الليرة اللبنانية على شفير أزمة؟


يعيش لبنان في ظلّ أزمة مالية قد تتحوّل إلى أزمة مستفحلة تنسحب تداعياتها على سعر صرف الليرة اللبنانية وعلى القطاع المصرفي. ما لم تنفّذ السلطات اجراءات ملائمة ومحدّدة.

تعود أسباب الأزمة إلى السياسة الي انتهجها مصرف لبنان المركزي منذ زمن طويل والقائمة على دفع أسعار فائدة سخية للمصارف، مقابل ودائعها بالدولار الأميركي لديه، والتي تجاوزت بحدّ كبير أسعار الفائدة العالمية التي يتقاضاها نفسه مقابل إيداع هذه المبالغ.

هذه النتيجة خلص إليها الخبير الإقتصادي الدكتور توفيق كسبار في ورقة اقتصادية نشرتها مؤسسة بيت المستقبل ضمن سلسلة أوراق سياسية واقتصادية واجتماعية حملت عنوان "الأزمة المالية في لبنان".

ووفق كسبار فإن سياسة مصرف لبنان تلك، أدت إلى تكبده خسائر كبيرة منذ مطلع القرن الجاري، "وتعود أسباب الأزمة أيضاً إلى ارتفاع العجز المالي والدين العام الناجمين عن الإنفاق الحكومي غير المقيّد على بنود النفقات الجارية (الفائدة على الدين العام، الأجور، وتحويلات مختلفة) وليس على المشاريع الإنتاجية".

ومن أهم ما ترتّب على سياسة مصرف لبنان، وفق كسبار، تحوّل صافي الاحتياط النقدي إلى سالب، إذ تجاوزت التزامات مصرف لبنان أصوله بالعملات الأجنبية، إضافةً إلى حاجته المستمرة إلى ودائع بالدولار التي تسبّبت بدورها بزيادةً مستمرة في سعر الفائدة.

الهندسة المالیة

في الواقع، أدت عملیة الهندسة المالیة التي قام بها مصرف لبنان في صیف عام 2016، إلی رفع ودائع المصارف بالدولار الأميركي لديه بنحو 5 ملیار دولار. وبالتوازي مع ذلك، دفع مصرف لبنان إلى المصارف المبلغ نفسه على شكل "عمولات"، ولكن بالليرة اللبنانية.

وکما أکّد أحد تقارير صندوق النقد الدولي، فإن المبلغ الذي دفعه مصرف لبنان یعادل مساهمته في رأسمال المصارف من دون أن يكون له في المقابل أي حصة في رساميلها.

ولا نبالغ إذ نقول إن تأثر سياسة مصرف لبنان على المصارف اللبنانية كان أكثر خطورة مما نظن، فنحو 60% من إجمالي أصول المصارف هي اليوم ائتمان للقطاع العام. ويؤثر ذلك سلباً على الوضع المالي للمصارف، إذ أصبح مرتبطاً بالوضع المالي الضعيف للقطاع العام. فبنية الجهاز المصرفي هذه تعني أيضاً أن المصارف لم تعد تؤدي دور الوسيط في النشاط الاقتصادي في لبنان، علماً أن الوساطة المالية مع القطاع الخاص هي، من حيث المبدأ، وظيفتها الرئيسة.

عوامل إضافية

ثمة عوامل إضافية تضغط على الوضع المالي الراهن في لبنان، منها تزايد الارتفاع في العجز المالي والدين العام، تزايد حاجة مصرف لبنان إلى أموال بالدولار الأميركي وتزايد محتمل في أسعار الفائدة العالمية.

اقتراحات حلول

لاحتواء الوضع الذي نتج عن هذه الأزمة، يقترح كسبار اتخاذ تدبيرين محدّدين يحتاج تنفيذهما إلى اتفاق مسبق وحازم بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء. يقتضي الإجراء الأول إعلان مجلس الوزراء نيته خفض العجز المالي خلال سنوات عدة، والبدء مثلاً بتحديد هدف خفضه إلى 4 مليار دولار عام 2018. ومن شأن ذلك أن يمنح الأسواق المحلية والدولية الثقة بمستقبل الوضع المالي في لبنان.

أما الإجراء الثاني، فيتمثل في الدعوة إلى مساءلة سياسة مصرف لبنان، على النحو الذي يقتضيه القانون، لاسيّما سياسته لسعر الفائدة.

* المصدر: المدن

تعليقات: