي ومذهبي، ومن المعلوم أنّ كل فريق يمثّل فئة. لقد أضاع الشعب البوصلة، وهو يرى نفسه من خلال مرآة مكسرة، ولم يعُد يعرف من هم خصومه، ولا يفرغُ طاقته في المكان المناسب عبر الحركات المطلبية لتحسين حياته من الطرق والمناخ والبيئة والتعليم وغيرها".

ويضيف: "نحن شعب انفعالي لا يضبط مشاعره، وفي الانتخابات حيث يمكنه قلبُ المعادلات لا يتغيَّر أي شيء. لذلك، نحتاج إلى تعزيز الوعي السياسي الاجتماعي لتأطير ردّ الفعل ضمن القالب المناسب، وهذا لا يعود إلى الفرد بل إلى المجموعة التي لم تبنِ أطراً مناسبة للنضال الشعبي. فالشحن الطائفي والمذهبي هو القاعدة الذهبية ليحافظ الإقطاع السياسي القديم والمستجدّ على مكتسباته المالية والسلطوية – السياسية. في الحرب كنا نمتلك عنصراً هامّاً هو الأمل بالمستقبل وعودة لبنان أفضل ما يمكن، انتهت الحرب والأمل لم يتحقق ووقع الشعب في خيبة وإحباط متنفسهما عبر العنف".








تعليقات: