عبد العال: لا يمكن للتاريخ أن يدفن رواية الضحية

الرفيق مروان عبد العال، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان
الرفيق مروان عبد العال، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان


في مقابلة مع الرفيق مروان عبد العال، مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان، أجرتها إذاعة (صوت الشعب اللبنانية)، بمناسبة ذكرى مرور 35 عامًا على مجزرة صبرا وشاتيلا، لبرنامج رأي في السياسة، جاء فيها: كيف ننسى ومن لا يتذكر مجزرة العصر؟

متابعًا: إن التاريخ لا يموت ولا يمكن دفنه أبدًا مهما حاول أعداء الحق والحقيقة والتاريخ، حيث لا يمكن طمس معالم الذكرى، لكنه تساءل حول ما بعد تلك السنوات التي مرت عن إن كانت ثقافة المجزرة قد انتهت، وحول التباهي بممارسة القتل بصور مختلفة ومتعددة، مجيبًا بوضوح: إن القاتل لا يزال طليقًا، وقد ارتكب قبلها وبعدها عدة مجازر شبيهة بمجزرة بصبرا وشاتيلا،

مؤكدًا إن الذي استهدف من المجزرة أولًا هو المخيم، لأنه شكل حينها رحم المقاومة، والكائن المعنوي الذي يحتضنها، وهذا لا يزال مستمراً بأشكال أخرى ووسائل أخرى، وثانيًل لقد استهدفت الإرادة الشعبية لكسر إرادة المقاومة، وسلخها عن مجتمعها بطريقة وحشية ومرعبة، والتي ردت عليها القوى الثورية يومها بانطلاقة المقاومة الوطنية اللبنانية التي حررت بيروت والجبل، وأسقطت اتفاق الذل 17 أيار، واستمرت حتى التحرير والنصر الأخير.

مضيفًا، تستمر ذهنية القتل عندما يسمح للقاتل الذي هو ليس مجرمًا فردًا بعينه، بل كيان مجرم بأدواته الفاشية المحلية أدمنت البشاعة إلى حد وصف شارون له بالعمل الجيد والرائع، وكذلك من يعزز بطريقة عنصرية مسألة الإفلات من العقاب، فمن يصمت أو يتغاضى عن موتنا يغتال بشكل مباشر فضيلة العدالة، ويعزز ثقافة الغاب، ويعيد العالم إلى ما قبل المدنية.

صبرا وشاتيلا هي رواية الضحية، هي القضية رقم (3500) شهيد ذبحوا في ليلة ونصف، أو أكثر، وهناك من يقوم بالتطبيع الثقافي السافر، أوالفني من خلال إنتاج أفلام سينما إلى عزف موسيقى مع القاتل، من المغرب حتى لبنان. هذا الأمر نشاز يهدف إلى غسل دماغ، من أجل تبني رواية العدو الصهيوني، لذلك فإن وظيفة المثقف أن يدعم الرواية الحقيقية، ويبني مشروعًا ثقافيًّا تحرريًا مقاومًا، ولا يتساوق مع الإنهزامية السياسية، بل ينتقدها ويقاوم الجلاد بالعزل والمقاطعة والتعرية.

وحول ذكرى 24 للتوقيع على اتفاق أوسلو، قال عبد العال: إن أوسلو ليس تفاهمات ولا اتفاقًا، بل كارثة وطنية أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك، إنه مشروع نقيض للمشروع الوطني الفلسطيني، ولا يمكن السير بالمشروعين معاً، ونتائجه وتداعياته ملموسة ومعاشة ومعروفه عند كل فلسطيني، وقد جرى تفكيك شامل لعملية الصراع، ما أدى إلى انسلاخ الوطنية عن مرجعياتها القومية، واستبدالها بمرجعيات أخرى دولية لديها مشاريعها الداعمة للكيان الصهيوني، وأنتج طبقة فلسطينية تحتكر التقرير السياسي بالباطن استناداً إلى مصالح سلطوية، ما أحدث انشقاقاً فظيعاً في بنية المجتمع الفلسطيني، وأدى إلى تجزئة القضية الفلسطينية إلى مجتمعات وملفات منفصلة، وتحت مظلة أوسلو جرى بناء الجدار العنصري، وزرع المستوطنات وانتشارها الأخطبوطي، وحصارغزة، وخنق القدس، وسن العنصرية كقوانين دولة على شعبنا في مناطق 1948، وعموم الشعب الفلسطيني بما فيها تشتيت الشتات، ونفي اللاجئين من المعادلة.

وحول جلسة الأمم المتحدة والخطاب الموعود للرئيس أبي مازن، قال إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مازالت تتمسك بأولوية بناء المشروع الوطني الذي دمره مشروع أوسلو، وما نتح عنه من خراب وطني، والمدخل لذلك مراجعة جريئة وموضوعية للمسيرة السياسية، وما أفضت إليه من نتائج، واستعادة المعادلة الصحيحة النقيضة للمعادلة الأمنية والاقتصادية والسياسية في التعاطي مع الاحتلال، بل بمعادلة تحررية وطنية مقاومة،لأن الذي يخطط هو تعميم أوسلو إلى صفقة تاريخية وإقليمية كبرى.

أما عن علاقات حماس ومصر قال: إن أي تطور إيجابي للعلاقات مع الشقيقة مصر سيعكس نفسه على الكل الوطني، وخاصة إذا حقق تقدمًا عمليًّا ملموسًا لإنهاء الانقسام فهو موضوع مرحب به، كما إنهاء للخطوات المنفردة، كاللجنة الإدارية أوالإجراءات العقابية للسلطة، كل خطوة نحو الكل الوطني هي حكمًا بالاتجاه الصحيح، والأهم هو الشروع ببناء منظمة التحرير الفلسطينية من خلال عقد مجلس وطني فلسطيني توحيدي، كمرجع للمصالحة الوطنية الشاملة، وحتى يكون كذلك، يجب استيفاء الشروط السياسية والجيو- بولتيكية، لكن الاكتفاء بالاتهامات أو بالإشادة بالوحدة، وتكرار المكرر بممارسات عملية منفردة ، سيجعل من المصالحة هدفًا مستحيلًا ، وهذا بصراحة سيخدم المسار السياسي المميت الذي تحاول إدارة ترامب تصميمه للقضية الفلسطينية.

* المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بيروت، لبنان.

تعليقات: